08/11/2009 - 17:21

نقابة الطلاب العامة : حلبة أخرى لمحاربة الصهيونية بسلاحها / طارق خطيب*

نقابة الطلاب العامة : حلبة أخرى لمحاربة الصهيونية بسلاحها / طارق خطيب*
الان، ونحن نطرق ابواب السنة الدراسية الجامعية الحالية، ومع اقتراب انتخابات نقابة الطلاب العامة، تسمع اصوات من مجموعة من طلابنا في جامعة حيفا وفي جامعات اخرى – كما اقدّر- تنادي بمقاطعة الانتخابات. وان عزونا هذا التوجه لسبب او لبعض منها نقول في هذا السياق انه - ومن قبل المسببات وراء علو هذا الصوت في السنة الاخيرة – كانت ولا زالت حركتا ابناء البلد واقرأ مقاطعتين للانتخابات على مدار السنين السابقة، مع اهمية التوضيح للفرق بين مقاطعة انتخابات النقابة – بعدم الترشح لها- وبين مقاطعة النقابة بمعنى مقاطعة العضوية فيها؛ مرجئتين ذلك الى دعم النقابة للجنود ماديا ومعنويا، والى ممارستها العنصرية وتهميش الطلاب العرب على الاصعدة باختلافها، مع شديد الاحترام لهذا الرأي.
اما عن السبب المؤجج لهذا الصوت في هذه السنة، وبدون الحاجة لجهد من البحث والتنقيب، فانها الحرب على غزة، التي لا داعي في رفارف هذه المقالة، ان اذكر ارهاصاتها السياسية والانسانية على ابناء شعبنا في القطاع الصامد، ولا عن الحراك السياسي والعاطفي لنا هنا في الداخل الفلسطيني المترتب عنها.الا انه لا بد لي ان اذكر انتفاضة الطلاب العرب في كل الجامعات على اثر العدوان، وبالتحديد في جامعة حيفا، حيث توافدت القطعان الكثيفة المدججة بالسلاح والعنصرية، المؤسسة على غباء صهيوني باحتقار العربي، من وحدات الشرطة المتنوعة، كمحاولة لترهيب الطلاب ولفك الاعتصام والاضراب الذي وحد صفوف الحركات السياسية والوطنية، بدعوة من الاتحاد القطري للجامعيين العرب.فكان لهذا الاعتصام الاثر الاكبر على نفوس الطلاب العرب، الذين استفزتهم حالة شعبنا في القطاع، بقدر ما استفزتهم الحالة الغوغائية الهستيرية للحزب المسيطر على نقابة الطلاب الذي تظاهر اعضائه قبالة الطلاب العرب بالمقابل، ونشدوا من اغانيهم العنصرية المستفزة ما نشدوا، اضافة الى بعض الطلاب اليمينيين والعنصرين الذين انضموا لهم، وقد خلص هذا اليوم الى اعتقال 12 طالبا والى اصابة البعض وكسر البعض الاخر واعتقال الامين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي.

يدخل التجمع الطلابي غمار المعركة الانتخابية لنقابة الطلاب منذ اربع سنين، بعد دراسة ومعالجة بالمستوى المطلوب واللائق، يتخذه التجمع نهجا في كل حالة يحاول فيها ان يمشي بثقة على صراط دقيق جدا، يحفظ فيه نفسه من السقوط في غلو الاسرلة والاندماج في الدولة، ويدير فيها ازمة تناقض جديدة تلحق سابقاتها اللاتي عرفنا كيف نخوضها من تجارب سياسية او غير سياسية نترجم فيها مواطنتنا الى "مواطنة كاملة" ملحوقة ومبوصلة حسب "الهوية القومية" التي تلغي في مواطنتنا ما يتناقض معها تباعا، وباختصار : هذا هو نهج التجمع باختصار! فهكذا، قرر التجمع دخول الكنيست رغم ادراكه التام للحالة المتناقضة بين كوننا عربا فلسطينيين وبين كوننا مواطنين في اسرائيل، ويبقى الفرق بينه وبين الاحزاب الاخرى انه الوحيد الذي استطاع ان يصوغ معادلة الديمقراطية بشكل يفضح الديمقراطية الاسرائيلية، ويرفض أي تهويد ابتداء من الدولة وانتهاء باللافتات، وبشكل عملي يحافظ على هويتنا القومية وفلسطينيتنا، محاربا المؤسسة الاسرائيلية بسلاحها، وصوتا عاليا في الموقف السياسي الوطني الحر، وعملا دؤوبا في تحصيل الحقوق لاقليتنا المواطنة فرضًا.

