31/10/2010 - 11:02

اسرائيل: بين العنصرية والارهاب وعكسية قرارات الامم المتحدة/محمد ميعاري

اسرائيل: بين العنصرية والارهاب وعكسية قرارات الامم المتحدة/محمد ميعاري
تمر هذه الايام ذكرى ثلاثين سنة على القرار الذي اتخذته الامم المتحدة في شهر نوفمبر 1975والذي ساوت به بين الصهيونية والعنصرية.

ومن المعروف تاريخيًا ان حكومات اسرائيل المتعاقبة كانت قد تعاملت مع هيئة الامم المتحدة وقراراتها المتكررة، خصوصًا بما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة مثل قرار التقسيم رقم 181 سنة 1947والقرار رقم 194المتعلق بحقوق اللاجئين وقرارات اخرى عديدة تعاملاً سلبيًا ورافضًا الى حد الاحتقار والتشهير بالرغم من ان السند الوحيد لقيام دولة اسرائيل، انما يعود الى قرار صادر عن هذه الهيئة الدولية الاخذة بالتدهور والانحطاط بعد وقوعها تحت الهيمنة الامريكية والتي تحولت الى ستار شفاف، لتنفيذ سياسات تعينها في خدمة مصالح الدولة المهيمنة وحلفائها وعلى رأسهم اسرائيل.

ولقد بُنيت هذه العلاقة بين اسرائيل والامم المتحدة على المقولة التي ارسلها دافيد بن غوريون مقيم دولة اسرائيل بعد قيامها مباشرة، عندما قال - وعلى رؤوس الاشهاد، انه :«بلا امم متحدة بلا بطيخ» (اوم شموم) وانه «ليس مهمًا ما يقوله الاغيار، المهم ما يفعله اليهود على الارض»، ولا زالت هذه المقولة الرعناء هي الموجه للسياسة الاسرائيلية في كل توجهاتها وممارساتها باختلاف حكوماتها واحزابها الدينية منها والعلمانية.

وقد برز هذا الامر في السابق ، وبما ترتكبه من ممارسات وافعال على الارض الفلسطينية، والمنطقة العربية، من اعمال القتل والارهاب المنظم، والعدوان على الدول المجاورة، وابرزها الحرب ضد لبنان وما ارتكبت خلاله من مجازر، صبرا وشاتيلا، وقانا، ناهيك عن المجازر التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني، منذ مذبحة دير ياسين واخواتها الى مجزرة كفر قاسم، الى مذبحة انتفاضة القدس والاقصى والتي تعتبر جميعها كجرائم حرب وجرائم ابادة شعب، وجرائم ضد الانسانية حسب تعريفات القانون الدولي العام، والقانون الدولي الانساني والمواثيق والاتفاقات الدولية المعتمدة تحت سمع وبصر وصمت الامم المتحدة.

هناك تياران مؤثران يعملان على الساحة السياسية الاسرائيلية، بالرغم من تعدد الاحزاب ، والتباين اللاأساسي والسطحي فيما بينها.

التيار الاول هو التيار الصهيوني ذو المظاهر العلمانية والذي يُعرف دولة اسرائيل بانها دولة «يهودية وديمقراطية» هذا التزاوج الذي يحمل تناقضه في ذاته استنادًا الى منطلقات عنصرية فاضحة، يروق لها ان تتستر تحت عباءة فضفاضة من شعار الديمقراطية المفقودة اصلاً. واما التيار الثاني فهو تيار ديني متحول يستند الى عنصرية معلنة، ودون الحاجة الى اي غطاء.

ويعمل هذا التيار الديني اليهودي السلفي المتحجر بالتحالف مع اليمين المتطرف والمستوطنين للسيطرة على الحكم. وأن تأثيره على قطاعات واسعة داخل المجتمع الاسرائيلي آخذة في الازدياد، يقول حاخام مستوطنة الون موريه ذو النفوذ الواسع: «الان انهارت الديمقراطية وسقطت تمامًا، وعلينا ان نبني النظام الجديد». وهو يشير بذلك الى نظام سلطة الحاخامات الدينية المستندة الى اقوال غاية في الغرابة والعنصرية، والتي تمثلها اقوال الراب كوك حين قرر: ان الفرق بين نفس اليهودي ونفوس سائر بني البشر ابعد من الفرق بين النفس البشرية والنفس الحيوانية».

وهنا تجدر الاشارة إلى ان الامر لا يتعلق بالتمنيات فقط، فقد افاد احد رموز هذا التيار ان مثل هذا الانقلاب سيتحقق على المدى القريب، لان نسبة الطلاب الواقعين تحت تأثير هذا التيار في مدارس اسرائيل اليهودية تبلغ 53بالمئة، وقريبًا سيصلون الى الاكثرية المطلوبة.

كل هذه التطورات الخطيرة تجري في اسرائيل دون ان تثير اي اهتمام او قلق لدى من يدعون ان همهم هو نشر الديمقراطية في العالم على طريقتهم، وتجاهل من المؤسسات الدولية، الداعية الى المحافظة على حقوق الانسان بما فيها هيئة الامم المتحدة والتي تصب كل اهتماماتها وجهودها الخارقة، ضد التطرف الاسلامي «والارهاب الاسلامي» الذي يهدد النظام والامن في العالم المتحضّر.

لقد وصل الامر بهيئة الامم المتحدة الى الحضيض بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والانقلاب الذي وقع ضد حركات التحرر الوطني ودول العالم الثالث، وبعد بسط الهيمنة الامريكية على السياسة الدولية، وعلى الشعوب المستضعفة وعلى الامم المتحدة، حيث قامت قبل حوالي خمس عشرة سنة بلحس قرارها الاول من سنة 1975واخذت تتعامل مع اسرائيل وممارساتها بما فيها امتلاكها للاسلحة الذرية والتدميرية بقفازات من حرير، تحت الضغط والتهديد من قبل امريكا، حامية اسرائيل، ربيبتها المدللة.

هذا الوضع الانفلاتي الذي حصل داخل الامم المتحدة وعكسية قراراتها في ظل النظام الامريكي، هو الذي ادى الى انتخاب اسرائيل هذه الايام كعضو في مؤسسة اليونيسكو التابعة للامم المتـحدة وفي لجنة «المحافظة على التراث الحضاري» المتفـرعة عنها.

كان الله في عون العالم وفي عون التراث والحضارة الانسانية اذا كانت امريكا واسرائيل هما المسؤولتان عن هذا التراث وعن هذه الحضارة الانسانية، لما لهما من حلف غير مقدس يتابع العالم نتائجه الحضارية كما هي واقعة اليوم في العراق وفي فلسطين.


عن صحيفة "فصل المقال"

التعليقات