09/02/2010 - 12:22

من إيران إلى ترسيم الحدود../ خالد خليل

من إيران إلى ترسيم الحدود../ خالد خليل
كلام الحرب في إسرائيل احتل الحيز الأكبر الأسبوع الأخير في الساحة الإعلامية، ليس فقط من خلال تصريحات دعائية كما هو الحال المتبع في الحرب النفسية الإسرائيلية الموجهة للمقاومة والشعوب العربية، وإنما من خلال المحاضرات المعدة سلفًا وتخصيصا لمؤتمر هرتسليا العاشر المعني بشؤون الأمن القومي والمناعة القومية وإعادة صياغة الاستراتيجيات الأمينة بما يتلاءم مع التحديات والمخاطر المفترضة أمام إسرائيل على مستوى „الأمن القومي”.

وكما يبدو فإنّ القيادات الإسرائيلية تختلف قراءاتها وتشخيصاتها لهذه „التحديات والمخاطر” وترتيبها في سلم الأولويات، ففي حين اعتبر نتنياهو الخطر الإيراني هو الأكبر وعنوان المرحلة الأهم، أكدّ باراك أن مسألة ترسيم الحدود مع الفلسطينيين هي أخطر ما يواجهه الأمن القومي الإسرائيلي على اعتبار أنها مرتبطة مباشرة ومن حيث الجوهر بيهودية الدولة، وأي تأخير بترسيم الحدود ضمن حل الدولتين سيؤدي إما إلى دولة ثنائية القومية، وهو أمر مرفوض إسرائيليا، أو إلى دولة ابرتهايد، وفي الحالتين يتعمق التناقض مع هدف الدولة اليهودية.

في نفس الوقت يعتقد باراك أن الجهود الإسرائيلية يجب أن تنصب على إجراء تسوية مع سورية في المرحلة الراهنة وتحييد هذه الأخيرة من محور التحالف مع إيران والمقاومة. ووفقًا للرؤية الأمنية التي يتبناها باراك فإنّ أي ضربة للمقاومة اللبنانية مهما كانت قوتها ليس بمقدورها إحداث التغيير المطلوب إسرائيليا ما لم يتم تحييد سورية خاصة أنها شريان الحياة للمقاومة سياسيًا وعسكريًا.

لذلك من الطبيعي أن يستنتج باراك احتمال وقوع حرب شاملة ما لم تتم التسوية مع سورية، وعندما يصدر هذا الاستنتاج عن باراك فهو حتمًا مبني على معطيات وحقائق ومنسجم مع رؤيته الأمنية، ومن الطبيعي أن نستنتج من وراء ذلك أن الموضوع لا يقتصر على احتمال نظري ولا هو مجرد وسيلة ضغط للردع والتخويف.

وإذا ما أضفنا إلى تصريحات باراك الإجراءات العملانية على مستوى الجيش الإسرائيلي والتحضيرات على أرض الواقع، علاوة على ما قاله رئيس الأركان هذا الأسبوع بشأن تحضير الجبهة الداخلية بسرعة، فإنّ رياح الحرب بدأت تغطي أجواء المنطقة.

من الواضح أن تيار باراك الذي يلتقي من حيث الجوهر مع تسيبي ليفني وأيضًا مع شاؤول موفاز، يدرك أنه لا يوجد وقت أكثر مواتاة من اللحظة الحالية لإنجاز تسوية مع الفلسطينيين يتم من خلالها ترسيم الحدود وإنجاز حل الدولتين، خاصة وأنّ القيادة الفلسطينية الحالية (فياض- عباس) هي قيادة غير متكررة على الساحة الفلسطينية ومنسجمة إلى حدٍ بعيد مع رؤية هذا التيار، يؤكد ذلك تصريحات أبو مازن عن رفض المقاومة المسلحة ومحاربة الإرهاب والعنف التي تندرج فقط في إطار التملق والواقعية السياسية.

يبدو أن التركيبة الحالية لحكومة إسرائيل غير مهيأة لتبني هذه الرؤية، بسبب اختلاف المنطلقات لمركباتها. ولكي ينجح التيار المذكور بإحراز تقدم في مسار التسوية ينبغي أولاً إقناع الحكومة الإسرائيلية بما يدعو إليه (وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً)، أو يسعى إلى إقناع كاديما بالانضمام إلى الائتلاف الحكومي – ليتسنى إحداث حراك سياسي ملائم لرؤيته. ومن الراجح أن نتنياهو لا يلغي إمكانية التعاطي مع هذا الخيار في إطار حكومة وحدة وطنية، خاصة وأنه خيار مرتبط بخطة تسديد ضربات قاضية للمقاومة في لبنان وفلسطين وربما لسورية في حال فشل التسوية معها، ويتناغم مع كلام الحرب الذي تطرب له آذان اليمين الإسرائيلي.

التعليقات