وبتصغير غير مبتذل للمؤسسات في حالتنا هذه، قرر التجمع الطلابي دخول المعترك الانتخابي في نقابة الطلاب، كما دخل التجمع الوطني الديمقراطي انتخابات البرلمان، علما انه في حالة التجمع الطلابي تكون الفرصة اكبر لاعلاء الصوت الوطني ولتحصيل الحقوق المطلوبة للطلاب العرب لاسباب عدة، وان تشابهت ممارسات المؤسستين، نذكر من بينها ان نقابة الطلاب لا تعرف نفسها صهيونية او يهودية كما الدولة او توابعها، كما وان الحركات اليهودية المسيطرة على النقابة ليست احزابا مؤدلجة، بل مجموعات تنجرف في خطابها السياسي مع التيار المسيطر عموما(لنراجع تاريخ نهج وتصرفات النقابة قبل عدة سنوات مع الطلاب العرب –وقتئذ كان الخطاب السياسي المسيطر هو اليسار)، اضافة الى ان عدد اعضاء النقابة هو 40، من بينها في السنة الماضية حصد التجمع والجبهة 6 مقاعد، بالامكان رفعها الى 15 مقعدا على اقل تقدير بنسبة تصويت عالية(نسبة التصويت في اوساط الطلاب العرب لا تتجاوز 40%) من الطلاب العرب للحركات الطلابية العربية، تشكل معارضة فعالة اكثر من الحالية، وبالذات في هذه السنة -والتي اعتبرها فرصة ذهبية- التي تنشط فيها عدة حركات يهودية تتنافس فيما بينها في الانتخابات، ستتوزع فيما بينها وبيننا العضوية في مجلس النقابة بشكل لا يقبل التباين المسيطر بسيطرة محكمة لحركة، مما قد يعلي من قيمة هذه المعارضة من الناحية العددية المؤثرة ايجابا على عملها لاجل الطلاب العرب، ولمواجهة السياسة العنصرية والتهميش المألوفين المتاصعدين في عمل المجموعة المسيطرة على النقابة تجاهنا اذا ما استمر وجودها او ظهر بائتلاف لاحق. وفي هذا السياق نؤكد على انطلاقنا من منطلق تاطير الطلاب العرب على اساس قومي، لا على مصالح فردية او فئوية في صورته الاولى، وبهذا نكون قد اجبنا على استفسار زملائنا "العاذلين"، بادعاء اننا لا نقدم ولا نؤخر في وجودنا ان كان في البرلمان او في النقابة -في موضوعتنا هنا- فنقول: الا يكفينا ان نشكل بديلا ثالثا وحيدا في طرحه الوطني الواضح والحقوقي المنتزع نصوت له بمكان الابقاء على خيارين اخرين لا يمتان لعروبتنا بصلة هما اليمين او اليسار الإسرائيلين؟!بالذات ان الطلاب جميعهم كما اثبتت الانتخابات السابقة، بوجودنا او عدمه، ذهبوا الى صناديق الاقتراع، وكانوا اعضاءا في النقابة، لا لقلة وطنية ندعيها، بل لتسهيلات مادية كثيرة وحقوق اخرى– ليست قصرا على الحقيبة او المفكرة كما ادعى البعض ولسنا بصدد عرضها هنا- من حقهم الحصول عليها بعضويتهم هذه لم نستطع ان نوفرها لهم كاحزاب خارج هذه النقابة؟!

اما في الصورة الثانية لمنطلق التاطير نفسه، فاننا لا نرى تناقضا بين دخولنا العمل النقابي وبين بنائنا او انتخابنا للجنة الطلاب العرب، او الاتحاد القطري للجامعين العرب، تماما كما لا نرى تناقضا في علمنا البرلماني كحزب وبين رؤيتنا الاستحداثية للجنة المتابعة، ولانتخابها انتخابا مباشرا من الاقلية العربية كهيئة تمثيلية لها: والتاريخ الصريح يشهد على ان التجمع احيى الاتحاد القطري بعد ان تراسه السنة الماضية بعد سنوات من هلاميته او اختفائه، حيث فعل هيئاته وعمل على برنامج خلال السنة الدراسية ،كان منها يوم الكوفية القطري، ومهرجان "الجرح مفتوح والحساب مفتوح" معترضا على اغلاق ملفات الشهداء، وهو الذي نظم الاضراب والاعتصام في السادس من كانون الثاني احتجاجا على العدوان على غزة.

وهنا نسأل اسئلة مهمة: ما هي اسباب المقاطعة؟ وهل تحقق المقاطعة اهدافها؟وهل تمنع الاخر من تحقيق اهدافه او برامجه؟وبالخلاصة:هل تحقق برنامجا سياسيا ومطلبيا؟
لقد جئنا على ذكر اسباب المقاطعة مستنبطين من ألسنة اصحابها ان النقابة تهمش الطلاب العرب وتميز ضدنا،وانها تدعم الجنود، وان الحزب المسيطر فيها تظاهر ضدنا وهذا قائم فعلا.لكن وبالمقابل، نقول ان الدولة اقرت العدوان على غزة، فهل نفتعل ترانسفيرًا سياسيًا ضد انفسنا ونخرج من الكنيست لنترك الساحة للصهيونية العارية دون طرح معارض للمعارضة والائتلاف هو الطرح الوطني السياسي والمطلبي؟ ونقول ايضا ان وزارة المعارف والمدارس وسلطة البريد ووزارة المواصلات تميز ضدنا، فهل نوقف تعليمنا او استعمالنا للبريد او او نتوقف عن العمل في هذه المؤسسات؟ وان قلنا ان لا بديل لهذه المؤسسات فنحن نتسائل :هل سنترك التعليم في جامعة حيفا لانها اضاءت عمارة"اشكول" على شكل العلم الاسرائيلي ونذهب للتعلم في جامعة بير زيت او النجاح (مع الاحترام للمؤسستين الوطنيتين طبعا)؟

