31/10/2010 - 11:02

استقالة أولمرت وإدارة الملفات الساخنة../ أحمد الحيلة*

استقالة أولمرت وإدارة الملفات الساخنة../ أحمد الحيلة*
أعلن ايهود أولمرت (30/7) عن نيته تقديم استقالته من رئاسة الحكومة بعد انتهاء كاديما من انتخاب رئيس للحزب خلفاً له، مفسحاً بذلك المجال أمام رئيس الحزب المنتخب تشكيل حكومة جديدة.

ورغم أن هذا الإعلان قد وضع حداً للجدل الدائر حول فرضية خروج أولمرت من الحياة السياسية..، إلا أنه لا يعني بالضرورة خروج أولمرت من دائرة الفعل والتأثير خلال الأشهر المتبقية قبيل تشكيل الحكومة الجديدة، والتي قد يتطلب تشكيلها نحو ثلاثة أشهر منذ الآن.

اختيار أولمرت الانسحاب في ظل تعاظم الجلبة السياسية حوله لإخفاقاته المتعددة وخاصة في حربه على غزة ولبنان، ولاتهامه بالفساد والرشوة..، من المتوقع أن يؤدي إلى تقليص هامش الحركة والمناورة لحكومته الراهنة، بسبب تقدم أولوية سباق الانتخابات الداخلية لحزب كاديما، وبسبب انشغال أهم الشخصيات الوزارية داخل الحكومة لخلافة أولمرت على كرسي الوزارة، لا سيما وأن التنافس سيكون على أشده بين أهم الوزراء أمثال وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ووزير المواصلات شاؤول موفاز، ووزير الداخلية مئير شطريت، ووزير الأمن الداخلي آفي ديختر.

هذا بدوره سينعكس بشكل أو بآخر على أداء الحكومة اتجاه العديد من الملفات الحيوية والهامة التي تضطلع بها (المفاوضات مع الفلسطينيين والسوريين، الملف النووي الإيراني، والمفاوضات حول صفقة الأسرى)، بمعنى أن الحكومة الراهنة يفترض بها أن تقترب في أدائها إلى حكومة تسيير الأعمال..

وإذا أخذنا انعكاسات تلك الحالة وأثر إعلان أولمرت على إدارة الحكومة لأهم الملفات السياسية الساخنة، فيمكن القول: إن الجمود الحكومي سينعكس بشكل مباشر على إدارة ملف المفاوضات مع السوريين والفلسطينيين، لمجموعة من الأسباب أهمها أن المفاوضات لا تعبر عن أولوية لدى إدارة الرئيس بوش في الوقت الراهن، وهذا ما تحدث به رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض السيد أحمد قريع، وكبير المفاوضين السيد صائب عريقات في عمّان نقلاً عن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، أثناء زيارتهما الأخيرة لواشنطن في الأسبوع الأول من آب/ أغسطس، هذا ناهيك عن تعقيدات التفاهم حول التفاصيل..

ولكن مقابل ذلك الجمود، لا بد من الإشارة إلى أن الملف النووي الإيراني، والذي يشكل تهديداً أمنياً داهماً على الكيان الصهيوني ـ حسب التقديرات الإسرائيلية ـ قد يبقى مفتوحاً خلال الأشهر الثلاثة المتبقية من عمر حكومة أولمرت، خاصة إذا قررت الإدارة الأمريكية اللجوء إلى خيار الضربة العسكرية في اللحظة الأخيرة. فلحد الآن ورغم تراجع خيار الحل العسكري، إلا أن إدارة البيت الأبيض ما زالت منقسمة حوله، ولم تقرر بعد وبشكل نهائي إغلاق الملف ونقله إلى الإدارة الأمريكية المرتقبة، وهذا بدوره سيكون له انعكاسه على حكومة أولمرت ونشاطها، وهي الحكومة التي دأبت على تحريض الأمريكان على ضرب إيران عسكرياً. ورغم ضعف هذا الخيار وتراجع حظوظه في الآونة الأخيرة، إلا أنه يبقى ماثلاً قياساً على سلوك الرئيس بوش المغامر، وحاجة أولمرت لرافعة سياسية في اللحظة الأخيرة.

أما فيما يتعلق بالجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، الأسير لدى حركة حماس؛ فمن الواضح أن ايهود أولمرت معني بنجاح الصفقة رغم التعقيدات وتضاؤل فرص النجاح لا سيما بعد عزمه الاستقالة. ومرد اهتمام أولمرت بنجاح الصفقة علاوة على كونه إنجازاً قومياً للجيش والحكومة، فإن عودة الجندي شاليط "حياً" إلى أهله، سيخدم أولمرت شخصياً لأنه سيوفر له رافعة أمام الرأي العام الإسرائيلي، ويوفر له انسحاباً "مشرفاً" من الحلبة السياسية، و"كفّارة" له عن جزء من الأخطاء التي ارتكبها خلال السنتين الماضيتين.

أولمرت الآن، في أضعف حالاته، ولكنه في ذات الوقت يملك ورقة التأثير على مؤيديه من منتسبي حزب كاديما بدفعهم للتصويت لصالح هذا المرشح أو ذاك، وهذا قد يمنحه ورقة أخيرة للمساومة على تمرير صفقة الأسرى في المجلس الوزاري إذا اقتنع بأهميتها لتحسين صورته الملطخة بالفساد والفشل.

التعليقات