31/10/2010 - 11:02

الاستمرار في التنسيق الأمني!../ مصطفى إبراهيم*

الاستمرار في التنسيق الأمني!../ مصطفى إبراهيم*
في السادس عشر من آب (أغسطس) 2008، عُقد لقاء بين سلام فياض رئيس وزراء الحكومة في رام الله، ووزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك في منزل الأخير في تل أبيب، للبحث في قضايا أمنية وسياسية، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين، والعفو عن مجموعة من المطاردين التابعين لحركة "فتح"، من "أعضاء كتائب شهداء الأقصى"، وانتشار قوات إضافية من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مدن الضفة الغربية.

وقبل نحو تسعة أشهر عقد لقاء آخر بين الاثنين في منزل باراك أيضاً، وتناول اللقاء البحث في قضايا أمنية وسياسية، وما تلاه من إصدار عفو عن مجموعة من المطاردين من حركة "فتح".

وفي الوقت ذاته من بداية العام الجاري أعلن تقرير صادر عن جهاز الأمن العام " الشاباك" عن جدية الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة لحكومة فياض والرئيس محمود عباس التي قامت حسب التقرير "منذ 28 تشرين الثاني (نوفمبر)2007، بنشاطات مكثفة وواسعة في الضفة الغربية خصوصاً في نابلس والخليل ضد حركة "حماس"، حيث اعتقلت أجهزة الأمن الفلسطيني نحو250 ناشطاً من الجناح العسكري للحركة، والأطر الحركية الأخرى بينهم أساتذة جامعيون، وصادرت نحو 120 قطعة سلاح وكشفت عن مختبر لإعداد المتفجرات، وإعادة تنظيم عمل الجمعيات الخيرية التابعة لحماس".

وحسب التقارير الإسرائيلية خلال الشهر الماضي فإن رئيس جهاز الأمن العام " الشاباك" يوفال ديسكين قدم عرضاً في جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية الأحد الموافق 31/8/2008، قال فيه: "أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية كثفت من نشاطاتها ضد حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، خلال شهري تموز (يوليو) ، وآب ( أغسطس) الماضيين، وذلك إثر الضغوط التي مورست عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل".

وأضاف ديسكين أن "الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية اعتقلت في الشهر الأخير 200 ناشط من حركة "حماس"، بالإضافة إلى مداهمة وإغلاق 45 جمعية خيرية مرتبطة بالحركة، واستبدال مجالس إداراتها، وكثفت الرقابة على التحويلات البنكية للحركة".

وحسب المعلومات الصادرة عن حركة "حماس" فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت خلال الشهرين الماضيين عدداً كبيراً من أعضائها، طالت صحافيين، وناشطين في الجمعيات الخيرية التابعة للحركة، أو تلك التي يديرها أشخاص مقربون من الحركة، وشملت الحملة الأمنية للأجهزة الفلسطينية إغلاق عشرات الجمعيات الخيرية، والتجارية، والمكاتب الصحافية، وعدد من المطابع، ومداهمة مساجد ومراكز لتحفيظ القرآن.

وتركزت الحملة في مدن الخليل، ونابلس وقليقيليه وطولكرم، وكان أعنف تلك الحملات مداهمة "المول" المركز التجاري في مدينة نابلس، وإغلاقه، ومن ثم قامت السلطة الفلسطينية باستبدال مجلس إدارته بمجلس آخر تابع لها.

وهاجمت حركة "حماس" أكثر من مرة السلطة الفلسطينية، ووجهت اتهامات للأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية بأنها تقدم خدمات مجانية لدولة الاحتلال، ووصفت ما يجري هناك بأنه ثمرة للتعاون والتنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية، الذي لم يتوقف في يوم من الأيام، وان ما يجري في الضفة الغربية من تنفيذ اعتقالات لقيادات، وعناصر الحركة في الضفة هو اجتثاث للحركة.

وكان سبق اللقاء بين فياض وباراك في بداية العام، لقاء امني فلسطيني إسرائيلي عقد في منطقة رام الله في السابع من كانون الثاني (يناير) 2008، وصفه بعض وسائل الإعلام أنه الأول منذ سبع سنوات، حضره جميع مسؤولي الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وحضره عن الجانب الإسرائيلي قائد الجيش في الضفة الغربية نوعام تبيون، و الجنرال يولي موردخاي رئيس لجنة التنسيق والارتباط في الضفة.

و في الحادي عشر من الشهر الماضي أغسطس (آب) 2008، كان اللقاء الأمني الفلسطيني الإسرائيلي الذي عقد في مقر المقاطعة في مدينة جنين، وكان الهدف منه تعزيز التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والجيش الإسرائيلي في الضفة المحتلة، ومراجعة إنجازات السلطة الفلسطينية خلال الأشهر الأربعة الماضية، وحضره عن الجانب تبيون، وموردخاي، وسبق أيضاً، لقاء فياض باراك المنعقد في السادس عشر من الشهر ذاته.

يأتي ذلك مع الإعلان عن سماح الجيش الإسرائيلي بإدخال ألف بندقية رشاشة للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وكميات كبيرة من الرصاص. وما ذكرته مصادر أمنية إسرائيلية عن التقدم الذي حصل في الآونة الأخيرة في عمل الأجهزة الأمنية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الجريمة وتبييض أموال لحركة "حماس".

فالمتابع لعمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية يلاحظ أنه منذ سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة شددت قبضتها في الضفة وبدأت بتنفيذ الخطة الأمنية التي وضعتها حكومة رام الله بدءاً من مدينة نابلس تحت غطاء فرض الأمن والنظام، وتجريد المقاومة من أسلحتها وتسليم عشرات المطاردين أسلحتهم.
وفي هذا السياق شنت حملات مركزة ضد حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية.
كل ذلك يأتي ضمن التنسيق والتعاون الأمني، وتنفيذ حكومة رام الله التزاماتها الأمنية الواردة في خطة "خارطة الطريق".

وعلى رغم الادعاء الإسرائيلي بجدية الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتنفيذ التزاماتها الأمنية، إلا أنها مستمرة في خرق الاتفاقات والتفاهمات التي تمت بين فياض وباراك في اللقاء الذي عقد في بداية العام الجاري، وكذلك الشهر الماضي، وتقوم قوات الاحتلال باستمرار باستباحة مدن الضفة الغربية، وبعمليات اجتياح مستمرة، وحملات اعتقال لم تتوقف في يوم من الأيام حيث وصل عددهم الشهر الماضي نحو 330 معتقلاً، والاستمرار في بناء مزيد من المستوطنات، والرئيس عباس وفريقه مستمرون في التفاؤل والثقة بجدية الوعود والبحث في قضايا مركزية للتوصل إلى اتفاق "رف" أو "اتفاق مبادئ" قبل نهاية العام 2008.

كل ما يجري يعمق من حدة الانقسام، ويزيد من الخلافات وتوجيه الاتهامات، والأجهزة الأمنية الفلسطينية سوف تستمر في التنسيق الأمني، والمقابل ثمن بخس، وخدمة مجانية لحماية امن دولة الاحتلال، في مشهد يكرر تجربة الأجهزة الأمنية الفاشلة خلال الـ14عاماً الماضية.

التعليقات