31/10/2010 - 11:02

اتفاق الدوحة يضع القيادات المارونيّة في مرحلة «انعدام الوزن"../ جورج علم

اتفاق الدوحة يضع القيادات المارونيّة في مرحلة «انعدام الوزن
دهم اتفاق الدوحة الساحة المارونيّة، فاستيقظ اقطابها على واقع جديد. البطريرك نصر الله صفير يبوح بعتب شديد، «لم يتصل بنا احد من موارنة الدوحة قبل ان يوقّعوا على الاتفاق»، ويضيف مع شيء من المرارة: على كل حال فإنهم منقسمون فريق مع حزب الله، وآخر مع حزب الحريري؟!». أما الخلفيّة المنطقيّة لهذا الكلام فتتعدى الاتفاق، لتلامس الوضع السائد على الساحة المارونيّة، ذلك ان البطريرك لم يسجّل اي مأخذ على تفاهم الدوحة، بل عبّر عن سروره لاجماع الرأي على انتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية، الا انه شاء ان يغمز من قناة القيادات المارونية ان في الموالاة او في المعارضة، فلا الذين في «حزب الحريري» وقفوا عند خاطره، واستشاروه، ولا الذين عند «حزب الله» فعلوا ايضا، علما بأن وضع هؤلاء «محسوم « ـ من منظاره ـ بعد المطالعات التي قدّمها كلّ من العماد عون، والنائب والوزير السابق سليمان فرنجيّة، والتي عددت الملاحظات والمآخذ على مواقف البطريرك، محمّلينه مسؤولية ما آل اليه وضع المسيحييّن وتحديدا الموارنة في المؤسسات منذ موافقته على اتفاق الطائف، حتى اليوم، في حين ان الموالين وإن حاولوا دعم بكركي ومواقفها الا ان هذا الدعم قد اصيب بشيء من الوهن، والدليل ما حصل في الدوحة، وما يسجّله البطريرك من تجاهل لمقامه ودوره على مستوى الشأن العام.

وأمام عملية كشف الاحجام والاوزان والمواقع والادوار على الساحة المارونيّة، فتقول جهات متابعة ان موارنة قوى 14 آذار امام عمليّة حسابيّة معقدة ليس فقط لتحديد نقاط الربح والخسارة، بل لرسم خريطة المواقع والتحالفات في مواجهة استحقاقين: حكومة الـ16ـ 11ـ ,3 ومن ثم الانتخابات النيابيّة وفق القانون ,1960 وتوزيع الدوائر وفق ما جاء في اتفاق الدوحة.

في ما يتعلق بالحكومة والحقائب الوزارية، تقول المصادر: هناك عقبتان، الاولى ان تتفاهم قوى الموالاة بكل اطيافها وطوائفها على تسمية اسم الرئيس عندما يباشر رئيس الجمهورية إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، وهل سيكون الرئيس فؤاد السنيورة؟، ام النائب سعد الحريري، او الوزير محمد الصفدي؟...

اما الثانية: من هم الموارنة في قوى 14 آذار الذين سيحملون لقب «معالي الوزير» في الحكومة الجديدة، وضمن « الكوتا» المحددة بـ16 للموالاة؟!. ان هذه العقد تحديدا هي الادهى والادق، وربما دفعت بالبعض الى اعادة النظر بالمواقع والتحالفات، والدليل ان الكلام عن الادلاء «بأوراق بيضاء» في صندوقة اقتراع العماد سليمان رئيسا للجمهوريّة، قد تحول الى كلام فوق السطوح قبل 48 ساعة من جلسة الانتخاب، وهذا يعبّر عن نتائج الحسابات التي توصل اليها البعض حول حصته في الحكومة الجديدة، وحصته في المجلس النيابي الجديد، وفق قانون 1960 وبموجب التقسيمات الادارية التي تمّ التفاهم بشأنها في الدوحة.

