31/10/2010 - 11:02

الكارثة الطبيعية وحق التعويض/ د.جمال زحالقة

الكارثة الطبيعية وحق التعويض/ د.جمال زحالقة
يخطئ من يظن أن الكوارث الطبيعية لا تفرق بين البشر، بين الأغنياء والفقراء، بين مناطق متطورة وأخرى محرومة من التطوير، بين الذين يملكون بيوتاً وبنى تحتية معدة كما يجب للصمود أمام الفيضانات والأعاصير والهزات الأرضية، وأخرى ليست كذلك.

مياه الفيضانات والسيول تجري في شبكات التصريف إذا وجدت وكانت ملائمة، وإذا لم توجد فهي تجرف التربة والصخور وتهدم الجدران وتغمر البيوت وتتلف الممتلكات، وقد تؤدي إلى ضحايا بشرية، كما حدث في أم الفحم وبلعين هذا الأسبوع.

لا يتذكر شيوخ أم الفحم ومصمص ومشيرفة فيضانات وسيولاً كالتي شهدتها المنطقة هذا الأسبوع، ويقول الخبراء بأن أمطاراً بهذه الغزارة وخلال مدة قصيرة، لم تحدث منذ حوالي القرن.

كذلك لم تعرف منطقة الجليل الغربي وقرية الجديدة تحديداً إعصاراً كالذي ضرب ضربته خلال دقائق وولى ليكمل مسيرة الدمار. الخسائر فادحة والأضرار في الأملاك الخاصة والعامة جسيمة وتقدر بعشرات الملايين من الشواقل،. أكبر الخسائر، طبعاً هي وفاة المرحومة سحر محاميد من ام الفحم وإياد طه من بلعين، ونحن نقدم التعازي للأهالي بقلوب يعتصرها الألم على الفاجعتين.

حين تطال الكوارث الطبيعية الفقراء والمهمشين يكون الضرر مضاعفاً. مرة لأن حالة الأبنية والبنى التحتية مهترئة فتكون الأضرار والخسائر أكبر، ومرة لأن قدرة الناس على ترميم الأضرار اقل من غيرهم ناهيك عن انهم في العادة لا يملكون بوليصة تأمين للتعويض. مرة أخرى لأن السلطة لا تهب إلى مساعدة المهمشين كما تفعل مع المقربين من مائدتها. هذه هي حال بلداتنا التي نكبت بالفيضانات والعواصف والأعاصير، التي كشفت عن حالة البنى التحتية الصعبة وعن الإهمال في وقاية البيوت والناس من تبعاتها الخطيرة.

إن التعامل المطلوب مع المشاكل التي خلفتها فيضانات وادي عارة وإعصار الجليل الغربي، وحق المواطنين المتضررين، هو الإعلان رسمياً عنها ككارثة طبيعية، بكل ما يعنيه ذلك من تقديم الدعم والتعويض للأهالي والسلطات المحلية. هذا ما هو متبع في مثل هذه الحالات، ولكن السلطات تحاول التهرب من مثل هذا الإعلان بادعاء أن الأضرار ليست بحجم ما يمكن اعتباره رسمياً كارثة طبيعية، وبدأت تعالج الموضوع من خلال طواقم عمل في ديوان رئيس الحكومة مما يعني أن التعويض، إذا قدم، لن يكون شاملاً وكاملاً كما هو مطلوب.

لقد ضربت حالة الطقس الصعبة أم الفحم ومصمص ومشيرفة وعارة وعرعرة والجديدة وجولس ويركا وفسوطة. كلها بلدات عربية عانت أكثر من غيرها، وكلها تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة على مستوى الأهالي والسلطات المحلية وهي غير قادرة، مالياً، على إصلاح الأضرار وترميم البنى التحتية وتطويرها بحيث تصمد أمام الأعاصير والفيضانات.

المطلوب هو تدخل حكومي شامل وسريع ليس لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه وحسب، بل اتخاذ التدبيرات اللازمة لمنع تكرار الأضرار، خاصة وان من القضاء والقدر تكرار تقلبات الطقس العاصفة.


"فصل المقال"

التعليقات