31/10/2010 - 11:02

الزلزال التركي: ما هو حجم انتصار أردوغان.. وماذا يعني؟../ محمد نور الدين

الزلزال التركي: ما هو حجم انتصار أردوغان.. وماذا يعني؟../ محمد نور الدين
أجمعت الصحافة التركية على أن «حزب العدالة والتنمية» حقق انتصاراً ساحقاٍ على خصومه، وهو ما يعني أن على القوى التركية بما في ذلك أساساً، المؤسسة العسكرية، احترام خيار الشعب هذا. وكان لافتاً عنوان صحيفة «راديكال» العلمانية المعارضة لزعيم الحزب الحاكم رجب طيب اردوغان، الذي جاء فيه «وهذا إنذار الشعب»، في إشارة إلى انه ردّ على «إنذار 27 نيسان» الذي وجهه الجيش على موقعه على شبكة الإنترنت، وحال دون وصول عبد الله غول إلى رئاسة الجمهورية. وعندما مُنع غول من أن يكون رئيساً للجمهورية توعّد قادة «العدالة والتنمية» بأن الردّ سيكون في صناديق الاقتراع، وهذا ما حصل أمس الأول. وعنونت صحيفة «زمان» الإسلامية المعتدلة «الكلمة الأخيرة قالتها الأمة»، في ما عنونت «بوسته» العلمانية «الشعب قال حزب العدالة والتنمية». وذكرت صحيفة «وطن»، «اردوغان مسح وكنس».

وفي عناوين «صحيفة تركيا»، «حزب العدالة والتنمية سحق ومرّ»، وميلييت «رقم قياسي لحزب العدالة والتنمية»، وحرييت «فترة طيّب الثانية». وكانت كتابات المعلقين أكثر تعبيراً عن حجم الانتصار الذي حققه «العدالة والتنمية». وقد وصفه المعلق العلماني غونيري جيفا اوغلو، المعارض بشدة لرئيس الحكومة، بأنه زلزال بقوة سبع درجات لن تمنعه كل السواتر الحديدية. ويشير أوغلو إلى انه سيكون للنتائج وقع كبير على الاقتصاد، موضحاً أن الناس كانوا يحتفلون بالفوز بإطلاق العيارات النارية، وغداً ستنفجر الرصاصات إيجاباً في البورصة.

وكتبت صحيفة «اكسام» أن النتائج تظهر أن على الجيش، الذي هو حارس القيم العلمانية في بلد يدين 99 في المئة من سكانه بالإسلام، «التوقف تماماً عن التدخل في السياسة».
لقد أكد الشعب التركي بانتخابات مرة أخرى أنه يقف إلى جانب الضحية، وكم كانت معبّرة كلمات اردوغان عندما وصف النتيجة بأنها «ردة فعل للأمة على الذي حصل تجاه غول» في انتخابات الرئاسة، لكن أحداً لن يجادل في أن الناس انتخبت أيضاً لمصلحة الإنجازات الاقتصادية والاستقرار السياسي وترسيخ الديموقراطية.

ولم يستطع زعيم «حزب الحركة القومية» دولت باهتشلي، الذي دخل البرلمان، تفسير سبب ارتفاع أصوات «العدالة والتنمية» برغم «سياساته الفاشلة»، مرجحاً أن يكون السبب التركيز على طريقة الغدر التي عمل عليها أردوغان، داعياً باهتشلي إلى انتخاب رئيس توافقي للجمهورية. لكن «الحركة القومية» ضاعف من الأصوات التي حصل عليها من 8.3 في المئة في العام 2002 إلى 15 في المئة الأحد الماضي.

وكان «حزب الشعب الجمهوري» الخاسر الأكبر في الانتخابات، وانطوى زعيمه بايكال على نفسه في منزله، مع ارتفاع الأصوات داخل الحزب المطالبة باستقالته، في حين يتجه نواب حزب «اليسار الديموقراطي» الـ,13 الذين فازوا على لوائح «الشعب الجمهوري» للعودة إلى حزبهم.

وتبرز أهمية انتصار «العدالة والتنمية» أنه الوحيد الذي أخرج نواباً له في 80 من أصل 81 دائرة انتخابية، باستثناء محافظة تونجيلي، أي على امتداد مساحة تركيا، كما اكتسح المدن الكبرى في اسطنبول وأنقرة وكان نداً لـ«حزب الشعب الجمهوري» في ازمير المعقل التاريخي للعلمانيين. وللمرة الأولى يتقدم على بايكال في معقله ومسقط رأسه أنتاليا. وزادت أصواته بحوالى خمسة ملايين صوت، من عشرة ملايين في 2002 إلى 15 مليوناً هذه المرة.

