31/10/2010 - 11:02

الاغتيالات- عودة للطبيعة الصهيونية!../ نواف الزرو

الاغتيالات- عودة للطبيعة الصهيونية!../ نواف الزرو

بعد أن كان "آفي ديختر" رئيس "الشاباك "الإسرائيلي سابقا ووزير الأمن الداخلي الإسرائيلي حاليا، قد أعلن بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية مباشرة: "أن هنية ليس محصنا ضد الاغتيال كونه رئيسا للحكومة الفلسطينية"، يعود إلينا اليوم بعد نحو سنة ونصف من تشكيل الحكومة الفلسطينية، وبعد نحو شهرين على تشكيل حكومة الوحدة، ليعلن مجددا أن"مشعل وهنية ليسا محصنين وأن إسرائيل سوف تصفي مشعل في اقرب فرصة تتاح/ وكالات الانباء 2007/5/21"، ليكشف لنا ديخترعن تلك النوايا المبيتة ضد قيادات وزعماء وكوادر الشعب الفلسطيني.. وليتضح لنا مجددا أن تلك الدولة لا يمكنها أن تخرج من جلدها وأنها مهما ناورت فإنها تعود إلى طبيعتها وحقيقتها كدولة اغتيالات وإرهاب..!.

وفي ضوء ذلك نعود لنتوقف مجددا أمام سياسة الاغتيالات وجرائم الاحتلال المتصاعدة في غزة ومخيماتها وفي كافة الأمكنة الفلسطينية على امتداد مساحة الوطن العربي الفلسطيني المحتل، لنؤكد أنها ليست مجرد تصعيد غاضب انتقامي ردا على صواريخ القسام مثلا، وإنما هي سياسة وجرائم حرب منهجية مبيتة مع سبق الإصرار... وهي بالتأكيد سياسة وجرائم حرب شاملة تنتهك كافة المواثيق والقوانين الدولية والبشرية انتهاكا صارخا سافرا، بل إن ما يقترف هناك من قبل دولة الاحتلال هو "إرهاب الدولة" بكل ما ينطوي عليه هذا المصطلح من دلالات.

ونضيف: إذا كانت سياسة الاغتيالات والتصفيات الجسدية المحمومة لكبار القادة والنشطاء الوطنيين الفلسطينيين، تعتبر "السياسة الصهيونية/ الإسرائيلية الأخطر والأشد إرهابية وإجراماً مع سبق التخطيط والنوايا المبيتة"، فإن هذه السياسة في الحقيقة جزء لا يتجزأ من استراتيجية إرهابية صهيونية/ إسرائيلية شاملة لم تتوقف لا التنظيمات الإرهابية السرية الصهيونية عن العمل بها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولا هذه الدولة نفسها بعد قيامها، كما أنها جزء لا يتجزأ من تراث وأدبيات سياسية وأيديولوجية إرهابية عريقة.

اذ يعود تاريخ سياسة الاغتيالات الصهيونية إلى بدايات القرن الماضي، حيث نظر وخطط وأدلى وسوغ كبار المفكرين والمنظرين الصهاينة للإرهاب الدموي والتدميري ضد الشعب الفلسطيني، ما ترتب عليه لاحقاً سلسلة لا حصر لها من جرائم الحرب الصهيونية ضد أهل فلسطين، وكان من ضمن هذه الجرائم والاغتيالات السياسية الإرهابية، التي بدأت في ذلك الوقت عملية اغتيال الكونت برنادوت يوم 17/9/1948 بسبب مقترحاته السياسية التي دعت إلى إعادة اللاجئين الفلسطينيين، وقد نفذ عملية الاغتيال آنذاك حركة شتيرن الإرهابية التي تزعمها اسحق شامير، كما كشف روي يعقوب أهروني 79سنة أحد مسؤولي منظمة " الاتسل " اليهودية النقاب عن: "صفقة عقدت بين بريطانيا والاتسل عام 1941 لاغتيال الحاج أمين الحسيني ".

كما كان كتب المحلل الاستراتيجي زئيف شيف في صحيفة "هآرتس" 2006/6/5 تحت عنوان "الإغتيال الموضعي الأول" كاشفا امتدادات وجذور سياسة الاغتيالات:
"في 27/12/1947، بعد شهر من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإقامة دولتين، يهودية وعربية، وقبل أن تتحول التصادمات الدموية بين الشعبين إلى حرب– حرب استقلال إسرائيل- أصدرت منظمة "الهاغاناه" أمراً عملياتياً أطلق عليه لقب "زرزير". ويمكن رؤية هذا الأمر كخطة عملياتية أولى لما سيطلق عليها بعد عشرات السنوات "الإغتيال الموضعي".
ويضيف:" وفي الواقع كان اغتيال العرب يحصل منذ بداية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن أمر "زرزير" كان مختلفاً.

