31/10/2010 - 11:02

إرهاصات "أوسلو" ليست قدراً.../ إعتراف الريماوي

إرهاصات
لاحظنا جميعا ما بعد الإنتخابات التشريعية التي أفضت لفوز كبير لحركة "حماس"، الضجة التي أثارتها دولة الإحتلال وأمريكا وتهديدهما بعدم التعامل أو الإعتراف بأي حكومة تتشكل برئاسة أو مشاركة حركة "حماس"، بل إن الإحتلال يهدد بوقف تحويل المال الفلسطيني المتأتي من البضائع التي تدخل الأرض الفلسطينية، وكذلك أمريكا تهدد بوقف "المساعدات" إلا إذا تم الإعتراف بإسرائيل ونبذ المقاومة...

السلوك الأمريكي والإسرائيلي هذا ليس بغريب، وربما يكون غريبا على من يحاول التعامي عن ماضي وراهن أمريكا منذ الإستيطان الاول في وطن الهنود الحمر، إلى مخططاتهم وممارساتهم بأمريكا الوسطى والجنوبية في محاصرة وعزل الأنظمة "الثورية" المعارضة لسياستها، والذي مازال يتكرر حتى اليوم فيها وفي أرجاء مختلفة من الكوكب الأرضي، كما نلمس ونرى، وإسرائيل غنية عن التعريف، فهي كيان يقوم على انقاض الشعب الفلسطيني أرضا وشعبا ولن نستغرب وقوفها ضد إرادة الشعب الديمقراطية بما انها تشكل نكبته التاريخية أصلا.

وتأتي هذه المواقف في سياق فرض المشاريع والمخططات الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة والعالم، وبالتحديد رسالة تهديد للفلسطينيين، بأن لا خيار امامكم سوى مسار إتفاق أوسلو وما تلاه وما يطرح من "خارطة الطريق" أو غيرها. وللأسف فإن هناك من يردد بعض هذه المواقف من الانظمة العربية ومن رموز السلطة الفلسطينية ويطالب "حماس" بضرورة إحترام الإتفاقات الموقعة مع الدولة العبرية، وأكثر من ذلك يطالبون بالإلتزام بخارطة الطريق مستقبلا!!؟ فلماذا كل ذلك؟ هل قدرنا الرزح أبد الدهر تحت وطأة "أوسلو" ومخلفاته؟! أليس من حق الشعب تغيير هذا المسار لما أثبته من قلة جدوى، بل ولما خلقه من أزمات وطنية وسياسية وإقتصادية؟!

إن الإنتخابات التشريعية الفلسطينية جاءت نتاج إرادة شعبية فلسطينية في التغيير، والتغيير له مضمون حياتي إقتصادي وكذلك سياسي، بمعنى أن الناس قد قالت كلمتها في رفض مسار الفساد المؤسساتي، وكذلك رفض المسار السياسي الموازي له ( مسار أوسلو)، ومن حق الإرادة الفلسطينية أن تُحترم ويُعبر عنها، بمنهج سياسي مختلف، يخلق قطعا نوعيا مع المسيرة السابقة، ويعمل على إخراج الحالة الفلسطينية من مأزق "أوسلو" الذي يتجلى في أكثر من جانب وصعيد، فلا يُعقل أن تكون "السلطة" كجسم ومؤسسات وموظفين خاضعة للتهديد والإبتزاز الامريكي أو الإحتلالي في حال إستعدادها وشروعها لإدارة الشعب بطريقة غير "منهج أوسلو"، بل ان هذا وحده يعني أن أوسلو ومترتباته هو مطلب إحتلالي أمريكي بالمعنى الإستراتيجي وإلا لما هددوا الشعب في حال الخروج عنه، كما يكشف هشاشة الكيان الفلسطيني" السلطة" التي لا يمكن أن تدوم دون الرضى الإسرائيلي الأمريكي وهذا دليل آخر على عمق الأزمة التي خلقها " أوسلو".

ومن زاوية أخرى نرى الرسالة الأمريكية الإسرائيلية والتي تطلب من "حماس" الإعتراف بإسرائيل والإتفاقات الموقعة، وترفضان حقيقة الإحتلال الإسرائيلي وتجلياته وحق الشعب الفلسطيني بمقاومته بمختلف الأشكال، فهذا يدلل على عمق المشروع الإسرائيلي الأمريكي في إنكار الحق الفلسطيني، ورفض الإرادة الفلسطينية وحقها المشروع، وإستبدالهما بالرؤيا والإرادة الأمريكية الإسرائيلية في تقزيم الحقوق الفلسطينية وإدامة الإحتلال بل وهزم الوعي الفلسطيني والعربي وتغليفه بمفردات الثقافة السياسية الأمريكية الإسرائيلية النابعة من رؤيا إمبريالية صهيونية عالمية تتجسد في مشروع العولمة السائر، والذي من أجزائه ضرورة فرض الأجندة الرافعة لهذا المشروع في المنطقة العربية، والشروع والإنطلاق في ترتيبها وفق مقتضيات هذه العولمة، التي تتعثر حقيقة في المنطقة العربية رغم تبعية الأنظمة لها. ففي العراق يتعثر المشروع الأمريكي وتزداد المقاومة العراقية قوة يوما بعد آخر، وفي سوريا ولبنان تفشل المخططات الأمريكية المحمومة أيضا، وهنا في فلسطين وبعد أكثر من 12 عاما من توقيع إتفاق "أوسلو" لم تتمكن إسرائيل وامريكا من فرض أجندتها على الشعب الفلسطيني، بل إن الشعب فجّر الإنتفاضة عام 2000 رفضا لذلك، والإنتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة جاءت رياحها بعكس ما تريده سفينة العولمة بالمنطقة.

إذا الشعب الفلسطيني قال كلمته، ولكن يبقى التساؤل: هل تبقى "حماس" على مواقفها السياسية المختلفة مع "أوسلو" وما تلاه؟! أم أنها سترضخ للضغوط من كل حدب وصوب؟! وتنتقل من "الراديكالية" السياسية والمقاومة إلى خيارات البراغماتية السياسية وصولا لمزالق ومآزق قديمة جديدة؟! هذا ما ستحمله لنا إياه الأيام التي لم تأت بعد.

التعليقات