31/10/2010 - 11:02

العنصرية قانونا والهجوم المضاد!../ د.جمال زحالقة

العنصرية قانونا والهجوم المضاد!../ د.جمال زحالقة
فقط في يوم واحد، هو الأربعاء الماضي مررت الكنيست، بالقراءة التمهيدية، ستة اقتراحات قوانين عنصرية: اثنان ينصان على سحب المواطنة والإقامة من كل شخص وعائلته، إذا كان مشاركاً فيما تسميه إسرائيل عملاً إرهابيا، مما يعني إلغاء كافة الحقوق وحتى الطرد من البلاد، واثنان يمنعان إقامة بيت عزاء للشهداء، واثنان خصصا شخصياً للدكتور عزمي بشارة وينصان على حجز مخصصات التقاعد، التي يحصل عليه من توفيره الخاص في صندوق التقاعد.

سبق ذلك، وفي يوم الثلاثاء، أقرت الكنيست تمديد قانون منع لمّ الشمل، الذي وصفته كل منظمات حقوق الإنسان المحلية والعالمية بأنه عنصري بامتياز. وقبل ذلك بيوم واحد، أي يوم الاثنين الماضي، مر بالقراءة الثانية والثالثة، أي نهائيا، قانون يمنع كل من زار ما تصفه إسرائيل بـ"دولة معادية" من الترشح للكنيست.

في كل أسبوع هناك قانون عنصري جديد، ولكن حصاد هذا الأسبوع كان أكبر. لعل ذلك دليل على اقتراب موعد الانتخابات، ونواب اليمين في سباق سن القوانين العنصرية وفي التحريض الأرعن على المواطنين العرب وقياداتهم السياسية، في مسعى لكسب شعبية رخيصة في الشارع الإسرائيلي، الذي تستشري فيه الكراهية للعرب وتزداد يوما بعد يوم.

إن الدافع لمثل هذه القوانين هو مزيج خطير من الانتهازية والعنصرية، فهي ليست مجرد نزوات لنواب عنصريين، بل هي تعبير حقيقي عن مزاج المجتمع الإسرائيلي وهؤلاء النواب انتهازيون صغار يعرفون تماماً أن عنصريتهم هي رصيد لهم في الانتخابات التمهيدية والعامة.

سيل القوانين والممارسات العنصرية والمعادية للديمقراطية لا يتوقف، وهو في تصاعد مستمر منذ هبة أكتوبر 2000 المجيدة. وبغض النظر عن الدوافع فأن الهدف هو إحكام محاصرة الوجود العربي الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب، وضرب البعد الوطني في عملنا السياسي.

الأمور تسير باتجاه واحد، وتراكم القوانين والمشاريع العنصرية تعبد الطريق لتحويل الابرتهايد المقنع إلى حالة رسمية وعلنية ومكشوفة. رغم هذا كله فهي حتى الآن ليست حالة مفضوحة، إذ ما زالت إسرائيل قادرة على تسويق نفسها في العالم كدولة ديمقراطية، لا بل "واحة الديمقراطية في صحراء الدكتاتوريات العربية"، وكأن حق التصويت وحده، يمنح الدولة العبرية صك الغفران عن كل الموبقات التي ترتكبها بحق المواطنين الفلسطينيين في الداخل.

هذه الثنائية المريحة لإسرائيل، عنصرية في الداخل وديمقراطية في الخارج، وجدت من يتحداها ويفضحها ويواجهها، فثارت ثائرتهم عليه وجن جنونهم منه، وقرروا الانتقام منه وتصفيته على اعتبار أنه، وما يمثله، هما خطر "استراتيجي" على الدولة اليهودية، بعد أن كشف أن رصيد إسرائيل "الديمقراطي" هو بعملة مزيفة. على هذه الخلفية يمكن فهم حمى الانتقام من عزمي بشارة التي تجتاح الكنيست، والتي تمثلت بسلسلة قوانين أسموها "قوانين بشارة"، كان آخرها هذا الأسبوع قانون منع الترشح لمن زار بلداً "معادياً"، وقانون مصادرة مخصصات التقاعد، الذي ولأول مرة خصص لشخص واحد بالاسم: "قانون سحب مخصصات التقاعد من عزمي بشارة".

ينسجم مسلسل القوانين العنصرية مع المزاج السياسي العام في إسرائيل، ومع المحاولات المحمومة لتضييق الخناق على الفلسطينيين في الداخل. هذه الأحوال تضع الجماهير العربية في خانة "أقلية في خطر"، وهذا التشخيص لوضعها يتطلب وقفة جدية للتعامل مع هذا الخطر، بكل ما يعنيه ذلك من ضرورة رص الصفوف وتقوية بنيان الوحدة الوطنية.

علينا ان ننظم صفوفنا، وعلينا أن نستثمر طاقاتنا، وهي ليست قليلة، في مواجهة العنصرية المتنامية، والتي تؤثر على أهلنا في كل أنحاء البلاد وعلى كافة مناحي حياتنا ووجودنا. هناك اقتراحات كثيرة لكيفية المواجهة، ولعل نقطة الانطلاق الأفضل هي عقد مؤتمر وطني شامل لكل القوى والشخصيات الوطنية لتنظيم الذات والشروع، محليا ودولياً، بهجوم مضاد للعنصرية ولحملة محاصرة وجودنا وسلب حقوقنا.

التعليقات