31/10/2010 - 11:02

الخطأ القاتل../ إيلي شلهوب

الخطأ القاتل../ إيلي شلهوب
خلافاً للصين، التي تعتمد مبدأ «الصعود السلمي»، يبدو أن روسيا تستوحي روح القرن التاسع عشر في إعادة بناء إمبراطوريتها، التي خلّف انهيارها عام 1990 فراغاً سعى العم سام، القطب الأوحد في ذلك الحين، إلى ملئه، بل إلى استغلاله في محاولة لتوسيع منطقة نفوذ إمبراطوريته وإطالة عمرها، تارة بالثورات الملونة وطوراً بتمدد «الأطلسي» ونشر الدرع الصاروخية. التجربة الأخيرة السابقة لانهيار إمبراطورية بهذا الحجم تعود إلى بداية القرن الماضي (السلطنة وهنغاريا ــ المجر). وبحسب جون ماكلوفين، «مضى 17 عاماً على انهيار الاتحاد السوفياتي.

وقياساً بالجدول الزمني لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، نكون حالياً في عام 1935»، مع ما يعنيه ذلك من اضطرابات أدت في نهاية المطاف إلى الحرب العالمية الثانية وولادة نظام القطبين. أوجه الشبه بين الحالتين تبدو مقتصرة فقط على فكرة «حراك الصفائح التكتونية»، التي تحتاج إلى سنوات لكي تستقر. وبالتالي، تبدو جورجيا الهزة الارتدادية الأولى، التي ستليها هزات، يُرجَّح أن تكون أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق ساحتها.

لكن الواقع العالمي ما بعد الحرب الباردة، وحال الاعتماد المتبادل، والتمدد العسكري الأميركي إلى حدوده القصوى، كلها معطيات ترسم قواعد للصراع تُجبر أطرافه على اللعب في منطقة الوسط؛ فالغرب يعتمد على النفط والغاز الروسيين، وعلى تعاون موسكو في الملف الإيراني (الحيوي لأمن إسرائيل ولمصالح أميركا)، وعلى استمرارها في التعامل بالدولار للحفاظ على قيمته المتدهورة. أما روسيا، وخلافاً للاتحاد السوفياتي، فهي بحاجة إلى مجموعة الثماني ومنظمة التجارة العالمية والاستثمارات الأجنبية لاستكمال بنائها الاقتصادي واندماجها العالمي. ولعل ذلك ما يدفعها إلى اللعب بقواعد الخصم، عبر استعادة الحجج التي اعتمدها الغرب في التدخل في كوسوفو.

أخطاء جورج بوش عديدة، لكن سعيه إلى التمدد نحو الحدود الروسية يبدو أنه سيكون قاتلاً؛ فهو يلعب في منطقة استراتيجية لواشنطن، لكنها حيوية لموسكو الساعية لاستعادة هيبتها. وصحيح أن ردّ فعل الغرب (المُربَك والمُهادن) يحاكي موقفه من الصعود النازي... لكن روسيا (المندفعة بمغامرتها المحسوبة بدقة) ليست ألمانيا الهتلرية.
"الأخبار"

التعليقات