31/10/2010 - 11:02

انتهى الإضراب وبقيت المشاكل!../ د.جمال زحالقة

انتهى الإضراب وبقيت المشاكل!../ د.جمال زحالقة
يمكن وصف الانجازات التي حققتها منظمة المعلمين الثانويين بأنها متواضعة، ليس أكثر. فقد حصل المعلمون فقط على جزء من مطالبهم العادلة والملحة واللازمة والضرورية للنهوض بالتعليم من أوضاعه المزرية التي يعرفها الجميع. وبقيت في الاتفاق الذي أبرم بين منظمة المعلمين ووزارتي المالية والمعارف ثقوب كبيرة وقضايا مفتوحة خاضعة لاستمرار المفاوضات مما يجعل إمكانية العودة الى الإضراب في بداية السنة القادمة أمرًا محتملاً، وإذا بقيت وزارة المالية في موقفها فإنّ العودة الى الاضراب شبه حتمية.

الأمر المثير في هذا الإضراب هو الموقف المستهجن لمنظمة العمال العامة الهستدروت، فبدلاً من أن ترمي هذه المنظمة بثقلها الى جانب المعلمين وتهدد أو حتى تقوم بإضراب عام في البلاد لمساندتهم في نضالهم العادل، وقفت الهستدروت موقفًا محايدًا، وحاولت منذ البداية أن تلعب دور الوسيط، وهذا دليل واضح على طبيعة الهستدروت وعلى سعيها الدائم للتوصل الى تفاهمات مع السلطة ومع المشغّلين في حسابات سياسية وأيديولوجية. وقد تفاخر رئيس الهستدروت عوفر عيني بأنه كان الوسيط ورفض حتى إلقاء اللوم على الحكومة في حرمان الطلاب من الدراسة حوالي الشهرين.

أكثر من ذلك، لعلّ من أهم أسباب انتهاء الإضراب بإنجازات ضئيلة هو الاتفاق السابق بين نقابة المعلمين الابتدائيين ووزارة المعارف بدعم من وزارة المالية. ويثير هذا الاتفاق جدلاً صاخبًا بين المعلمين حيث يرفض الكثيرون منهم الانضمام الى المسار الذي حدده مع أنه يشتمل على زيادة في الأجور. وسبب الرفض هو انّ المعلمين مطالبون بالعمل ساعات إضافية كثيرة دون الحصول على مقابل ملائم، وفي المحصلة فإنّ أجر المعلم في الساعة لم يرتفع بل انخفض في الكثير من الحالات.

وقد جرى إبرام هذا الاتفاق بدون مشاركة وموافقة منظمة المعلمين الثانويين. وبدأت المفاوضات مع المعلمين الثانويين على أساس الاتفاق مع زملائهم الابتدائيين، ما أدى الى وضع سقف منخفض لإمكانيات تجاوز عهود الحكومة في المفاوضات. وقد حظي هذا الاتفاق مع نقابة المعلمين الابتدائيين بالمباركة والدعم من الهستدروت.

إنّ موقف الهستدروت المستهجَن لنضال المعلمين يضع علامات استفهام كثيرة حول جدية هذه المنظمة في الدفاع عن حقوق العمال والأجيرين، وإذا كان التجمع الوطني الديمقراطي قد انسحب من الائتلاف في الهستدروت فإنّ ذلك يعود لأسباب كثيرة منها سياسية ومنها هذا الموقف المتردد والمحدود للهستدروت في القضايا الاقتصادية والاجتماعية.

لقد كان اضراب المعلمين في غاية الأهمية لأن أي خطة أو مشروع لتحسين أوضاع التعليم يتطلب اولاً وقبل كل شيء رفع مكانة وظروف عمل المعلم، فهو محور العملية التربوية ولا يمكن رفع مستوى التعليم بدون رفع مستوى المعلمين، فهذا يشكل أكثر من نصف المساهمة في أي خطة اصلاح تربوية، وهذا الأمر يصح بالأخص بكل ما يتعلق بالمعلم العربي الذي يعاني، إضافة الى مشكلة الأجر الزهيد، من ظروف صعبة في البنى التحتية للمدارس وبرامج تعليمية غير ملائمة وشح في الموارد، خاصة وأنّ المدارس الثانوية تعتمد على السلطة المحلية العربية المأزومة ماديًا.

انتهاء الاضراب لا يعني ان المشكلة قد حلت، هنالك ضرورة لاعداد برامج خاصة لتعويض الطلاب عن خسارتهم الكبيرة بسبب الاضراب، فالاتفاق الذي أبرم لا يحل أي قضية بشكلٍ جذري والنضال من أجل تحقيق المطالب العادلة التي أضرب المعلمون بسببها يخص الوسط العربي أكثر من غيره. لقد طالبت منظمة المعلمين بتحديد عدد الطلاب في الصف وهذه مشكلة عويصة في مدارسنا وبزيادة عدد الساعات الدراسية فنحنُ نعاني من تمييز صارخ في هذا المجال، ناهيك عن أننا كمجتمع بحاجة ملحة لرفع مكانة المعلم واجتذاب الخريجين الأكفاء الى التعليم والتربية ليساهموا في رفع مستوى التعليم العربي الذي يتخلف عن التعليم اليهودي بصفين على الأقل.

التعليم هو الرافعة الرئيسية للخروج من دوائر الفقر والتجهيل والتهميش، لذا يجب أن يكون في رأس سلم أولوياتنا كمجتمع، وقضية المعلمين يجب أن تهم المجتمع بأسره.

التعليقات