04/08/2010 - 10:15

الرئيس في متاهته../ خالد بركات*

الرئيس في متاهته../ خالد بركات*
في متاهته الجديدة أمام جمع من الاعلاميين والسياسيين الصهاينة في واشنطن، وتحديدا في معهد "بروكنز"، قال رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس "إن الانتفاضة هي التي دمرت كل شيء، دمرت كل مؤسسات الشعب الفلسطيني". وقرر الرئيس الاستعاضة بكلمة "الانتفاضة" بدلا من "الاحتلال الصهيوني" الذي دمر كل شيء، لكن عباس يقرر أن يتهم الشعب الفلسطيني الذي انتفض في أيلول/سبتمبر عام 2000، وبات مطلوبا منه أن يقدم اعتذارا للمجتمع الدولي، لأنه انتفض وخرّب الدنيا!

إن الذي يهتك شرف شعبه بالقول واللسان، لن يتوانى عن جلد شعبه بالسياط والكرباج والتربع على السلطة بالقوة وغصباً، تماما كما هو واقع الحال في "مناطق السلطة الفلسطينية وسجونها"، لكن حتى الدكتاتوريات تحاول أن تخفي وجهها القبيح، وتظهر بصورة الشخصية الديموقراطية، الأمر تجاوز مجرد كلام يقال في محاضرة، بل إنه يعكس مدى الخواء الذي ينخر في رأس القيادة الفلسطينية التابعة والمهزومة!

في معهد "بروكنز"، الذي يتولى فيه الصهيوني مارتن انديك دائرة العلاقات الخارجية، بل هو المدير الفعلي لهذه المؤسسة التي تعكس "الاجماع الوطني الأمريكي" تقريباً، وتستقبل عباس بحفاوة، يقف المسؤول الفلسطيني ويخلص جلده هو ويثبت ولاءه وجاهزيته للامتثال والدخول في نادي الكبار حتى ولو نادلا في المقهى، لكن قبل ذلك عليه أن يتنكر للشعب الفلسطيني ولتاريخه وشهدائه وحقوقه وثورته، في كلمة واحدة ، ويرمي كل الصفات البذيئة على ظهر الانتفاضة الفلسطينية والتي (هي) السبب وراء تدمير مؤسسات الشعب!

وبلغة التذاكي والشطارة المتوارثة في المؤسسة الفلسطينية الرسمية، يتفاخر ويتشاطر الرئيس الفلسطيني في اجتماع المجلس "الثوري" لحركة فتح بالقول إنه "اخترق" أكبر لوبي صهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية!

لماذا وكيف؟

لأنه التقى مع مجموعة من لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية - إيباك – و"لأنهم والله الجماعة فهموا عليّ لأنني جاوبت على كل الأسئلة، كلها، ولم أخطئ في جواب واحد"!!

لا لم يخطئ، بل وقف كالتلميد الصغير في امتحان أمام جمع من الصهاينة. ويعلم القائد إخوته في حركة "فتح" من أين تؤكل الكتف! فيقول "بصراحة أنا كنت خايف وأنا رايح ع الاجتماع، حتى ميتشل ما كان بدو أروح، بس أنا رحت والأخ نبيل شعث في أمريكا اللاتينية بيعمل نفس الشيء ورح يلتقي مع اللوبيات هناك".

قال الرئيس لقادة إيباك: لليهود حقوق تاريخية في فلسطين.. حماس متطرفة.. أنا ضد الإرهاب.. ضد الانتفاضة اللي خربت بيتنا.. وبدنا سلام.. ورح نجيب لاسرائيل 57 دولة تقيم معها علاقات.. واحنا بدنا تنسيق أمني.. وأي فلسطيني يتجاوز حدوده هناك القانون.. الخ الخ من موال المهزومين في سلطة أوسلو..

ما اعتبره الرئيس اختراقا فلسطينيا للوبي الصهيوني هو بالضبط حجم الاختراق الصهيوني للسلطة الفلسطينية، وهو من النوع الذي يصل إلى الحلق، وأبعد، وأبعد!

التعليقات