يجب علينا الا ننسى ان النقابة هي مؤسسة من مؤسسات الجامعة، تماما كما هي مؤسسة مساكن الطلبة التي تعد من اكثر المؤسسات عنصرية، حيث تعطي للجنود افضلية للسكن اولا، وثانيا للسكن في المساكن المفتخرة او ذات المستوى الممتاز، وهي التي تصنف تقسيم الطلاب العرب في الطوابق السفلى والبعيدة، فهل نقاطع مساكن الطلبة ونبحث عن الشقق في اماكن اخرى لهذا السبب؟! وهل نقاطع النقابة لانها لا تكرس برنامجا يخص الطلاب العرب في يوم الطالب الذي تقيمه؟!العنصرية جزء عضوي وحيوي من حياة المؤسسات الاسرائيلية، فهل يكون الحل بمقاطعة هذه المؤسسات عوضا عن الخوض فيها وزعزعتها من الداخل والخارج؟

بشكل مبسط، نحن نؤكد على ان المشكلة الاساسية ليست في النقابة،بل على من يستولي عليها، والذي بالامكان عن طريق توسيع التمثيل العربي فيه يمكن الاطاحة بتوجهه العنصري.وللمقابلة، وفقط لاجلها، نقول ان في السنة الماضية كنا جميعا بما فينا من يدعو للمقاطعة، كنا اعضاء في النقابة، ولكننا تضامنا مع شعبنا في غزة ، وتضامن اعضاء صهاينة فيها مع زملائهم في جيش الاحتلال، فهل صحيح ان نقول ان نقول ان النقابة تظاهرت ضدنا؟؟!!

نحن في التجمع الطلابي الديمقراطي كنا جزءا واضحا ومؤثرا في قيادة الاضراب والاعتصام اثناء العدوان، واعتقل ثلاثة من رفاقنا من بينهم رئيس الاتحاد القطري،وكسر الرابع، واعتقل الامين العام لحزبنا، وفتح ملف للجنة الطاعة لاثنين من رفاقنا في الجامعة لم ينتهي حتى اليوم، وفقط قبل ايام اغلق ملف المحكمة، والى جانب نضالنا هذا، نرى في وجودنا القوي في النقابة حلبة اخرى لمحاربة الصهاينة فيها، ولتحصيل حقوق الطلاب العرب فيها على اساس قومي، بدأنا فيه قبل سنة بانتزاعنا لموقع مركز الاقلية العربية، بعد ان كان وعلى مدار السنين الماضية منصبا اسمه مركز الاقليات:المسلمون/المسيحيون/الدروز/ الاثيوبيون..الخ، وبعد ان ركزه يهودي روسي او اثيوبي طيلة تلك الفترة، وانتزعنا 20% من المنح للطلاب العرب من منح النقابة، غير التوزيعة النهائية للمنح الموزعة على اساس القدرات او الوضع الاقتصادي الاجتماعي، التي تتضمن فيما تتضمن جزءا اخر من الطلاب العرب الحاصلين عليها.

اذا قرر التجمع الطلابي الخروج من النقابة فعلى الاقل عليه انا يقر برنامجا سياسيا واضح المعالم غير مبني على ردات الفعل العاطفية –الشرعية طبعا- او غيرها:مشاركتنا او عدمها نستمدها من قدرتنا على العمل وكيفية التفيذ والتغيير في الحالة الطلابية السياسية وتجلياتها، كمشروع سياسي هو ابن للتجمع الوطني الديمقراطي. وثانيا عليه ان يصل الى المتسوى الذي يستطيع فيه توفير كل حاجيات الطالب العربي التي توفرها له نقابة الطلاب كقضية تصب في الجانب المطلبي–وهو يعمل جاهدا اليوم على خدمة الطالب. ولكن وفي الوضع الراهن، المطلوب وفقط هو شحذ روح التحدي وشد الهمم، لتوسيع التمثيل العربي في النقابة، لا الانسحاب منه دون خلق البدائل في المقابل الزمني المؤاتي؛ حتى نصبح قوة باستطاعتها تسييس المعركة بالدرجة المطلوبة وعلى القدر المطلوب: فعلى قدر اهل العزم تاتي العزائم!



* الامين العام لاتحاد الشباب الوطني الديمقراطي
كلية الحقوق والمحاماة
جامعة حيفا




التعليقات