31/10/2010 - 11:02

58 عاما على قرار تقسيم فلسطين -181-/نواف الزرو

58 عاما على قرار تقسيم فلسطين -181-/نواف الزرو
بينما تصادف اليوم الذكرى الثمانية والخمسون لقرار تقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية ...وبينما اقامت المنظمات الصهيونية في ذلك الوقت "اسرائيل " على نحو اربعة اخماس مساحة فلسطين على حساب ذبح وتشريد الشعب العربي الفلسطيني، فان السؤال المزمن المتجدد الذي يطل علينا كلما حلت ذكرى قرار التقسيم هو : متى تقوم يا ترى الدولة الفلسطينية المستقلة وفقا للقرار الدولي المشار اليه ووفقا لجملة اخرى من القرارات الدولية التي تتحدث عن حق العودة لللاجئين الفلسطينيين وعن اقامة الدولة الفلسطينية ...؟

كان قرار التقسيم 181 الصادر عن الجمعية العام للأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947 أول قرار دولي يدعو لتقسيم فلسطين وإقامة دولتين عربية ويهودية.. وقد نص كما جاء في المصادر الدولية على:

"ان الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، بعد أن عقدت دورة خاصة بناء على طلب الدولة المنتدبة - بريطانيا - للبحث في تشكيل وتحديد صلاحية لجنة خاصة يعهد إليها بتحضير اقتراح للنظر في مسألة حكومة فلسطين المستقلة في دورتها الثانية.

وبعد أن شكلت لجنة خاصة أناطت بها مهمة إجراء تحقيق حول جميع المسائل المتعلقة بمشكلة فلسطين وتحضير مقترحات بغية حل هذه المشكلة.

وبعد أن تلقت وبحثت تقرير اللجنة الخاصة "مستند رقم 364/أ" الذي يتضمن توصيات عدة قدمتها اللجنة بعد الموافقة عليها بالإجماع، ومشروع تقسيم اتحاد اقتصادي وافقت عليه أغلبية اللجنة، تعتبر أن الحالة الحاضرة في فلسطين من شأنها ايقاع الضرر بالمصلحة العامة والعلاقات الودية بين الأمم.

وتحيط علماً بتصريح الدولة المنتدبة الذي أعلنت بموجبه أنها تنوي الجلاء عن فلسطين في أول آب (أغسطس) سنة 1948.

وتوصي المملكة المتحدة، بصفتها الدولة المنتدبة على فلسطين وجميع أعضاء الأمم المتحدة بالموافقة وبتنفيذ مشروع التقسيم مع الاتحاد الاقتصادي لحكومة فلسطين على الصورة المبينة أدناه، وتطلب:

أ - أن يتخذ مجلس الأمن التدابير الضرورية المنوه عنها في المشروع لتنفيذه.
ب - أن يقرر مجلس الأمن إذا أوجبت الظروف ذلك أثناء المرحلة الانتقالية ما إذا كانت الحالة في فلسطين تشكل تهديداً للسلم. فإن قرر مجلس الأمن أن مثل هذا التهديد قائم بالفعل فيجب عليه المحافظة على السلم والأمن الدوليين أن ينفذ تفويض الجمعية العامة وذلك باتخاذ التدابير وفقاً للمادتين 39 و41 من الميثاق، لتخويل لجنة الأمم المتحدة سلطة في أن تمارس في فلسطين الأعمال التي يلقيها هذا القرار على عاتقها.
ج - أن يعتبر مجلس الأمن كل محاولة ترمي إلى تغيير التسوية التي يهدف إليها هذا القرار بالقوة تهديداً للسلم أو قطعاً أو خرقاً له أو عملاً عدوانياً بموجب نص المادة 39 من الميثاق.
د - أن يبلغ مجلس الوصاية بالمسؤولية المترتبة عليه بموجب هذا المشروع.
وتدعو الجمعية العامة سكان فلسطين إلى اتخاذ جميع التدابير التي قد تكون ضرورة من ناحيتهم لوضع هذا المشروع موضع التنفيذ، وتناشد جميع الحكومات والشعوب الامتناع عن كل عمل قد يعرقل أو يؤخر تنفيذ هذه التوصيات.
(الاجتماع الثامن والعشرين بعد المائة) في 29 نوفمبر سنة 1947"

وفي اجتماعها الثامن والعشرين بعد المائة بتاريخ 29 نوفمبر سنة 1947 انتخبت الجمعية العامة وفق أحكام القرار المذكور أعلاه الأعضاء الآتية أسماؤهم.

