31/10/2010 - 11:02

إلى روح الغالي هايل/هدية أبو زيد

إلى روح الغالي هايل/هدية أبو زيد
إلى أهلنا الشرفاء المناضلين في جولاننا الغالي

إلى أهلي إلى أمي وأخواتي والى كل من يحب هايل والى كل الضمائر الحية

أتقدم لكم بأحر التعازي بفقدان شهيد الجولان والوطن أخي الغالي هايل الذي نذر روحه ودمه فداء للجولان الغالي الذي امتزجت أرضة بدماء شهدائنا الأبرار.

ها نحن اليوم نزف عريسا للأرض المعطاء التي أنجبت الأبطال، فجسدك يا هايل رحل من كل بيت وحارة من بساتين التفاح ومن جبل الشيخ الأشم.
أتيت إلينا حاملا حرية مبتورة ممزوجة بدماء عشرين عاما وحنينا لتقبيل كل ذرة تراب من جولاننا الغالي، وحاملا حزنا على رفاقك الأبطال الذين ينتظرون مصيرهم المجهول...

جئتنا كضيف مستعجل وودعتنا بسرعة اختصرت أحلام العشرين عاما بستة أشهر، ثم رحلت بسرعة، لكنك تريد أن تبقى معنا أن تبقى مغروسا في الجولان لكن القدر فعل فعلته واختطفك منا كما اختطفك السجان والمرض ولا فرق بينهما، ثم اختطفتك أيادي الموت دون رحمة.

لكن روحك الطاهرة ستبقى معنا إلى الأبد ترفرف في سماء الجولان، تترقبه عن بعد واني واثقة بأنك ستبقى حاملا همنا وحاملا آلامنا... لكنك حزين بعيدا وقريبا ستبقى يا أخي حيا في ضمائر كل الشرفاء وستوقظ آلاف الضمائر النائمة.

هايل يا حبيب الروح...

كم كنت أتمنى أن أعانقك طويلا كما الأرض تعانقك الآن ...
وكم تمنيت وصليت وتوسلت لكل الأنبياء بان أكون إلى جانبك وأقبلك عشرون ألف قبلة، وان امسح عن جبينك ألام سنين فراقك عنا، لكن احترقت هذه الامنية، ولم أتمكن من توديعك وإلقاء نظرة الوداع الاخيرة على جثمانك الطاهر فهذا هو عدونا الذي ضحيت بروحك من اجل طرده من بلادنا لكي تبقى حرة عزيزة..

ماذا أقول واكتب يا هايل والحسرة تعتصرني وتمزقني فبأي حق يحرموني منك ألا يكفي عشرون عاما محرومين من أنفاسك بيننا، ألا يكفي؟ لم أكن أريد شيئا أخر سوى توديعك فقط، فلماذا قسوت علينا أيها القدر حتى إنهم حرموني من أن اسمع صوتك وأنت على فراش الموت البطيء؟ فالمرض والسجان واحد، والاثنان تحكما في مشاعرنا وعواطفنا وأحلامنا البريئة حتى انك لم تستطع رؤيتي بموقع عين التينة ..

كنت ألوح لك بيدي وقلبي يخرج من مكانه، لم تستطع أن تراني لأنهم سلبوا منك عينيك الجميلتين وامتصوا دمك وحاصروك من كل الجهات وعذبوك طويلا لكنك بقيت القوي والصامد العنيد والحنون... ولم تنحن أبدا بل إنحنوا أمام صمودك الجبار ...

وأنت على فراش الموت رفضت الاعتذار وفضلت الموت عزيزا كريما ومعنوياتك كانت كالحديد كما كنت تطمئننا وتهدئ من روعنا بكلماتك المأثورة: "معنوياتي كفولاذ إرادتكم واعدكم بان تصدأ قضبان السجن ولن تصدأ إرادتي" نعم يا هايل لقد وفيت بكل وعودك وبقيت حتى اللحظة الاخيرة تغني بصوتك المبحوح آلما: " إن عشت فعش حرا أو مت كالأشجار وقوفا" وقوفا كالأشجار وكلامك هذا لجميع الأحرار .

أهلنا الشرفاء...

إن مصيبتي كبيرة وكبيرة جدا فقط كوني لم أشارككم هذا العرس الوطني بزفاف أخي الغالي، وإنني لم الق عليه نظرة الوداع الاخيره ولم أضمه واقبله وأشاركه حزنه العميق برحيل والدنا الغالي الذي توفي وهو في حسرة كبيرة وأسلاك تمنعه من رؤية ابنه خلف القضبان وإخوته خلف الأسلاك...

ها أنت يا هايل رحل جسدك وفي قلبك حسرة كبيره على رفاقك الأبطال، وعلى عدم قدرتك رؤيتي أنا وابني جولان وزوجي مدحت فشربنا من نفس كأس الحسرة فأحلام كثيرة كنت تتمناها ولم تنل سوى أن يبقى اسمك خالدا في سماء وهواء الجولان والى ابد الآبدين ستبقى روحك معنا..

فيا أهلي الأعزاء وقفتكم هي التي أثلجت صدري الملتهب حزنا، أتمنى أن أرى شخص هايل في وجوهكم جميعا وان اسمع كلمات هايل على ألسنتكم وان نحافظ على وصيته الغالية بان نكون يدا واحدة متمسكين بأرضنا وكرامتنا وانتمائنا العميق لوطننا الغالي...

أرجو منكم أن تحافظوا على وصيته وتسيروا على نهجه حتى ترتاح روحه الطاهرة، لان هايل فعلا كان عريسا وزف مرتين يوم استقباله ويوم وداعه، لكن عطره غير عطر باقي العرسان.. كان دمشقيا وحصرا ياسمين وفل..
أوصيتني يا هدية أريد عطر الياسمين والفل لأشعر وكأني أسير في شوارع دمشق الحبيبة
وأريد ثياب العرس من دمشق
أريد ان أكل بوظة دمشقية
فاخ وألف اخ يا أغلى أخ...
رششت الياسمين والفل على فراش الموت البطيء المتسلل عبر دمك وأنفاسك
لم تستسلم لهذا الموت
مسحت جبينك وأخذت أنفاسك الاخيره ثم قلت أحبكم جميعا
والبسمة على شفاهك
ولم تستطع أن تقول وداعا
لأنك تعلم بأنك باق بيننا ولن ترحل يا اعز الناس

فإلى جنة الخلد يا هايل

نحن بانتظارك وسنبقى بانتظارك يا حلما ضاع من عشرين عاما

أختك التي ستشتاق لك دائما

هديه أبو زيد (أم جولان)

دمشق 8/7/2005


(رسالة الأخت هدية أبو زيد شقيقة الشهيد هايل أبو زيد، التي أرسلتها إلى موقع عرب 48 وقد قررنا نشرها كما هي)

التعليقات