ففي المرة الأولى جرى التخطيط لحملة لـ"اغتيالات موضعية"، مع قواعد تنفيذية. ولذلك فإن الإغتيال الموضعي ليس كما يسود الإعتقاد بأنه نتيجة للإنتفاضات أو العمليات الإنتحارية.
وكان أمر تنفيذ "زرزير" يبدأ بالكلمات التالية: "صدر إليك الأمر بالقضاء على الأشخاص التالية أسماؤهم بدون الحاجة إلى مصادقة أخرى"!
وكانت قائمة "المرشحين" للإغتيال طويلة، وتدل على النوايا السياسية الإستراتيجية للهاغاناه عشية حرب الإستقلال".

ويوضح شيف: "في القائمة الأصلية للمرشحين للإغتيال كان 23 قائداً وضابطاً عربياً من كافة أرجاء البلاد، المجموعة الأكبر كانت في منطقة القدس، أما المجموعة الثانية فكانت من مدينة يافا، وكان بعضهم مثل إميل غوري، قادة سياسيين، في حين برز آخرون كقادة عسكريين، مثل حسن سلامة وعبد القادر الحسيني، اللذين قتلا في نهاية الأمر أثناء المعارك مع إسرائيل.

وسائل الإغتيال كانت بدائية، أما إطلاق صواريخ وتفعيل مروحيات وطائرات بدون طيار فلم تكن تظهر حتى في أحلام المنفذين.
وفي منتصف سنوات الخمسينيات عادت إسرائيل إلى "الإغتيالات الموضعية" ولكن بحجم صغير، وقد تم توجيه الجهد كله ضد رجال المخابرات والملحقين المصريين الذين عملوا في تنظيم الخلايا العربية بهدف قتل إسرائيليين، هذه القضية انتهت مع حملة سيناء".

وإن كنا هنا لسنا بصدد عرض التراث والأدبيات السياسية والأيديولوجية الإرهابية / الصهيونية التي تعود كما أشير إلى بدايات القرن الماضي إلا أننا نتوقف بالضرورة أمام أهم الأدبيات السياسية الحديثة الواردة على لسان عدد من قادة الدولة الإسرائيلية والتي تشرع وتسوغ سياسة الاغتيالات التصفوية الدموية ضد الفلسطينيين.
فقد حظيت عمليات الاغتيال ضد الناشطين الفلسطينيين بمباركة صناع القرار الإسرائيلي على أعلى المستويات، كما حظيت بمباركة القضاء العسكري لدولة الاحتلال والوثائق والاقتباسات التي تعزز ذلك لا حصر لها...

وإذا ما أضفنا إلى ذلك تلك الأبعاد الاستراتيجية السياسية الصهيونية التي يعمل المشروع الصهيوني من اجل تحقيقها، فإننا يمكن أن نؤكد أولا أننا أمام دولة متميزة عن دول العالم بسياسة الاغتيالات والإرهاب، في الوقت الذي يمكننا أن نتنبأ أيضا أن ثقافة القتل والهدم والتدمير في فلسطين لن تتوقف ولن تنتهي، وأن التطبيقات الإجرامية لهذه الثقافة ضد أطفال ونساء وشيوخ فلسطين كذلك ستستمر وستتأجج.

لنصبح بالتالي أمام مشهد إرهابي إسرائيلي واضح المعالم والخطوط والأهداف، وأمام سياسة اغتيالات إسرائيلية رسمية ومشرعة من قبل أعلى المستويات السياسية والقضائية والأمنية الإسرائيلية، ولتتبلور سياسة " إطلاق الرصاص باتجاه عناوين محددة "، ولتغدو " القيادات الفلسطينية كلها عدواً في دائرة التصويب والقنص "..

لنوثق في الخلاصة المكثفة المفيدة أننا عملياً أمام دولة اغتيالات تقوم باغتيال الفلسطينيين بشكل منهجي ومبرمج … هذه هي إسرائيل....!
ما يستدعي من الفلسطينيين والعرب اليقظة والاستعداد لمواجهة حرب اغتيالات اسرائيلية مفتوحة، فالهدف الإسرائيلي يبقى الاغتيال الاستراتيجي لفلسطين والقضية بكافة ملفاتها وعناوينها...!

التعليقات