التصويت على القرار:
وافقت على القرار 33 دولة هي الآتية :
(استراليا وبلجيكا وبوليفيا وبيلوروسيا وكندا وكوستاريكا وتشيكوسلوفاكيا والدانمارك وجمهورية الدومينيكان وايكوادور وفرنسا وغواتيمالا وهاييتي وايسلندا وليبيريا ولوكسمبرغ وهولندا ونيوزليندا ونيكاراغوا والنرويج وبنما وباراغواي وبيرو والفلبين وبولندا والسويد واوكرانيا وجنوب أفريقيا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وأوروغواي وفنزويلا).

وصوت ضد القرار 13دولة هي :
(أفغانستان وكوبا ومصر واليونان والهند وايران والعراق ولبنان والباكستان والمملكة العربية السعودية وسورية وتركيا واليمن).

وامتنعت عن التصويت 10 دول هي :
(الأرجنتين وتشيلي والصين وكولومبيا والسلفادور والحبشة وهندوراس والمكسيك والمملكة المتحدة ويوغسلافيا9(24).
-الم تنضج الظروف المحلية والإقليمية والدولية يا ترى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة...؟!
- الم تنضج الظروف الإسرائيلية على نحو خاص الرسمية والشعبية على حد سواء للقبول بالدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة العربية وقطاع غزة وفق البرنامج السياسي لكافة الفصائل والقوى الفلسطينية في هذه المرحلة...؟!
- وحيث أن "خريطة الطريق" وخطة "فك الارتباط" هما المشروعان الوحيدان المعروضان اليوم للتسوية.. فهل ستقام الدولة الفلسطينية حقاً إذا ما تم تطبيقهما...؟!
- ومتى وأين بالضبط ستقام الدولة...؟!
- وما مساحتها وحدودها ومضامينها...؟!
- وماذا سيحل بالقضايا الجوهرية المعلقة مثل "حق العودة للاجئين" و"القدس والمقدسات" و"المستعمرات اليهودية" و"الحدود"...؟!
- ثم والأهم من كل ذلك كيف ستكون المضامين السيادية للدولة الفلسطينية العتيدة..؟!
- أم هناك خيارات أخرى بديلة للدولة الفلسطينية المستقلة...؟!!
-وهل نحن مقبلون على "فك ارتباط " ثان من قبل شارون في الضفة الغربية ام ان" الفك "سيبقى على مستوى القطاع فقط...؟

ما يعني عمليا ان الدولة ستكون في غزة فقط .." غزة اولا واخيرا .."


لا شك أن أهم وأخطر السيناريوهات الماثلة بقوة في المشهد الفلسطيني - الإسرائيلي اليوم هو ذلك السيناريو المتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

فالواضح أن سؤال الدولة الفلسطينية هو السؤال الأكثر تفجراً في العلاقة الفلسطينية - الإسرائيلية، والجدل بين الجانبين حوله هو جدل تاريخي وسياسي استراتيجي تحول في السنوات الأخيرة إلى جدل حربي ملغم بالتهديدات الإبادية في ظل حرب إعلامية/ نفسية/ معنوية/ تحريضية متفاقمة ساهمت إلى حد كبير في تكريس تلك الخلفيات التاريخية للصراع. فإن كان الهدف الفلسطيني الكبير والعريض من وراء كل قصة "عملية المفاوضات والسلام" هو في المحصلة تحقيق "حق تقرير المصير" و"اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بحدودها الواقعية (وفق القرارات الدولية) على كامل مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية "، فإن الهدف الإسرائيلي الكبير والعريض ومتعدد الغايات والأبعاد من وراء كل قصة "عملية المفاوضات والسلام" هو تكريس "دولة إسرائيل - دولة يهودية" كحقيقة قائمة أولاً، "والحصول على الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية" لهذه الدولة ثانياً، ثم ضم نسبة كبيرة تتراوح حسب المشاريع السياسية الإسرائيلية ما بين 40-60 % من مساحة الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية ثالثاً، ثم "تخليد القدس الموحدة عاصمة إسرائيل إلى الأبد" رابعاً، ثم "تدمير مقومات الاستقلال الفلسطيني الحقيقي وبناء الدولة المستقلة" خامساً، و"ضمان التفوق والهيمنة الاستراتيجية الإسرائيلية على المنطقة كلها" سادساً.

