01/05/2010 - 18:18

التنظيم الجديد حدث تاريخي على المستوى الوطني والقومي../ خالد خليل

التنظيم الجديد حدث تاريخي على المستوى الوطني والقومي../ خالد خليل
الهيئة الوطنية الفلسطينية للدفاع عن الحقوق الثابتة والتي بادر إلى تشكيلها شخصيات فلسطينية بارزة، بدأت مؤخرًا بتنظيم نفسها كتنظيم سياسي واسع، وهي منشغلة حاليًا بالتحضير للبنى والبرنامج التنظيمي والسياسي، استعدادًا لمؤتمرها العام الأول المُزمَع عقده في حزيران القادم حسبما أعلن الدكتور عزمي بشارة، أحد المبادرين والمنظّرين لهذا التيار السياسي الجديد.

إذن هذه الهيئة على ما يبدو قررت أن تتحول إلى حزبٍ سياسي له رؤية واضحة وبرنامج واضح تحت عنوان الحفاظ على الثوابت والتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وكل عربي يمكنه الانضمام إلى صفوف هذا الحزب، إذا ما استوفى هذين الشرطين للعضوية، إضافة إلى الشروط التنظيمية والسياسية الأخرى والتي من ضمنها دعم المقاومة سياسيًا واعتبار الصهيونية حركة عنصرية مرفوضة وتشكّل بكل تجسيداتها الأيديولوجية والمادية خطرًا على المنطقة العربية وعلى الدول العربية كلها وليس خطرًا على الفلسطينيين فقط، كما جاء في بيان الهيئة.

ورغم إن الهيئة تعلن أنها خارج الصراع الفصائلي ولا تشكّل بديلاً عن الفصائل، ولا ترى ضرورة لإقامة فصائل مسلحة جديدة، وإنها تعمل على تنظيم المزاج السياسي الشعبي غير المؤطَر، وتدعو حتى المنتمين إلى الفصائل والأحزاب إلى الانضمام بصفة فردية إلى هذا التنظيم الجديد، رغم ذلك كله، فإنها حتمًا ستصطدم بقيادات فلسطينية وعربية لا تروق لها هذه الرؤية الواضحة والمتحيّزة للمقاومة ومواجهة المشروع الصهيوني، لا بل تتناقض معها سياسيًا وفكريًا ومصلحيًا.

وإذا كان التنظيم الجديد خارج الصراعات الفلسطينية بالمعنى التنظيمي والفصائلي كما أعلن د. بشارة، فإنه لن يكون كذلك بالمعنى السياسي، ولن يكون مفيدًا إن كان كذلك بالمعنى السياسي.

أهمية التنظيم الجديد تكمن بأنه تعبير عن نقطة تحوّل من حالة الممانعة السلبية المشتتة، إلى حالة التأطير وخلق مرجعية موحدة ومنظمة تنطلق من فلسطين لتمضي، إذا وفقت الجهود، نحو مشروع قومي نهضوي موحد.

بهذا المفهوم فإنّ ولادة هذا التنظيم الجديد بمثابة حدث تاريخي عظيم القيمة والأثر على المستوى الفلسطيني والقومي، ولا يجوز اعتباره مجرد نشاط تأليبي ضد الحالة السياسية الراهنة.

ولا شك أنّ قيمة هذه الخطوة تعززها أكثر طبيعة ونوعية ودور الشخصيات المرموقة والبارزة التي تقف وراءها على المستوى الفكري والسياسي والتنظيمي، فهذه الشخصيات بحد ذاتها تشكّل عامل جذب وتحفيز لمعظم الفئات والقطاعات الجماهيرية وبشكلٍ خاص للنخب المناضلة، التي زجتها حالة الركود والصراعات السياسية في قوقعة الاستنكاف واليأس أحيانًا لتعيش حالة من الضياع القاتل الذي يستحضر معه خيبات الأمل.

ولا شك أيضًا أن هذه الفكرة تحمل في طياتها كمّا لا بأس به من الإشكاليات التنظيمية والسياسية التي تستدعي الاجتهاد وإعمال الفكر حتى يتسنى تجاوزها، مثل إشكالية الازدواجية التنظيمية، وإشكالية الأدوات والبرامج النضالية في كل ساحة من الساحات التي سيعمل ضمنها التنظيم الجديد.

لكن من المفترض أن تحديدًا دقيقًا للأهداف والبرامج بشكلٍ واقعي ومكثّف ويتمحور حول الأهداف المعلن عنها، دون إطلاق العنان لطرح أو الدخول في كافة العناوين والقضايا الوطنية والقومية، أو بكلمات أخرى، وضع أولويات سياسية وفكرية عينية ومحددة تنسجم مع اللحظة السياسية الراهنة وترد عليها، من شأنها المساهمة في حل الإشكاليات المُشار إليها، لأنّ تحديدًا من هذا النوع سيكون بمثابة الحد الأدنى الذي يجمع الجميع أفرادًا وفصائل وأحزاب المتمسكة بالثوابت والمناهضة للصهيونية.

وستبقى القضية الأساس كامنة في التفاصيل والجزئيات وبشكلٍ خاص وضع أسس إدارية وتنظيمية بإمكانها استيعاب وتنظيم الاستقطاب لها الحزب وضبط اسسسه وعلاقاته وآلياته التنظيمية والسياسية، وإدارة التفاعلات السياسية والقطرية والتنظيمية بين الأعضاء.

هذا التنظيم وإن كان يسعى إلى تأطير المزاج السياسي الشعبي، فهو بالتأكيد سيسعى لأن يكون لاعبًا أساسيًا على الساحة الوطنية والقومية على مستوى الأحزاب والمؤسسات وحتى الدول.

وأخيرًا لا بد من الإشارة إلى أنه بعد أوسلو تم تهميش ساحة الداخل الفلسطيني مثلما تم تهميش ساحة الخارج، هذا التنظيم الجديد يطرح للمرة الأولى تنظيمًا شاملاً في كل الساحات الفلسطينية مع غطاء ودعم ومساندة قومية عربية، لذلك سيكون مرشحًا لطرح وتجديد مسألة الحل الشامل للقضية الفلسطينية ضمن رؤية قومية وإنسانية شاملة.

التعليقات