25/09/2010 - 09:49

الخيارات الاستراتيجية الفلسطينية - ما العمل؟../ هاني المصري

-

الخيارات الاستراتيجية الفلسطينية - ما العمل؟../ هاني المصري

بالتعاون بين مجموعة "أكسفورد للأبحاث" ومركز "بدائل" عقدت في غزة الورشة الثانية من المشروع المشترك الذي يهدف إلى استشراف المستقبل السياسي الفلسطيني، والبحث في الخيارات والبدائل الاستراتيجية، وتعزيز الحوار الفلسطيني الداخلي.

إن المشروع بدأ من خلال عقد ورشة أولى في أريحا في شهر نيسان الماضي، شارك فيها نخبة من السياسيين والأكاديميين يمثلون أوسع قدر ممكن من ألوان الطيف الفلسطيني، ومن المفترض عقد ورشة ثالثة بالخارج يشارك فيها أساساً ممثلون للفلسطينيين في الشتات.

إن الهدف من المشروع هو إنتاج سيناريوهات وأفكار مكملة وإبداعية وجديدة لمواجهة المآزق التي يواجهها الفلسطينيون، وخاصة فيما يتعلق بمسألة التخلّص من الاحتلال وتحقيق الحرية والعودة والاستقلال.

ويمكن أن يبلور المشروع وثيقة تفكير استراتيجي على غرار الوثيقة التي صدرت في آب العام 2008 وحملت عنوان: "استعادة زمام المبادرة - الخيارات الاستراتيجية الفلسطينية لإنهاء الاحتلال"، وقد لاقت الوثيقة السابقة اهتماماً كبيراً في مراكز الأبحاث والإعلام وصنع القرار، خصوصاً في العواصم الغربية وإسرائيل.

ومن يهمه الاطلاع على الوثيقة يمكن فتح الموقع:www.palestinestrategygroup.ps
لقد تضمّنت الورشة التي استمرت يومين عدة جلسات تناولت سيناريوهات المستقبل القريب، وسيناريوهات المستقبل البعيد، ومعالجة الانقسام أم إدارة الانقسام - والحصار، والأجندة الوطنية المشتركة - المكوّنات والاحتمالات، وأشكال المقاومة وخياراتها، والعملية السلمية، الخيارات مع إدارة أوباما، السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، والسياسة والأطراف الإقليمية ودورها.

ودار في الورشة حوار عميق وغني وبنّاء بعيداً عن التخوين والتكفير والإقصاء والهيمنة واحتكار الحقيقة، رغم التنوّع والتباين الكبير في الآراء، فالورشة عقدت في أجواء اشتداد الخلافات الفلسطينية الداخلية في ظل استمرار وتعمّق الانقسام المدمّر، وعلى خلفية الخلاف الحاد حول المشاركة بالمفاوضات الثنائية المباشرة التي ابتدأت دون ضمانات ولا مرجعيات، ما جعلها تولد ميتة وأمامها عدة احتمالات، إما الانهيار والفشل، أو الاستمرار في الدوران بحلقة مفرغة، أو التوصل إلى حل ينتقص من الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية.

إن الأفكار والاقتراحات والتحليل الذي شهدته الورشة يمكن أن يجعلنا قادرين على استشراف آفاق المستقبل بشكل أفضل، وسيتم عرضه في الوثيقة الثانية عند صدورها، وسيتم توزيعها على أوسع نطاق، خصوصاً للنخبة ومراكز الأبحاث والتفكير والإعلام، ولصناع القرار.

إن الورشة توفر فرصة لخروج السياسي والأكاديمي الفلسطيني من وطأة الأحداث والتحديات الساخنة، والتي تجعله يدور في اطار الأفعال وردود الأفعال، دون استعداد وتخطيط وتفكير يتناول جميع الخيارات والبدائل، بحيث نكون مستعدين، إذا لزم الأمر، للانتقال من سيناريو إلى آخر، ومن خيار إلى آخر.

إن هذا الانتقال من خيار إلى آخر لا يمكن أن يتم بشكل انفعالي وعاطفي أو كردة فعل، أو من قبيل التهديدات اللفظية الفارغة، وإنما يجب أن يكون علمياً ومدروساً وجاداً.

وسنضرب مثالاً راهناً عن كيفية التفكير الاستراتيجي من الوضع الراهن. فقد تناقلت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، أن التعليمات من الحكومة الإسرائيلية قد صدرت لوزارة الخارجية ومكتب رئيس الحكومة للاستعداد لشن حملة إعلام وعلاقات عامة تحمّل الرئيس الفلسطيني والقيادة المسؤولية عن الانهيار المحتمل للمفاوضات.

إن الأولى أن يقوم الفلسطينيون، خصوصاً إذا كانوا جادّين بتهديداتهم عن الانسحاب من المفاوضات اذا استمر الاستيطان، بالاستعداد لاحتمال انهيار المفاوضات، ولجميع الاحتمالات بحيث يعرف ويدرك الاحتلال أن لديهم خيارات أخرى، وانهم قادرون عليها ومستعدون من أجل تنفيذها. أما التمترس على وفي خيار واحد وحيد، فهو يعني عملياً اللاخيار، والحكم على الفلسطينيين باستمرار الضعف والانقسام وغياب القدرة المتزايد لتأثيرهم على مصيرهم وترك قرارهم أكثر وأكثر بيد غيرهم.

ليس من الصحيح إطلاقاً بأننا لا نملك القدرة على التفكير الاستراتيجي لأننا تحت الاحتلال وفي ظل الانقسام ولكوننا ضعفاء بسبب أننا فقدنا عناصر القوة والأوراق التي كنا نملكها.

إن التفكير والتخطيط الاستراتيجي الذي ينطلق من الأمر الواقع الراهن بكل حلوه ومره ويستشرف آفاق المستقبل، هو وحده الكفيل بشق طريق الأمل والانتصار، من خلال بلورة رؤية استراتيجية شاملة جديدة قادرة على استخلاص الدروس والعبر من التجارب السابقة وتوحيد الجهود والطاقات والإبداعات الفلسطينية؟ ووضع الأهداف ووسائل النضال والمرجعيات الكفيلة بتمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق أهدافه الوطنية!

التعليقات