على خلفية هذين البرنامجين الاستراتيجيين المتعارضين نتابع الجدل الفلسطيني - الإسرائيلي المحتدم دائماً حول سؤال الدولة الفلسطينية.

اما عن خريطة الطريق التي تعتبر تجسيدا لرؤية الرئيس الامريكي بوش حول اقامة دولتين "فلسطين " و "اسرائيل " الى جانب بعضهما البعض :
-هل تفتح "خريطة الطريق" و"رؤية بوش" الطريق حقاً نحو تسوية عادلة وشاملة ودائمة للصراع..؟!!
- وهل تؤدي حقاً في نهاية المطاف إلى رحيل الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة...؟!!
- وما دور خطة "فك الارتباط" الشارونية هنا...؟!!
- وهل تتساوق هذه الخطة مع خريطة الطريق..؟!!
- وهل ستقود في حصيلة التطبيق إلى رحيل الاحتلال عن الضفة الغربية مثلاً وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة..؟!

إن قضية الكارثة/ النكبة واللاجئين الفلسطينيين ومسألة الدولة الفلسطينية بالأصل كانت وما تزال وستستمر قضية سياسية، وقضية وطن مغتصب وشعب مرحل ومشرد ومقموع ، وقضية دولة احتلال واغتصاب واحلال استيطاني باطل يتعارض مع كافة القرارات الدولية، وليست فقط قضية إنسانية أو قضية توطين أو تعويضات مشكوك بأمرها وتحمل معها ألف تفسير واحتمال.

ولذلك فان كانت معادلات القوى القائمة غيبت حتى الآن الحل العادل لقضية النكبة واللاجئين الفلسطينيين أو عطلته وعرقلته وقزمت آفاقه ولم تسمح بتطبيق قرار التقسيم 181... وإن كانت عملية المفاوضات التي جرت منذ مدريد لم تعالج ملف النكبة واللاجئين والدولة الفلسطينية بجدية ولم تطرحه على طاولة المفاوضات، لا الثنائية باعتبارها من القضايا المؤجلة مع الفلسطينيين، ولا الرباعية كما هو متفق عليه في إطار اللجنة الرباعية.. ولا حتى في اطار أي مؤتمر دولي...

وإن كانت توجهات التسويات السياسية الجارية على طريقة - الصفقات لا تزودنا بمؤشرات حقيقية حول احتمالات الحل العادل لقضية النكبة واللاجئين والدولة، فإن عزاءنا الكبير يبقى اولا وقبل كل شيء في التضامن الدولي العريض مع القضية والحقوق العربية المشروعة في فلسطين في يوم التضامن العالمي الذي يحل اليوم ايضا ..وكذلك العزاء في " كمْ القرارات الدولية" الصادرة سواء عن الجمعية العامة ومجلس الأمن أو منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة.

ذلك أن جملة القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية بشكل عام، وبقضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص توفر الغطاء الدولي القانوني الشرعي للحق الفلسطيني في تقرير المصير وحق العودة وبناء الدولة المستقلة.

وقد اعترفت تلك القرارات بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ومن ضمنها حق العودة وحق تقرير المصير وحق وشرعية مقاومة الاحتلال باستخدام كافة الوسائل المتاحة.
لذلك فإن الحديث الفلسطيني والعربي عن العودة للشعب الفلسطيني إلى وطنه وممتلكاته وعن اقامة الدولة الفلسطينية يستند بالأساس إلى قرارات الشرعية الدولية المتراكمة مع وقف التنفيذ بسبب الفيتو الأمريكي الظالم والبلطجة الإسرائيلية المنفلتة.

والمطالبة بحق العودة للفلسطينيين واقامة الدولة مسألة شرعية مثبتة في تلك القرارات الدولية العديدة التي تحتاج في مقدمة ما تحتاج لتطبيقها الى ان يراجع المجتمع الدولي سياساته اما المتفرجة او المنحازة لصالح "اسرائيل "، وان تراجع الولايات المتحدة سياساتها وحساباتها ايضا ، في الوقت الذي من الاولى والاصح ان يراجع العرب بدولهم وجامعتهم وانظمتهم السياسات والمواقف العربية التي اوصلت الامة الى هذا الحال التي هي عليه اليوم ...

تحتاج فلسطين في اليوم العالمي للتضامن معها الى تحشيد كل الطاقات والقرارات الشعية على صعيد المجتمع الدولي من اجل اجبار "اسرائيل " على التنفيذ ..؟

التعليقات