ولا شك بأن «حزب المجتمع الديموقراطي» الكردي كان من كبار الرابحين، وقد اعتبر نائبه الجديد احمد تورك أن الحزب انتقم من اعتقال نوابه في العام .1994 لكن الأهم أنه سيكون لنواب الحزب الـ23 دور المفتاح، في تامين نصاب الثلثين في أي مشروع لتعديل الدستور في المستقبل، كما في انتخابات رئاسة الجمهورية.

يشار إلى أن فوز الأكراد بـ23 نائباً، للمرة الأولى، لا يعني انه الحزب الأول في مناطق الجنوب الشرقي، فقد تفوق «العدالة والتنمية» على «المجتمع الديموقراطي» في ست محافظات مقابل المركز الثاني في ثلاث، ما يعني أن الناس هناك تريد الاندماج بتركيا لا الانفصال عنها. وهذا يتعارض بعض الشي ء مع التصريحات التي أدلى بها بعض نواب «المجتمع الديموقراطي» من أنهم سيسعون إلى نظام الولايات في تركيا، لتكون للأكراد ولايتهم الخاصة بهم.

ويتوقع المراقبون أن يكون البرلمان الجديد ميدان حرب بين نواب «المجتمع الديموقراطي» و«الحركة القومية»، ما ينذر بتوترات قد يكون العسكر المستفيد الأول منها لتدخلات مستقبلية.

ووفقاً لنتائج الانتخابات فقد يكون في البرلمان ثمانية أحزاب، بعد عودة بعضها، مع آخرين إلى قواعدهم الحزبية، وهم «العدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري»، الذي سينفصل عنه النواب الـ13 لـ«اليسار الديموقراطي»، و«المجتمع الديموقراطي»، و«الوحدة الكبير» الذي نجح زعيمه محسن يازجي اوغلو بالفوز مستقلا، و«التضامن والحرية» اليساري ممثلاً برئيسه افق اوراس، وربما «الوطن الأم» إذا عاد مسعود يلماز على رأسه.

وفي حسابات الأرقام، فإن «حزب العدالة والتنمية» فاز بـ 341 نائباً، و«حزب الشعب الجمهوري» بـ ,112 و«حزب الحركة القومية» بـ,70 و«حزب المجتمع الديموقراطي» الكردي بـ23 نائباً وأربعة نواب مستقلين آخرين. وفي حسابات الثلثين فإن مجموع نواب «العدالة والتنمية» و«المجتمع الديموقراطي» سيكون 365 أي اقل من الثلثين بثلاثة أصوات، لكن إذا أضيفت إليهم أصوات المستقلين الآخرين فسيتم بلوغ، وربما تجاوز، الـ 367 مقعدا، من دون الحاجة إلى «الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية».

أما الجيش فلم يصدر بعد أي تعليق عنه، وإن وضعته نتائج الانتخابات في موقف حرج جداً في المواجهة مع «العدالة والتنمية».

ماذا سيحدث الآن؟
بعد إعلان النتائج النهائية بصورة رسمية من جانب الهيئة العليا للانتخابات، والمتوقع قبل الخميس المقبل، يؤدي النواب قسم اليمين، وخلال خمسة أيام يتقدم المرشحون لرئاسة البرلمان بطلباتهم على أن تجري انتخابات رئاسة المجلس خلال الخمسة أيام التالية، وفي هذه الوقت يمكن للمرشحين لرئاسة الجمهورية الإعلان عن أنفسهم، حتى قبل انتخاب رئيس البرلمان الذي سينتخب الرئيس الجديد للجمهورية خلال شهر من أداء النواب قسم اليمين الدستورية، أي انه إذا تم أداء القسم في الأول من آب فيجب انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية قبل نهاية الشهر.

وفي حال فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد، ستذهب البلاد من جديد إلى انتخابات نيابية جديدة خلال ستين يوماً، ويرجح في هذه الحال أن تتم في اليوم نفسه الذي سيجري فيه الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تقضي بانتخاب الرئيس من الشعب أي في 21 تشرين الأول المقبل، وفي هذه الحال لن ينتخب البرلمان الجديد رئيس الجمهورية بل، في حال نجح استفتاء انتخاب الرئيس من الشعب، ستتم الدعوة لانتخابه من الشعب خلال كانون الأول المقبل، وسيبقى الرئيس الحالي أحمد نجدت سيزير في موقعه الى حين انتخاب رئيس جديد.

"شام برس"

التعليقات