02/08/2010 - 14:29

خطة ليبرمان: نموذج قبرص ليس بين فلسطين واسرائيل وانما بين الضفة وغزة../ ماجد عزام*

خطة ليبرمان: نموذج قبرص ليس بين فلسطين واسرائيل وانما بين الضفة وغزة../ ماجد عزام*
على عكس ما يعتقد كثيرون، يمتلك وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان مشروعه أو خطته الخاصة للحل مع الفلسطينيين. العنوان العريض للخطة هو نموذج قبرص. وحسب ليبرمان فإنه ليس ضد قيام دولة فلسطينية وحتى مع عاصمة في القدس أو ضواحي المدينة المقدسة، بالأحرى شرط أن تكون خالية من اليهود بينما تكون إسرائيل خالية تقريبا من المواطنين العرب بعد إجراء عملية تبادل أراض وسكان تضم بموجبه الدولة العبرية الكتل الاستيطانية الكبرى ومعظم المستوطنات الأخرى-باستثناء تلك المعزولة في عمق الضفة الغربية- مقابل انتقال مناطق المثلث الشمالي ووادي عارة - أم الفحم- إلى تخوم الدولة الفلسطينية.

في الخامس والعشرين من حزيران يونيو الماضي كتب ليبرمان مقالا في جريدة "جيروزاليم بوست" تحت عنوان "خطتي لحل الصراع" زعم من خلاله أن خطته لن تتطلب انتقالا جسديا للسكان أو تدمير المنازل بل خلق حدود لم تكن موجودة تتعلق بالديموغرافيا.

وأضاف أن الضغط المتزايد من المجتمع الدولي الذي يدعو إسرائيل للعودة إلى حدود 1967 لا أساس قانونيا له، وأن التخلي عن معظم الأراضي التي يطالب بها الفلسطينيون لن يحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ختم ليبرمان مقاله قائلا إنه من أجل حل دائم وعادل يجب أن تتبادل الأراضي المأهولة لإنشاء دولتين متجانستين تجانسا كبيرا؛ واحدة يهودية إسرائيلية وأخرى عربية فلسطينية.

شروحات أخرى قدمها ليبرمان في مقابلة أجرتها معه "الإذاعة العامة الإسرائيلية" أوائل تموز/ يوليو الحالي، قال فيها إنه يجب التخلي عن مبدأ الأرض مقابل السلام، وأن تستند خطة سياسية جديدة تعتمدها إسرائيل إلى مبدأ تبادل الأراضي والسكان. كما وادعى أن 70% من الإسرائيليين يؤيدون مبدأ تبادل الأراضي والسكان، واعتبر أن المشكلة هي أنه يوجد في الحكومة أشخاص يخافون من اتخاذ قرارات حقيقية شجاعة. لكنه استطرد "نحن أقرب من أي وقت مضى في إقناع القيادة بالموافقة على هذه الفكرة وقد يحدث ذلك خلال ولاية حكومة نتنياهو".

وأضاف ليبرمان أنه لا توجد أية حاجة لأن نسيطر على المثلث ومدينة أم الفحم. وختم ساخرا أنه سيكون الشيخ رائد صلاح مواطنا فلسطينيا فخورا، وسيحصل على جميع المستحقات الاجتماعية، كما أن السلطة لن ترفض الاقتراح لأنها ستحصل على سكان متعلمين وميسوري الحال يملكون وعيا وطنيا فلسطينيا.

من حيث الشكل يحاول ليبرمان الإيحاء انه ليس عدمياً، وأنه لا يرفض من حيث المبدأ فكرة المفاوضات والتسوية مع السلطة من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي للصراع في فلسطين.

أما من حيث المضمون فيريد تحقيق عدة أهداف مهمة وخطيرة، فهو يريد أن يزيل من جدول الأعمال فكرة العودة إلى حدود حزيران يونيو 1967، وإزاحة فكرة إزالة وإخلاء المستوطنات من أجندة المفاوضات وعملية التسوية، والزعم أنها لن تشكل عائقا أمام الاتفاق والحل. وفى السياق أيضا تكريس مفهوم أن المشكلة ليست في الاحتلال الإسرائيلي، وأن ثمة إمكانية للتوصل إلى تسوية إذا تجاوب الطرف الفلسطيني وتعاطي بواقعية مع الأفكار والخطط الإسرائيلية.

ثمة أمر آخر لا يقل خطورة وهو ابتزاز المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 وتهديدهم بين الطرد والإبعاد ونزع المواطنة عنهم أو الخضوع لفكرة يهودية الدولة والقبول بكونهم مواطنين من الدرجة الثانية وحتى الثالثة أيضا في ظل حزمة القوانين العنصرية التي أقرها الكنيست أخيرا بمبادرة وقيادة من ليبرمان وحزبه.

يبدو أن ليبرمان أجرى أخيرا تحديثا على خطته لحل الصراع عبر اقتراحه الملغوم بالتخلي عن أي مسؤولية عن قطاع غزة، وتحميل حماس تلك المسؤولية بإشراف دولي، وتحديدا أوروبي. ويشمل الاقتراح إقامة ثلاثة مشاريع عملاقة محطة توليد للكهرباء وأخرى لتحلية المياه وميناء بحري لتشغيل خط مباشر من القطاع وإليه على أن يتكفل الاتحاد الأوروبي بنشر مراقبين على المعابر المختلفة للتأكد من عدم وصول أسلحة إلى حركات المقاومة هناك.

ثمة أسباب عدة شجعت ليبرمان على تحديث خطته منها الانقسام الفلسطيني السياسي والجغرافي بل وتعمقه وتجذره مع الوقت وتزايد الضغوط على إسرائيل لإنهاء حصارها على غزة، والأهم التيقن من عدم وجود أي إمكانية لنجاح الجهود التي يبذلها جورج ميتشل للتوصل إلى اتفاق نهائي للصراع. وكان قد صرح أن الحديث عن إقامة دولة فلسطينية –وفق حل الدولتين وحدود حزيران- هو أمر غير واقعي.

أما الهدف من الخطة الجديدة فهو التخلص نهائيا من غزة وتأبيد الانقسام الفلسطيني. وأخطر من ذلك تحويل نموذج قبرص العنصري الليبرماني إلى نموذج بين الفلسطينيين أنفسهم بحيث تكون دويلة غزة خاضعة لوصاية مصرية دولية مشتركة، بينما دويلة الضفة خاضعة لوصاية إسرائيلية أردنية بحكم الأمر الواقع دون العودة إلى حدود حزيران 1967 ودون الاضطرار حتى إلى إجراء تبادل أراض وسكان، والاحتفاظ بالمستوطنات كبيرها وصغيرها المعزول منها وغير المعزول.

إذا لم يتنبه الفلسطينيون أو قادتهم إلى دقة هذا السيناريو الذي رحب به إيهود باراك ورأى به جوانب ايجابية أيضا فإن حل الدولتين سيتحول إلى حل الدويلتين بين الفلسطينيين أنفسهم وبدون المسارعة إلى المصالحة وإنهاء الانقسام بشكل فوري لن يكون بالإمكان مواجهة وإفشال المخطط الإسرائيلي الأكثر العنصرية وخطورة على جدول الأعمال حاليا.

التعليقات