اذا كان المراهنون على قيام المحكمة ذات الطابع الدولي التي اقرها مجلس الامن بقرار يحمل الرقم 1757 وتحت الفصل السابع، بانها ستكون نهاية مطاف الدورة الدموية التي انتجتها آلة القتل منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حماده وصولاً الى اغتيال الوزير بيار الجميل.
فان الاوساط المواكبة لايقاع المجريات على الساحة الداخلية، ترى ان اقرار المحكمة المذكورة في مجلس الامن الدولي، ستشكل بداية جديدة لاندفاعة آلة القتل بشكل اهوج وعشوائي،وربما يكون الهدف المقبل «للاشباح» القيام بعملية نوعية كبرى، قد تغطي بتداعياتها جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وتغرق الساحة المحلية بحروب الاستتباع التي قد لا تنتهي في الامد المنظور وتكون ابرز نتائجها تكريس مقولة «الفوضى البناءة» الاميركية الصنع والطعم والنكهة، لا سيما وان الخشبة المحلية اصبحت مسرحاً مثالياً لكافة «البازارات» الاقليمية منها والدولية بادوات محلية، في وقت يشكك فيه المراقبون بقدرة المظلة الدولية ومناعتها في وجه الاعاصير لاسباب كثيرة لا يخفى على احد لاسباب كثيرة يأتي في طليعتها:
1- اتساع عمق الانقسامات الداخلية بين الاطراف المتموضعين في خنادق متقابلة، والخلاف الحاد الذي يطيح بالحد الادنى المطلوب للتفاهم حول كافة الاستحقاقات الكبيرة من الحكومة مروراً بالرئاسة وصولاً الى سلاح المقاومة والمخيمات الفلسطينية.
2- الانقسامات الحادة بين الموالاة والمعارضة والتباينات بين حلفاء الخندق الواحد التي قد تكون مرشحة لتصدعات كبرى ضمن المربع الواحد،وقد برز واضحاً في هذا المجال الانقسام السني السني حول النظرة الى معالجة ملف المعارك في «نهر البارد»، بحيث ان بعض الشارع السني الذي يقف داعماً للجيش اللبناني والشرعية الرسمية والذي يشكل «تيار المستقبل» عموده الفقري، يقابله في الشارع نفسه اطراف اسلامية متشدّدة تنظر بعدم ارتياح الى الحسم العسكري الذي قد يقدم عليه الجيش لاستعادة هيبته، بالاضافة الى تعاطف هذه القوى غير المعلن مع «فتح الاسلام».
3- عودة العامل الفلسطيني الى الواجهة، كعنصر من مجموعة عناصر شكلت في السابق ايّ في السبعينات الوقود المطلوب لاطلاق سلسلة الحروب العبثية، ولكن مع تغييرات خطيرة تشير الى عجز هذا العامل من التفلت من قبضة الطارئين عليه ومصادرة قراره السياسي والميداني في بعض المخيمات، وما نزوح 28 الفاً من سكان مخيم «البارد»الا دليل بديهي على ذلك.
4- دخول تنظيم «القاعدة» على الرقعة المحلية وتحوله الى لاعب كبير وخطير من خلال امتداداته المذهبية، وانتشار خلاياه النائمة التي سرعان ما تستيقظ لدى صدور اوامر سرية بتحركها، ولعل احداث «نهر البارد» هي نسخة طبق الاصل بتعديلات بسيطة عن احداث جرود الضنية عام2000 التي حاول خلالها الاسلاميون إقامة إمارة إسلامية في الشمال اطاح بها الجيش اللبناني والأجهزة الامنية.
5- دخول الطابور الخامس على الخط باطلاقه الكثير من الشائعات لاحداث قلاقل والكلام عن موجة اغتيالات جديدة من خلال استغلال الموقف السوري من المحكمة وتصويره على انه تهديد مباشر لقوى 14 آذار، في الوقت الذي عبر فيه المندوب السوري في مجلس الامن عن نظرة دولته الى المجريات ومن زاوية حيادية.
6- محاولة الجهات المشبوهة نقل الانقسام السني السني الى الساحتين المسيحية والشيعية واللعب على الوتر الطائفي اثر التباين الطفيف في المواقف بين العماد ميشال عون والامين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله تجاه الاحداث في «البارد»، مستغلّين نتائج الانتخابات في نقابة الاطباء وتصويرها على انها انقلاب في المزاج المسيحي بعد كلمة نصرالله بذكرى التحرير، وقد حاولت الجهات المشبوهة إحداث خلل أمني في الأول من امس من خلال اقدامها على استهداف كنيسة مارمخايل بقنبلة يدوية، وهي المكان الذي جرى فيه توقيع «ورقة التفاهم» بين العماد والسيد، بالاضافة الى الحملة الكبيرة التي تشنها جهات 14 آذار ضد موقف عون من المحكمة على انها «محكمة بلا متهمين».
7- الانقسام على الساحة الفلسطينية حيال معارك «نهر البارد» وبروز عجز فلسطيني عن استلام أمن المخيم، مما قد يعمم هذا العجز داخل المخيمات الاخرى وخصوصاً «عين الحلوة» وهو المخيم الذي يحتوي على عناصر «للقاعدة» لا بأس بعددها، لا سيما وأن «أبو محجن» يعتبر من أبرز القياديين الميداينين الذين قاتلوا الى جانب ابو مصعب الزرقاوي في العراق.
"الديار"
التعليقات