17/10/2010 - 17:31

إسرائيل توصد جميع النوافذ../ خالد خليل

-

إسرائيل توصد جميع النوافذ../ خالد خليل

الحكومة الإسرائيلية حرقت جميع الأوراق في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية عندما طالب نتنياهو هذا الاسبوع الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية مقابل تجميد الاستيطان لمدة شهرين أو ثلاثة.

وقد استغربت صحيفة هآرتس الاسرائيلية يوم الثلاثاء الماضي من هذا الثمن الكبير الذي يعرضه رئيس الحكومة الاسرائيلية مقابل تجميد جزئي للاستيطان، واعتبرت هذا المطلب وصفة لتفجير المفاوضات لأنّه لا يمكن لأي فلسطيني، على حد تعبير الصحيفة الإسرائيلية أن يتنازل هكذا ببساطة عن حق العودة من خلال الاعتراف بيهودية إسرائيل؟!

مستشارو عباس الذين ما زالوا مصرين على لغة التفاوض الدبلوماسية اعتبروا قضية تعريف هوية البلد الجار انما هي قضية داخلية تخص "الجار" وليس السلطة الفلسطينية!!

المستشارون الأذكياء لم يستنتجوا بعد أن الحكومة الإسرائيلية غير معنية بحل الصراع العربي الإسرائيلي على اساس إقامة دولة فلسطينية والانسحاب إلى حدود الـ 67، ولا هي معنية بالإجابة على الحد الأدنى لمتطلبات الشارع الفلسطيني، وترفض الاعتراف بحق العودة إو الحق الفلسطيني في القدس، لم يستنتجوا بعد ان اسرائيل لا تريد السلام وتتبع سياسة المماطلة والتي تخدم مصالحها الأمنية والسياسية.

من واجب كل فلسطيني وكل عربي وكل حر في العالم أن يرفض "يهودية الدولة" وان لا يشارك في تزييف التاريخ والحقوق التاريخية للفلسطينيين، وأن لا يشارك في الرواية الاستعمارية التي تساوي بين المجرم والضحية وتشرعن النهب الكولونيالي وحق تقرير المصير للحركة الصهيونية.

يستطيع الطرف الفلسطيني أن يفاوض وان يلج عالم التسويات السياسية، لكن ليس لديه الحق في بيع الرواية الفلسطينية والقضية الفلسطينية.

قضية يهودية الدولة خط أحمر والمساومة فيها تقارب الخيانة الوطنية، تمامًا مثل حق العودة بما هو حق مقدس وغير قابل للمساومة.

الموقف الوطني الفلسطيني ينبغي أن يستند إلى رؤية واضحة للثوابت الوطنية، وأي مفاوضات سياسية يجب أن تخضع لهذه الثوابت، وليس العكس من خلال اخضاع الثوابت للتفاوض والمساومة.

لم تعد المناورات الدبلوماسية بحجة كسب الرأي العام أو كسب رضا امريكا، تجدي نفعًا في هذه المرحلة التي تصر فيها اسرائيل على تجاهل الحق الفلسطيني والاعتراف "بيهودية الدولة".

وإذا كانت السلطة الفلسطينية قد اختارت تجاهل ملاحقة إسرائيل في المحافل الدولية، الأمر الذي وفرته الشرعية الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة من خلال تقارير الإدانة الرسمية لإسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية، فلا مبرر أمام قوى المعارضة الفلسطينية والعربية لعدم مواصلة هذه الملاحقة ووضعها على رأس سلم الأولويات، وهذا يشمل الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني، التي يهدد حتى مجرد التعاطي بنعومة مع مسألة يهودية الدولة وجودها ويحولها لقمة سائغة للمخططات الإسرائيلية الفاشية القادمة ضد فلسطينيي الداخل.

إنّ مطلب التوجه إلى المحافل الدولية الذي طرحه رئيس كتلة التجمع البرلمانية الأسبوع الماضي يجب أن يتحول إلى برنامج وطني للجنة المتابعة بكل مركباتها، تتخذ من خلاله خطوات واضحة وجريئة ضد عنصرية دولة إسرائيل وجرائمها المتتالية، فقد يكون هذا الهجوم كفيلاً بحماية الأقلية الفلسطينية من المخاطر الوجودية المحدقة بها.

أما سياسة "إعطاء الفرص" لعملية السلام فباتت ممجوجة وتضر ضررًا مباشرًا بالقضية الوطنية، خاصة وأنّ المؤشرات الإسرائيلية متجهة إلى الحرب والعدوان والبلطجة وبعيدة جدًا عن السلام الذي أوصدت جميع نوافذه.

التعليقات