اما على جبهة المعارضة، فتقول المصادر بأن اتفاق الدوحة قد ثبّت « بطريركين» سياسييّن للموارنة، الاول في الشمال، وهو الوزير السابق سليمان فرنجيّة، والثاني في جبل لبنان هو العماد ميشال عون. الاول وجه رسالة ودّ صريحة ومباشرة الى رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري خلاصتها ـ وفق المصادر ـ ان: «لا فيتو على ان تكون رئيسا لحكومة الوحدة الوطنيّة، لكن يفترض التنبه لامرين: الاول، ان هذه الحكومة يجب ان تضع في سلّم اولوياتها اعادة تطبيع العلاقات اللبنانية ـ السوريّة على اكمل وجه، وإذا كان هذا مقبولا ولا يوجد تحفظ عليه، فلا بدّ والحالة هذه الا الانتقال الى الامر الثاني وهو ترتيب العلاقة ما بين الحريري ودمشق، وقد تقدم فرنجية بعرض يبدي فيه استعداده للتوسط، اذا ما طلب الحريري منه ذلك؟!.

اما «البطريرك» الثاني العماد ميشال عون فكان في طليعة مهنئي العماد ميشال سليمان بمنصب «فخامة رئيس الجمهورية اللبنانيّة»، ولم يكتف بهذه البادرة الوديّة، بل اضاف عليها ما يضفي على المنصب هالة ومسؤولية في قوله: «الامانة اصبحت بين يديك».

وتقول المصادر ان العماد عون قد بادر الى هذه التحيّة على امل ان يتلقّى افضل منها من رئيس الجمهورية عند المباشرة بتسمية رئيس الحكومة، وايضا عند اختيار الوزراء وتوزيع الحقائب، وذلك لاعتبارات كثيرة منها:

أولا: ان العماد عون الذي لم يتمكن من الوصول إلى قصر بعبدا، سوف يتعب من الآن فصاعدا ليثبت موقعه كمرجعية وطنية لا يمكن تجاوز حضورها ودورها من جهة، ومن جهة اخرى كزعامة مارونيّة حريصة على اعادة تعزيز دور المسيحيين في الدولة والسلطة والمؤسسات.

ثانيا: ان العماد عون، وبالتنسيق مع «حزب الله» سيكون له موقف ورأي من الشخصيّة التي ستتولى حقيبة وزارة الداخليّة التي ستشرف على الانتخابات النيابيّة المقبلة، وهذا ما يؤدي ـ وفق توقعات المراقبين ـ الى اجراء أول اختبار عملي معه في التعاطي مع رئيس الجمهورية الذي قد يصرّ بدوره على ان تكون حقيبة الداخليّة من ضمن «الكوتا» الوزاريّة التي خصّه بها اتفاق الدوحة باعتبار ان الرئيس يريد ويسعى ـ وهذا من حقّه ـ ان يكون له في المجلس النيابي الجديد كتلة نيابية واسعة مؤيدة للعهد من كل لبنان ومن كل الطوائف.

ثالثا: ان العماد عون ـ على حدّ قول المصادر ـ بدأ بالاستعداد للمعركة على جبهتين، جبهة الحكومة حيث ستكون له شروطه، تمثيلا ، و«كوتا»، وحقائب... والجبهة الثانية الانتخابات النيابيّة المقبلة حيث لا يزال يشعر بقرارة نفسه بان مؤامرة تحجيمه لا تزال مستمرة وهو باشر بالتصدي لها منذ الآن آخذا بعين الاعتبار الشروط والمواقع والتحالفات المستقبليّة التي من شأنها ان تؤمن له عودة مظفّرة الى المجلس النيابي الجديد على رأس كتلة نيابيّة كبيرة، ولذلك ـ تضيف المصادر ـ لا عجب القول بأن عون سيشارك في الحكومة وإلى يمينه سليمان فرنجية، ويساره الامير طلال ارسلان، وقربه الياس سكاف، وربما سمّى وزيرا شيعيّا ايضا بالتنسيق والتفاهم مع «حزب الله»، كي يتمكن من مواجهة السنيورة او سعد الحريري اذا ما ارتضى الاخير قبول رئاستها، والحرص على اصلاح الخلل في المؤسسات وتفعيلها خصوصا القضاء، والتمتع بكامل الجهوزية لمواجهة استحقاق الانتخابات النيابيّة المقبلة.

وبناء عليه، تخشى المصادر ان تشهد حكومة الوحدة الوطنيّة عملية « كباش» حادة حول التوزير، وتوزيع الحقائب، ومضمون البيان الوزاري، والموقف من سلاح المقاومة، ومن العديد من الملفات الساخنة الاخرى.. قبل ان تبصر النور، على ان تتولى الحكومة الحالية مسؤولية تصريف الاعمال لفترة قد تكون طويلة؟!...
"السفير"

التعليقات