31/10/2010 - 11:02

الكيرن كييمت لإسرائيل.. ودولة المواطنين!/ سعيد نفاع

-

  الكيرن كييمت لإسرائيل.. ودولة المواطنين!/ سعيد نفاع
مرّ علينا نحن العرب في هذه البلاد، تمرير اقتراح القانون الذي يحظر بيع أو نقل أو تخصيص الأرض "التابعة" للكيرن كييمت، في الكنيست وبالقراءة التمهيدية وبأكثرية 64 صوتا ضد 17 صوتا، مرّ الكرام!. بينما ما زالت تشهد ساحة النقاش اليهودية إذا صح التعبير نقاشا حول الأمر، فحوت صحيفة هآرتس مؤخرا معالجتين حول الموضوع ومنهما لوزير "الأمن" السابق موشي أرنس.
كيف يصح أن يقلق مثل هذا الأمر بعض الإسرائيليين فيعالجوه تباعا بينما نحن نمر عليه هكذا مكتفين بما أوردته صحفنا من احتجاج ؟ أم أن مثل هكذا أمر لم يعد يفاجئنا، وما في اليد حيلة؟!

مديريّة «أراضي إسرائيل» (منهال مكركعي يسرائيل) تسيطر على أكثر من 90% من الأراضي في الدولة منها 11% للكيرن كييمت (الصندوق الدائم لإسرائيل)، سيطرت عليها الكيرن كييمت منذ أن تأسست لهذا الغرض قبل 106 سنوات، شراء في الكثير من الأحيان طريق سماسرة أرض وفي غيرها بالتحايل والـتآمر مع الاقطاعيين ورشوة الولاة الأتراك، ولنا في ذلك مثل قرى الجاعونة والمطلة والشجرة والمناحمية. أمّا المديريّة فقد استملكت الأراضي بالاحتلال وتشريد الشعب الفلسطيني عام 1948 وبقوانين الحاضر غائب وبالمصادرة وعمليات تسوية الأراضي والقوانين العسكرية المختلفة بعد العام 1948.

عودة إلى البدايات تفيدنا أنه حتى سنة 1917 اشترت (!) الصهيونية 420 ألف دونم، غالبيتها من عائلات إقطاعية قاطنة خارج فلسطين ولكن كذلك من فلسطينيين، وحتى سنة 1930 كان في أيدي اليهود 1.2 مليون دونم من إقطاعيين خارجيين و-680 ألف دونم من إقطاعيين محليين، و-75 الف دونم من فلاحين عاديين. أراض أقيمت عليها مثلا : ياجور ، رمات هشارون، رمتايم وبني براك، نتانيا، إيفن يهودا، كفار يونا، كديما، جفعات برينر ونفي شأنان.

بين السنوات 1933-1936 بلغ عدد الصفقات 2340 صفقة على 53 ألف دونم، منها 41 تزيد الواحدة عن 500 دونم و-164 بين ال-100 إلى ال-500 دونم والبقية تحت ال-100 دونم.

كل هذه الصفقات تمت بطرق غير مشروعة في أي عرف، ولذلك حجج المشرع الإسرائلي (الكنيست) وكأن الأراضي هذه اشتريت بالمال اليهودي ولصالح الشعب اليهودي، ولذلك يجب أن يشرع مثل هكذا قانون يمنع بيعها أو نقلها أو تخصيصها لغير اليهود، هي حجج واهية وتغطية على سياسة ترسيخ " الدولة اليهودية".
ورغم ذلك يثير ذلك جدلا بين المثقفين والساسة الإسرائيليين، ليس من منطلق استئناف إذا صح التعبير على يهودية الدولة، ولكن تحت بند ما يجب أن توفر هذه الدولة اليهودية من مساواة ل"مواطنيها" غير اليهود. ففي المعالجة الأولى يكتب شاحر إيلون تحت عنوان حقوق الصهيونية:
"هرتسل أسس الكيرن كييمت قبل 106 سنوات تماما لهذا الهدف شراء الأراضي للشعب اليهودي فمن حق الكيرن كييمت أن تحافظ على أرضها التي اشترتها لمقتضيات الشعب اليهودي ولكن في الوضع الجديد وبعد مرور 60 سنة على قيام الدولة ليس من حقها أن تمس بمبدأ المساواة ولذلك يجب أن تجد الطريق وهي موجودة كي لا تمنع تخصيص الأراضي المطلوبة لتطور العرب".
أما أرنس فيقول تحت عنوان ليس هذا بحلم هرتسل:
"المساواة في صندوق الاقتراع ليست المركّب الوحيد في الديمقراطية...نص القانون عمليا يعطي الإمكانية أن يستملك اليهودي غير المواطن في إسرائيل بينما يمنع ذلك عن العربي المواطن... في دولة ديمقراطية لا يمكن القبول بقوانين تميز ضد قسم من المواطنين على أسس عرقية.. أكيد لم يكن هذا حلم هرتسل... هنالك فارق بين قانون العودة الذي هو رسالة صهيونية لإيجاد مأوى لليهود وبين هذا القانون الذي ليس جزء من هذه الرسالة وعلينا أن نأمل أن لا يتعدى هذا القانون القراءة التمهيدية في الكنيست".

لا أعرف الانتماء السياسي لشاحر أيلون ولكن آرنس من أقطاب الليكود ووزير أمن سابق، غير أن الإثنين أخطآ اللب في القضية تماما مثلما يخطيء بعضنا عرب هذه البلاد أحزابا وأفراد في قضية معادلة عيشنا في بلادنا وتحت سلطة الدولة القائمة عليها، وكأنها قضية المساواة في ظل دولة يتناقض جوهرها مع إمكانية الوصول إلى المساواة لمن هم من غير اليهود، وما من بيّنة على ذلك أكبر من مرور كل هذه السنوات وبدل أن نقترب منها تزداد الفوارق، لذلك فإن اختزال موقفنا ونضالنا في "الركض" وراء المساواة دون وضعه في سياق تغيير طابع الدولة لدولة كل المواطنين كأقصر الطرق للمساواة رغم عدم رؤية نهايتها لكن لها نهاية أكيدة، أمّا الطريق البديلة فهي بدون نهاية البتّة حتما .

التعليقات