31/10/2010 - 11:02

الفلسطينيون.. ويهودية "إسرائيل"../ أحمد الحيلة*

الفلسطينيون.. ويهودية
طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت (14/11) الفلسطينيين بـ"الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل كأساس للمفاوضات المرتقبة عقب لقاء أنابوليس" مؤكداً أن "هذه مسألة لا يمكن التراجع عنها".

هذا الشرط الإسرائيلي الجديد الموجه للرئيس عباس والوفد الفلسطيني المفاوض، سيضيف بلا شك المزيد من التعقيد بشأن انعقاد لقاء أنابوليس، وسيضفي مسحة من التشاؤم حول النتائج التي يمكن أن يسفر عنها هذا اللقاء المتعثر لحد الآن.

فالشرط الإسرائيلي غريب وعجيب في حد ذاته..، فكيف لدولة أن تطلب من شعب تحت الاحتلال أو حتى من دولة أخرى أن تعترف بطبيعتها أو بأيديولوجيتها..، فالقانون الدولي الذي تحتكم إليه الدول والمنظمات، يلحظ مسألة الاعتراف المتبادل بين الدول، وهو يؤكد على أن الاعتراف مسألة تتعلق بالإرادة الحرة لكل دولة وغير ملزم لها، فكيف بإسرائيل أن تطلب من الشعب الواقع تحت الاحتلال والفاقد لدولته أن يقر بما هو أبعد من الاعتراف بوجود وشرعية الدولة المحتلة أي الاعتراف بيهوديتها..؟!!

فما علاقة الشعب الفلسطيني بذلك..؟!!

هذه الغرابة في الشرط الإسرائيلي المسبق، تنكشف عندما ندرك الغاية والهدف من وراء هذا الشرط..، لأنه شرط يعني مسألتين على درجة من الخطورة بالنسبة للفلسطينيين وقضيتهم الوطنية إذا هم قبلوا الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل المحتلة، وذلك على النحو التالي:

• أولاً: الاعتراف بيهودية الدولة، يعني تنازل الفلسطينيين عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، لأن يهودية الدولة تعني أن إسرائيل هي دولة لليهود فقط أو لمن يعتنق الدين اليهودي، وإذا اعترف الفلسطينيون بذلك، فكيف لهم أن يطالبوا بتنفيذ القرار الأممي رقم 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين أو حتى جزء منهم إلى أراضي الدولة التي اعترفوا بأنها خالصة لليهود ولليهود فقط.

• ثانياً: الاعتراف بيهودية الدولة، يعني إعطاء إسرائيل الشرعية أو الغطاء الفلسطيني، إن هي أقدمت على ترحيل مليون وربع المليون فلسطيني المقيمين داخل الخط الأخضر، أي ضمن جغرافية دولة الاحتلال، تحقيقاً لنظرية الترانسفير ونقاء الدولة اليهودية (إسرائيل)، وإذا لم يقم الاحتلال بترحيلهم فإنهم سيُعَدّون بحكم الأقلية العرقية، أو رعايا دولة من الدرجة الثانية أو الثالثة، مما يعني المزيد من العنصرية والاضطهاد ضد الفلسطينيين الذين ما زالوا يتمسكون بهويتهم العربية الفلسطينية، ويناضلون من أجل نيل حقوقهم المدنية على قاعدة دولة لكل مواطنيها.

إن مطالبة أولمرت الفلسطينيين الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل ليس تقليعة للاستهلاك الإسرائيلي الداخلي كما يتوهم البعض، وإنما هي فكرة نابعة من رؤية صهيونية خالصة حول يهودية الدولة، أي دولة لليهود فقط، وهي تأتي في سياق استغلال الصهاينة للانقسام الفلسطيني والضعف العربي، وبالتالي فرض شروطهم بحكم القوة والواقع؛ فبالأمس كانت المطالبة بتبادلية الأراضي، وكأن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، هي مجرد عقار وليست وطن..، فقبل الرئيس عباس أو الوفد الفلسطيني المفاوض بمبدأ التبادلية شريطة التساوي في المساحة المتبادلة وليس التكافؤ..، وبالأمس تحدث أيضاً بعض الفلسطينيين كأمثال السيد ياسر عبد ربه عضو الوفد الفلسطيني المفاوض، وكذلك رئيس الوزراء الفلسطيني السيد سلام فياض عن عدم واقعية عودة اللاجئين أو كل اللاجئين إلى دولة إسرائيل، مما أنتج اليوم المطالبة بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، تمهيداً لإلغاء حق العودة..

ومن هنا فليس صدفة أن يعلن الاحتلال الأسبوع الماضي، عن حفريات تجري تحت المسجد الأقصى تكشف ـ حسب ادعاء الصهاينة ـ عن وجود أثار تدل على هيكلهم المزعوم، وبالتالي حقهم في المسجد الأقصى، في الوقت الذي يصوت فيه نحو 90 نائباً في الكنيست الإسرائيلي من أصل 120 نائباً، على تمسكهم بالقدس كل القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل..

إن أزمة المفاوض الفلسطيني ناشئة بالأصل عن أزمة فلسطينية داخلية نتيجةً للانقسام الوطني بالدرجة الأولى، ونتيجةً لوحدانية الخيارات لدى الرئيس عباس بالدرجة الثانية..، الأمر الذي أغرى الاحتلال بالفلسطينيين، ودفعه لفرض المزيد من الشروط والإملاءات..

وفي تقديرنا أنه لن يفلح المفاوض الفلسطيني، ولن ينجح في استعادة الحد الأدنى من الحقوق الوطنية، في دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى الأراضي التي هجروا منها، إلا إذا تسلح بالوحدة الوطنية، وجعل من خياراته السياسية مفتوحة ومشرعة على كل السبل والاحتمالات.

التعليقات