01/11/2009 - 15:51

92 عاما على وعد بلفور ..والبحث المتواصل عن صك البراءة/نزار السهلي

92 عاما على وعد بلفور ..والبحث المتواصل عن صك البراءة/نزار السهلي
استطاعت الحركة الصهيونية عبر مؤسسها النمساوي اليهودي تيودور هرتزل , أن تنشئ الأسس العملية لأهم الكوارث في القرن العشرين من خلال عمل زعماء الحركة الصهيونية الترويج لفكرة ومقولة " ارض بلا شعب لشعب بلا ارض " , مستفيدةً آنذاك من الأوضاع الاستعمارية التي عاشتها البلدان العربية نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, مع التآمر الدولي الذي أفضى إلى تفاهمات الدولتين الاستعماريتين بريطانيا وفرنسا عبر ممثليهم في المنطقة فرانسوا بيكو ومارك سايكس, لتخرج إلى العلن اتفاقية حملت اسميهما لتضع مشرطها في الجغرافية العربية الذي جزئها إلى دويلات استعمارية تتبع فرنسا وبريطانيا.

كانت فلسطين في التفاهمات الاستعمارية تهيأ لها الظروف فيما بعد لغرس العازل الصهيوني في المنطقة, ولمنع قيام كيان عربي متحد, استطاعت الحركة الصهيونية فيما بعد أن تجد من يتبنى مشروعها من الدول الاستعمارية ليخرج مشروعها من الحلم إلى الواقع من خلال الجهود المثيرة " للصهيوني " البريطاني " ناحوم سوكولوف " ممثل المنظمة الصهيونية العالمية في بريطانيا, الذي جاء إليها في العام 1914 لتولي عمل المنظمة مع "حاييم وايزمان " رئيس الاتحاد الصهيوني البريطاني , وتحمس بريطانيا للأفكار الصهيونية التي تخدم مشروعها الاستعماري في المنطقة مع بداية الحرب العالمية الثانية, كثفت الحركة الصهيوني اتصالاتها مع مراكز صنع القرار في لندن التي شملت الوزير آرثر بلفور مع حاييم وايزمان ولويد جورج وهربرت صموئيل.

كثف زعماء الحركة الصهيونية اتصالاتهم في الفترة التي سبقت إخراج اتفاقية سايكس – بيكو إلى العلن لكسب أنصار جدد لمشروعهم الذي غلف بالغموض بعدم الإشارة إلى الدولة اليهودية مع الوزراء البريطانيين. ساهم هذا الغموض بتبني المشروع الصهيوني في فلسطين اثر تشكيل حكومة لويد جورج وتولي آرثر بلفور وزارة الخارجية مما أعطى الحركة الصهيونية دفعة قوية للأمام, ومراقبة سير المعارك في الحرب العالمية الأولى نهاية العام 1916 وميل كفة الحرب نحو ألمانيا والنمسا وتركيا تقدم زعماء الحركة الصهيونية بوعد مفاده انه إذا اخذ الحلفاء على عاتقهم تسهيل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين فإنهم أي زعماء الحركة الصهيونية سيعملون كل ما في وسعهم لإيقاظ عاطفة اليهود في كل أنحاء العالم وحشد طاقاتهم لمساندة الحلفاء.

إذاً جاء وعد الحركة الصهيونية مع تشكيل حكومة لويد جورج متناسبا مع نفوذ الحركة الصهيونية, وتوجيهاتها التي ساعدت على إثمار المشروع الصهيوني وصياغة مطالبه التي قدمت إلى بلفور لصياغتها كمطلب صهيوني للاستحواذ على " البراءة الدولية " للمشرع الصهيوني في فلسطين الذي حمل اسم اللورد بلفور على هيئة وعد مقدم إلى زعماء الحركة الصهيونية, روتشيلد و وايزمان وسوكولوف, قدم في الثاني من تشرين الثاني العام 1917 أعطي من لا يملك وعدا لمن لا يستحق معتمداً على أفكار الحركة الصهيونية وعلى خرافة الوعي القومي العميق عند اليهود في إنهم " احد الأجناس التاريخية العظيمة في العالم " إلى " شعب الله المختار ".

سهلت بريطانيا وصول المهاجرين اليهود إلى فلسطين واستيطانهم قبل وبعد الانتداب عليها في مؤتمر سان ريمو في العام 1920 وإقامة معسكرات التدريب والإمداد بالسلاح والمعدات مترافق مع منع السكان الأصليين من الاستحواذ على أية وسيلة دفاعية او هجومية تمكنهم من التصدي للعصابات الصهيونية , التي أخذت تسلب الأرض شيئا فشيئا , وتنفذ الجرائم والمذابح , لترويع وطرد الشعب الفلسطيني وصولا الجريمة الكبرى المتمثلة في نكبة الشعب الفلسطيني مع إعلان " قيام إسرائيل " في العام 1948 وطرد وتشريد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم وسلب أرضهم , ومع نجاح الحركة الصهيونية في تنفيذ مآربها في السيطرة الاستيطانية الاحتلالية في المنطقة كذراع استعمارية عازلة في المنطقة العربية ضد أي تقارب جغرافي عربي لم تنجح في موازاة ذلك أن تستحوذ على " صك البراءة " الدولي من الجرائم التي اقترفتها ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.

بعد أكثر من ستة عقود على جريمتها في نكبة الشعب الفلسطيني وبعد أكثر من تسعة عقود على الوعد الخرافي وقرن من الزمن لمقولة " ارض بلا شعب لشعب بلا ارض " , يقاوم الفلسطينيون المشروع الصهيوني من وعد بلفور الى وعود بوش الأب و كلينتون وبوش الابن و اوباما التي تفضي جميعها إلى أن يتخلى الشعب الفلسطيني عن حقه التاريخي في أرضه.
لم تفلح ولن تنجح كل محاولات سلب التاريخ والجغرافية أن تمنح المحتل ومن يدعمه وسانده في تنفيذ جرائمه صك البراءة الذي ينشده مع سعيه الحثيث لإخفاء جرائمه ومواصلة عدوانه على الشعب الفلسطيني قتلا واستيطانا وسلبا للأرض و وحصارا لأي نهوض وطني يرسم الهوية التاريخية للشعب الفلسطيني فوق أرضه .

التعليقات