21/09/2010 - 22:00

مؤتمر الأسرى في المغرب: مشروط ومحدود الضمان../ الأسير وليد دقة

ماذا يعني أن تقبل وزارة شؤون الأسرى والمحررين، ولجان حقوق الإنسان والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية دعوة نظام عربي لعقد مؤتمر دولي لمناقشة قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، فيما الدعوة مشروطة بأن لا يناقش المؤتمرون الانتهاكات الصارخة لحقوق الأسرى السياسيين في سجون هذا النظام، أو قضية الاعتقالات والأسرى السياسيين في المناطق الفلسطينية في الضفة وغزة؟

مؤتمر الأسرى في المغرب: مشروط ومحدود الضمان../ الأسير وليد دقة

ماذا يعني أن تقبل وزارة شؤون الأسرى والمحررين، ولجان حقوق الإنسان والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية دعوة نظام عربي لعقد مؤتمر دولي لمناقشة قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، فيما الدعوة مشروطة بأن لا يناقش المؤتمرون الانتهاكات الصارخة لحقوق الأسرى السياسيين في سجون هذا النظام، أو قضية الاعتقالات والأسرى السياسيين في المناطق الفلسطينية في الضفة وغزة؟

لقد قبلت هذه المؤسسات الفلسطينية دعوة النظام المغربي، الذي اهتم بأن تحدد أجهزته جدول أعمال المؤتمر ليس قبل أن تطلع أجهزته الأمنية والمخابرات على نص الكلمات والمداخلات التي ﺤُددت سلفاً.

كيف يمكن لوزير فلسطيني، وأسير سابق أن يقبل بمثل هذه الاشتراطات المهينة، والتي أقل ما يقال عنها أنها لا تحترم معاناتنا داخل السجون، ولا تقيم وزناً لنضالنا من أجل الحرية؟!!

وكيف يمكن لحقوقي فلسطيني، من منظمي هذا المؤتمر مثل المحامي جواد بولس أن يقبل دون حرج، تجزئة قضية حقوق الإنسان والأسرى، مع العلم أنه يُحرج كثيراً وبسهولة عندما يكون الحديث عن أسرى الداخل – ٤٨!!، كما كتب في إحدى مقالاته حول اعتقال الأسير راوي سلطاني والدكتور عمر سعيد. وحرجه ليس من نفسه وأمام ضميره المهني في هذه الحالة، وإنما حرجه سياسي وأمام السلطات الإسرائيلية، رغم أنه ليس مطلوباً منه أن يتفق سياسياً مع الأسرى أو مع ما يُتهمون به وبالتالي لا نرى مبرراً لهذا الحرج.

وبالمناسبة، هل بمشاركته في هذا المؤتمر سيمثلهم جواد بولس، وسيمثل قضية أسرى الداخل الذين بلغ عددهم ما يقارب المائة وخمسين أسيراً؟! أم أن تاريخهم ونضالهم ومواقفهم ستظل تحرجه، علماً بأننا لا نراه يمثلنا ويمثل قضيتنا، لا هو ولا كل من يقبل من المؤسسات الفلسطينية حضور مؤتمر بمثل هذه الشروط.

إننا نعفيكم من هذا "الحرج" لأننا نريد أن نعفي أنفسنا من هذه المهزلة باستخدام معاناتنا في مؤتمرات مدفوعة الأجر محدودة الضمان. فعندما تُستخدم معاناتنا ورقة توت يستر بها نظام عربي عوراته ليواصل اضطهاده وقمعه أسرى سياسيين مثلنا، يصبح هذا المؤتمر أداة قمع للأسرى في سجون هذا النظام لا منبراً لفضح الممارسات الإسرائيلية كما يدعون.

وعندما نصمت على مشاركتكم هذه يصبح صمتنا سوطاً آخر يضاف لسياط الجلادين، لتُجلد به ظهور رفاق لنا في السجون العربية. إننا ورغم سنوات الأسر الطويلة وسوء المرحلة وتدني سقف المواقف السياسية التي قد نجد لها تبريراً، لكننا لا نجد أي عذر أو تبرير لتدني المواقف الأخلاقية والمبدئية، فالقمع هو القمع والحرية هي الحرية.

لم نفقد البوصلة، ولم تختلط علينا الأمور، وما زلنا نفهم جيداً العلاقة الجدلية بين تحرير فلسطين وتحرير الإنسان العربي وحريته في التعبير والتنظيم السياسي، حتى وإن كنا لا نتفق مع هذه المواقف السياسية أو بعضها. إن مؤتمركم المشروط والمحدود الضمان هذا لن يقربنا من حريتنا، وإنما العكس تماماً سيجعلها مستحيلة.

عندما يُجزّأ المبدأ، أبداً لن نتلقى نصف حرية، فالحرية إما أن تكون أو لا تكون. لقد حان الوقت أن ترتقوا بمعاناة الأسير الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية إلى مستوى التعامل المبدئي القيمي الذي لا علاقة له بالمواقف السياسية والحسابات الآنية، حتى ترتقي معاناته ويرتقي نضاله إلى مصاف النضال الإنساني من أجل الحرية.

لن يحترم العالم نضالنا وتضحياتنا ما لم نحترم نحن نضالنا وتضحياتنا، ولن يصدق أحد بأننا مبدئيون وقيميون عندما نطالب بالحرية للأسرى الفلسطينيين من على مثل هذه المنابر، ما لم نكن مبدئيين وقيميين في تعاملنا مع حرية الآخر مواطناً عربياً كان أو غيره. وستتحول كلماتنا في هذه المؤتمرات في أحسن الأحوال إلى مجرد صراخ ما لم نقنع إنساننا العربي بأن حريتنا من حريته فعلاً، فما بالكم عندما لا تحسنون إقناع المواطن الفلسطيني بجدية مواقفكم ومؤتمراتكم في ظل الاعتقالات المتبادلة بين غزة ورام الله.

كيف للجان حقوق الإنسان ولجان الأسرى الفلسطينية المشاركة في هذا المؤتمر أن تقنعنا نحن الأسرى في سجون الإحتلال بأنها مخلصة لقضية الحريات وهي تقبل أن لا يناقش المؤتمر قضية الاعتقال التعسفي وسجناء الرأي في الضفة وغزة؟!

التعليقات