31/10/2010 - 11:02

التطبيع في زمن الحروب الاسرائيلية...!/ نواف الزرو

-

التطبيع في زمن الحروب الاسرائيلية...!/ نواف الزرو
حسب المشهد السياسي الراهن فقد بتنا قسرا امام ثنائية التطبيع ام التوقيع اولا، فبينما تمارس الادارتان الامريكية والاسرائيلية الضغوط المختلفة على العرب لدفعهم لاتخاذ خطوات تطبيعية عاجلة كبادرة حسن نية مع "اسرائيل"، يرد الفلسطينيون والعرب "ان على اسرائيل ان تجمد الاستيطان اولا...!".

وكأن المشكلة لدينا هي تجميد الاستيطان وليس تفكيك ورحيل الاحتلال كي يتسنى الاستقلال الفلسطيني...!
وثنائية التطبيع والتوقيع لا تنفصل بالتاكيد هنا عن ثنائية التفكيك والتركيب التي تعني اعادة تشكيل المنطقة لصالح اسرائيل، ويأتي التطبيع العربي هنا جزء من ذلك...!.

الرئيس الامريكي أوباما يتعهد لنتنياهو بالدفع بـ"مبادرة سلام" جديدة تتضمن دفع دول عربية للبدء بالتطبيع مع إسرائيل فورا، وتطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق، علاوة على تعهده بعدم السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية/ عـرب/48/ 19/5/2009 ".

كما بعث ما يزيد علي 200 نائب في الكونغرس الأمريكي، برسالة للملك السعودي عبد الله، طالبوه فيها بتطبيع العلاقات بين المملكة السعودية وإسرائيل"، وأعرب النواب عن "خيبة أملهم من الرد العلني لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي صرح بان السعودية ترفض إجراء علاقات مع إسرائيل قبل انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، صحيفة يديعوت العبرية/31 / 7 / 2009".

ويعززميتشل ما سبق اعلاه قائلا "ان رؤية الرئيس الاميركي باراك اوباما هي التوصل الى سلام شامل في الشرق الاوسط ، ويجب ان يتم في اطار هذا الاتفاق "تطبيع كامل للعلاقات بين اسرائيل وكافة جيرانها في المنطقة/ وكالات 2009/7/29".

وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت/3/7/2009 عن: أن الولايات المتحدة، ومقابل تجميد البناء في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، تقترح تمكين الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق الدول العربية، وأن الولايات المتحدة تتعهد بأن تقوم دول عربية بالسماح للطائرات بالتحليق فوق أجوائها. واسرائيليا- وفي اللقاء الذي عقد بين باراك و ميتشل- في لندن سأل الاول الثاني: كم دولة عربية وافقت على التطبيع حتى نبدأ بالتفاوض مع الفلسطينيين؟/ السبت 4 / 7 / 2009 "، و"استبعدت إسرائيل تجميد الاستيطان فى الضفة الغربية بدون الحصول على مقابل من الفلسطينيين والدول العربية خاصة السعودية"، وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت "أن نتنياهو قال فى اجتماع عقده مع 27 سفيرا أجنبيا إن إسرائيليين كثيرين على استعداد لتقديم تنازلات كثيرة للفلسطينيين، فإذا كان أحد ما يريد أن أجمد الاستيطان، فإننى أتوقع أن يقدم الفلسطينيون والعرب المقابل".

فلماذا يصر قادة اسرائيل والإدارة الأمريكية اذن على إنهاء كافة أشكال المقاطعة العربية وتحقيق التطبيع الشامل مع الدول والأمة العربية … ؟ !!
ثم ما العلاقة الجدلية ما بين التطبيع الشامل، وموازين القوى الاستراتيجية ما بين العرب واسرائيل ...؟.
وما الأخطار المحدقة بالأمة العربية جراء تفكيك المقاطعة ومقاومة التطبيع …؟!!
جملة مفتوحة من الاسئلة والتساؤلات على الاجندات العربية في ضوء هجوم التطبيع...!
والواضح تماما ان الإدارتين الأمريكية والاسرائيلية لا تعملان في هذه المرحلة من اجل تفكيك المقاطعة الاقتصادية العربية فقط ، وإنما من اجل تحقيق التطبيع العربي بكافة أشكاله الثقافية والإعلامية والاجتماعية والتعليمية والسياسية الخ..!.

