31/10/2010 - 11:02

الصور الإسرائيلية لمواقع حزب الله../ د.عبد الستار قاسم

الصور الإسرائيلية لمواقع حزب الله../ د.عبد الستار قاسم
نشرت إسرائيل صورا جوية بتاريخ 8/تموز/2010 لمواقع داخل قرى لبنانية قالت عنها إنها مواقع تخزين وإطلاق صواريخ حزب الله، وقامت وسائل الإعلام المختلفة بنشر هذه الصور.

تعددت الاجتهادات حول أسباب نشر هذه الصور، وكان على رأسها تقديم مبررات مسبقة للعالم لقصف القرى اللبنانية في حال نشبت الحرب، وتحميل حزب الله مسؤولية قتل المدنيين اللبنانيين. ربما يكون ذلك على الرغم من أن العالم لم يحرك ساكنا بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب بصورة عامة. يستنكر العالم على مدى عدة أيام تعريض نفوس المدنيين للخطر ويدعو إلى ضبط النفس، لكن نزيف المدنيين لا يتوقف.

تستهدف إسرائيل من هذه الصور الداخل اللبناني بصورة خاصة. هي تريد تأليب المعارضين لحزب الله على سلاح المقاومة، وحشد الرأي العام اللبناني ضد الحزب، وتبغي أيضا إثارة الرعب في نفوس وقلوب اللبنانيين في أكثر من مائة قرية في الجنوب. وكأنها تقول إن على اللبنانيين ألا ينعموا بالسلم الأهلي، وإن التوتر يجب أن يميز العلاقات اللبنانية الداخلية باستمرار عساه يتحول إلى اقتتال وحرب أهلية، وعلى أهل الجنوب أن يرحلوا ليكونوا عبئا على الحكومة اللبنانية.

قالت إسرائيل مرارا وتكرارا قبل عام 2006 إن حزب الله يخزن أسلحته داخل القرى والمدن، ويستعمل الناس كدروع بشرية، وهو بذلك يهدد أمن المواطنين وممتلكاتهم ونفوسهم. قامت الحرب، ولم نر صواريخ تنطلق من الأماكن السكنية، ولم نر مقاتلين يخرجون من تحت الأنقاض أو من الحارات والساحات. وبالرغم من ذلك دمر الصهاينة القرى على رؤوس أصحابها، وقتلوا أكثر من 1200 مدني لبناني.

استعمل حزب الله تكتيكا عسكريا ناجحا عام 2006، ووقعت إسرائيل في فخ أوهامها الاستخبارية، ولا أظن أن حزب الله قد اكتسب خلال السنوات السابقة غباء يتمثل في الصور العسكرية الإسرائيلية. حزب الله اكتسب خبرة، وتعلم دروسا تدعوه إلى مراجعة خططه وأساليبه بخاصة تلك التي تم كشفها بسبب الحرب، وهو بالتأكيد طور خططا جديدة لا تعطي إسرائيل أي ذريعة لضرب المدنيين أو لتهديم البيوت.

حزب الله حزب علمي، ويتبع المنهجية العلمية في تفكيره ومناهجه وطرق التنفيذ، وهو ليس حزبا ارتجاليا أو اعتباطيا أو فوضويا، أو جبانا لكي يحتمي تحت مظلة دماء مناصريه وأبناء شعبه.

لقد قصفت إسرائيل عام 2006 العديد من الموقع التي كانت تظن أنها عسكرية بما فيها سيارات مكشوفة تحمل مواسير مياه، وخلاطات خرسانة، ومداخن، وكانت تتقدم على الأرض في حين أن الصواريخ كانت تنطلق من خلف قواتها المتقدمة على بعض المحاور. لكن لا عليه إذا كانت تريد إسرائيل أن توهم نفسها بدقة معلوماتها مرة أخرى في الحرب القادمة.

حزب الله يتميز بمستوى أخلاقي رفيع، وهو قدوة للعدو وللصديق من الناحية الأخلاقية، والتشكيك بلاأخلاقية العمل العسكري والأمني لحزب الله لن يجدي نفعا، ولا أرى أن شعب لبنان سيلقي آذانا لهذه المقولات الإسرائيلية.

هناك نقطتان لم تترافقا مع الصور وهما: من قال إن الطيران الإسرائيلي سيمتلك الجو في الحرب القادمة، وإن قصف المدن والقرى اللبنانية سيكون تسلية؟ ومن قال إن ضرب القرى اللبنانية سيعطي حصانة للمدن الإسرائيلية؟

التعليقات