31/10/2010 - 11:02

أية مصالحة نريد؟../ عوض عبد الفتاح

أية مصالحة نريد؟../ عوض عبد الفتاح
تضاربت التقارير والتقديرات في الأيام الأخيرة بخصوص إمكانية تحقيق تقدم في قضية المصالحة الفلسطينية والتي أصبحت محصورة في الأساس بين طرفين رئيسيين في الحركة الوطنية الفلسطينية فتح وحماس.

وازداد الحديث عن هذه الإمكانية خاصة بعد زيارة عضو اللجنة المركزية، القيادي في حركة فتح، نبيل شعث، لغزة والتقائه حركة حماس، أوائل هذا الشهر، وكذلك اجتماع ممثلين عن جميع الفصائل الفلسطينية في غزة هذا الأسبوع، لبحث الفرص لتقريب وجهات النظر. ويسبق هذه التحركات اجتماع القمة العربية المزمع عقده الشهر القادم في ليبيا، كفرصة وكضرورة لذهاب الوفد الفلسطيني موحدًا وقد أصبح إنجاز موضوع المصالحة من وراء الظهر.

بطبيعة الحال، ليست الساحة الفلسطينية عمومًا معنية بالمصالحة ووأد الإنقسام الكارثي فحسب، بل أيضًا هناك مصلحة لشقي الحركة الوطنية الأساسيين في ذلك. ولكن لكل شق له مصلحة بأن تكون يده الطولى على الآخر حتى وإن لم يعلن ذلك، لكن هناك دائمًا إمكانية بأن تكون معادلة تنصف الطرفين والأهم إنصاف الشعب الفلسطيني الذي هو الطرف والمحور الأساسي.

إن أي معادلة تَُفرض فرضًا تُشعر أحد الطرفين بالإجحاف لن تُعمّر، بل قد تنفجر في أية لحظة كما حصل في أكثر من مرة جرت فيها مصالحة ثم انتهت بعواقب وخيمة لا تزال الساحة الفلسطينية تدفع ثمنها غاليًا، ناهيك عن أن الطرفين يدفعان الثمن يوميًا.

لقد مرّ وقت طويل على الإنقسام، دفع خلاله شعب فلسطين أثمانًا باهظة، تمثلت بإهدار الدماء، وتدمير البنى التحتية، وفقدان وتآكل صورة الحركة الوطنية الفلسطينية كحركة تحرر وطني. وقد فشلت محاولات رأب الصدع حتى الآن، لأسباب لا تتعلق بالأساس بعناد حماس بل تتعلق بعوامل خارجية، وبالأساس بإفرازات حقبة أوسلو وروحها التي تطلب نبذ "الإرهاب" (المقاومة) والاعتراف بإسرائيل كدولة تمثل يهود العالم.

إن التحفظات التي تصر حركة حماس على أخذها بعين الإعتبار قبل توقيعها على الورقة المصرية؛ مثل إعطائها ضمانات على سير الإنتخابات بصورة نزيهة، والإعتراف بنتائجها فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، وعدم الإنقلاب عليها كما حصل في السابق، تعكس خوفها من قطف نتائج الحصار المفروض عليها قبل الحسم العسكري الذي أقدمت عليه.

إن الحصار الطويل المفروض على قطاع غزة، والحرب الدموية التي شنتها إسرائيل عليها – العام الماضي، الحق بالحركة أضراراً مادية وسياسية كبيرة، تجلى بعضها في انخفاض جزئي لشعبيتها داخل القطاع حسب الإستطلاعات الأخيرة. لقد أصبح جزء من الشارع يرى في خيارات الحركة، خيارات قد تؤدي إلى طريق مسدود، بادعاء أن خطها قاد إلى تشديد الحصار على الناس، وكذلك سلوكها القمعي ضد قوى سياسية أخرى، وأنها أصبحت شبيهة بسلطة رام الله في هذا المضمار، فالسلطتان في رام الله وغزة تمارسان الاعتقالات السياسية بصورة منهجية. أما السلطة في رام الله فقد فقدت ما تبقى لها من مصداقية بسبب سلسلة الفضائح المتتالية، الأمر الذي من المفترض أن يسرع وتيرة حركة النقد الشعبية الآخذة بالاتساع والبحث عن مخرج حقيقي.

ترى، وبغض النظر عن مدى صحة مخاوف حركة حماس، أليس من الحكمة أخذ هذه الأمور بعين الإعتبار والتعامل معها بجدية حتى يسهل التقدم إلى الأمام؟ أليس ذلك سبيلاً لإزالة الألغام، وضمان تحقيق المصالحة؟

تقدر حركة حماس أنها إذا ما وقعت على الورقة المصرية بصيغتها الحالية، فهي ذاهبة إلى الانتحار. وهذا هو في الحقيقة هدف الأطراف الإقليمية والعربية والدولية التي تريد أن تضع حدا للمقاومة، ولو بأشكالها الشعبية، بل والمعنية بقبول تسوية مرفوضة من غالبية الشعب الفلسطيني.

إن أية مصالحة حقيقية لا يمكن أن تقوم وتدوم إلا على الأسس التالية: إحترام الثوابت الفلسطينية والإلتزام بحق وبواجب مقاومة الإحتلال، وقف التعاون الأمني مع الإحتلال وملاحقة المقاومين، وتحريم الإستقواء بالاحتلال لحل الخلافات الداخلية والاتفاق على استراتيجية سياسية وكفاحية موحدة.

التعليقات