فبالنسبة لهما فإن التطبيع يعني إقامة وإحلال علاقات طبيعية بين الأمة العربية واسرائيل كبديل للصراع الاستراتيجي، ومن هنا فإن الاصرار على التطبيع يحمل معنى القسر والإكراه والابتزاز لفرض نمط علاقة غير طبيعية .

وبالتالي فإذا كان التطبيع يعني انتقالاً نوعياً لنمط العلاقة بين الطرفين المتصارعين، فإن النمط الجديد للعلاقة المطلوبة مع اسرائيل بالضرورة يخضع لموازين القوى القائمة، أما أشكال ومضامين التطبيع المطلوبة فهي -كما كنا كتبنا واشرنا في مقالات سابقة-:
1- التطبيع السياسي والاعتراف الدبلوماسي والقانوني من قبل جميع الدول العربية.
2- التطبيع الاقتصادي – أي إنهاء المقاطعة الاقتصادية تماماً وبناء علاقات اقتصادية في مختلف المجالات: زراعة .. صناعة .. خبرات .. أيدي عاملة .. استثمارات ..
3- التطبيع السيكولوجي- النفسي، أي تطبيع وجود " إسرائيل " والقبول بها عربياً رسمياً وشعبياً والتعايش معها بوصفها دولة طبيعية مشروعة في المنطقة .
4- التطبيع الثقافي، وهذا يعني إلغاء منظومة كاملة من المعتقدات والأفكار والمفاهيم التي نشأت عليها أجيال وأجيال فلسطينية وعربية ، مع كل ما يتطلبه ذلك من تغيير في المناهج التعليمية والمطبوعات الفكرية والسياسية والثقافية والتاريخية والوسائل والخطابات الإعلامية والأنشطة الفنية .. الخ.
ولذلك يمكن القول أن " التطبيع " في المفهوم الأمريكي-الاسرائيلي ليس له علاقة بالتطبيع الإنساني الذي يقوم بين شعب وآخر متحاربين، أو ما بين شعوب متناددة تحتاج إلى مثل هذا التطبيع، وإنما هو تطبيع ابتزازي يستند بوضوح إلى هذا الخلل المفجع في موازين القوى ..
وهو تطبيع ابتزازي يهدف إلى تشريع وجود دولة قامت بصورة غير مشروعة وعبر السطو المسلح على انقاض شعب كان قائماً على امتداد مساحة وطن مشروع له عبر التاريخ .

وهو تطبيع ابتزازي يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية مما يؤدي في المحصلة إلى تحقيق وتكريس " أطلس الأحلام والأهداف الاستراتيجية الصهيونية ".
مؤسف ان نعترف ان السياسات الامريكية –الاسرائيلية الهجومية في جبهة التطبيع نجحت الى حد مقلق في اختراق هذه الجبهة الاهم والاخطر في المواجهة العربية للمشروع الصهيوني، كما نجحت على نحو اخطر في بث الفتن والجدالات الداخلية في الاوساط السياسية والاكاديمية والثقافية وغيرها في الدول والمجتمعات العربية، الامر الذي ترك ويترك وراءه حالات من الصراعات والانشغالات الداخلية العربية في الوقت الذي كان يجب ان ينشغل العرب اكثر بالمضامين الحقيقية للصراع وبكيفية التصدي لهذا الهجوم الامريكي –الاسرائيلي الذي يستهدف تفكيك اهم واخطر جبهة مناهضة وممانعة عربية في وجه تطبيع" اسرائيل" في المنطقة ...!
ونتساءل في الخاتمة عن جدوى التطبيع العربي مع اسرائيل في زمن الحروب المفتوحة وسياسات التطهير العرقي في فلسطين عامة وفي المدينة المقدسة خاصة ...!.


nawafzaru@yahoo.com


التعليقات