31/10/2010 - 11:02

بين الثامن من آذار والثلاثين من آذار/ عرين هواري

بين الثامن من آذار والثلاثين من آذار/ عرين هواري
حاولت لجنة المتابعة العليا قبل أكثر من عشرة أعوام الإعلان عن يوم الأرض كيوم عيد، كان ذلك باعتقادي محاولة منها أن تعفي نفسها من مستحقات هذا اليوم من العمل النضالي ومن الوقوف والتصدي لمصادرة الأراضي، كذلك لتريح نفسها من التجنيد للإضراب احتراما لذكرى شهدائنا، واحتراما لكرامتنا الوطنية ولهيبتنا كمجتمع حر يتصدى لكل أنواع التمييز القومي واليومي ضدنا.

بفضل وجود حركة وطنية يقظة لم تلق هذه المحاولة نجاحا، وحتى تكاد لا تذكر هذه المحاولة اليوم، فما زال يوم الأرض أهم أيامنا النضالية وسيبقى كذلك، ولن يعلن عنه يوم عيد طالما لم نحرر أراضينا ولم نحقق غاياتنا الوطنية.

وليس صدفة ان وضع مؤسسو التيار القومي الديمقراطي ومنذ إقامته، نصب أعينهم موضوع إعادة بناء لجنة المتابعة، لتحمل بجدارة مسؤولية الاسم المعطى لها، لتكون برلمانا للعرب في إسرائيل، ولتطرد من داخلها كل من يمثل مصالح السلطة بدل مصالح شعبه.

إن تعامل معظمنا مع يوم المرأة العالمي يذكّر بالمحاولة المذكورة أعلاه، ولكن بنسبة نجاح اكبر بكثير. إذ نرى الغالبية العظمى من الرجال والنساء تقدم لنا تهاني العيد، وباقات الورود. بعض المؤسسات تأخذ النساء إلى رحلات وبرامج ترفيهية، والشركات الربحية تقيم ما يسمى ب"أيام الكيف" للنساء في هذا اليوم، فتأخذ النساء إلى الفنادق وتقيم لهن محاضرات حول مساحيق التجميل وأجود انواع الإكسسوارات، فضلا عما تشتهيه النفوس من التضييفات. ولم ننجح نحن في التنظيمات النسوية ان نخرج جماهير النساء الى ساحات النضال في هذا اليوم.

إن يوم المراة الذي أقرته الامم المتحدة عام 1975 كان بفضل مطالبة التنظيمات النسوية، هو يوم نضالي وسيبقى كذلك ما دامت النساء تعانين التمييز والاضطهاد، الجنسي والطبقي والقومي.

ان التظاهرة التي أقامتها جمعية صوت العامل أول من أمس ، ضد مخطط ويسكونسين، بمشاركة النساء المتضررات من هذه الخطة في يوم المراة العالمي، اعطت لهذا اليوم حقه في مدينة الناصرة، فأكدت على البعد النضالي لهذا اليوم وذكّرت جماهير ال"محتفلين والمحتفلات" أن الغالبية العظمى من نساء شعبنا تعيش سياسات الافقار والذل في هذه الدولة، ولا سيما عشرات الالاف الذين يسري عليهم مخطط ويسكونسين. الذي جاء ليحرم متلقي مخصصات البطالة وتأمين الدخل من هذه المخصصات.

أتت هذه المظاهرة لتعزز ما نقوله بأنه في ظل سياسات عنصرية ورأسمالية لا يمكن ان نفصل بين قضية المرأة كامرأة وبين قضيتها كعربية فلسطينية. لا يمكننا فصل قضيتنا الطبقية كأصحاب دخل منخفض عن كوننا عربا نواجه سياسات الاضطهاد القومي.

نحن نعاني مصاعب اقتصادية لأننا عرب، نحن فقراء لأننا نواجه سياسات إفقار، الفقر ليس معطى من السماء، الفقر سياسة، والذي يضع السياسة هو السلطة الإسرائيلية.

يوم المرأة وقبل أكثر من مئة عام، وقف ضد السياسات الرأسمالية والعنصرية والتي ميزت ضد النساء في الولايات المتحدة، حيث قامت العاملات في مصانع النسيج في مدينة نيويورك بإضراب وتظاهرات في الثامن من آذار عام 1857, وذلك احتجاجا على ظروف عمل قاسية ومهينة ومحبطة كالأجور المنخفضة، وساعات العمل الطويلة التي تعدت اثنتي عشرة ساعة يوميا.

بعد حوالي مائة وخمسين عاما من معاناة النساء في نيويورك من الرأسمالية الأمريكية، نرى نفس السياسات الرأسمالية والعنصرية في الولايات المتحدة تقف ضد الفقراء وغالبيتهم من النساء و السود، حيث لم تكتف السياسات الراسمالية في الولايات المتحدة بإساءة ظروف عمل العمال بل طالت العاطلات والعاطلين عن العمل بسبب سياساتها، فقد بدأت بتنفيذ خطة إفقار للعاطلين عن العمل، وملاحقتهم بالفتات الذي يأخذونه وذلك في ولاية ويسكونسن، ونسخت اسرائيل هذا المخطط الرأسمالي والعنصري، ففي الولايات المتحدة تضطهد الخطة النساء والأمريكيين من اصول افريقية، وهنا يضرب العرب لأنهم الفقراء ولا سيما النساء فيهم.

في الدول الديمقراطية تسعى الدولة إلى محاربة الفقر وفي دولة إسرائيل تحارب الدولة الفقراء، الفقير في عين السلطة الاسرائيلية هو المجرم المسؤول عن فقره وعن معاناة أطفاله، فإما أن يرضخ لممارسات تذله وتهينه، وإما أن يحرم من مخصصات ضمان الدخل، الذي من المفروض أن يستغل لإحضار الخبز والحليب.

أن صوت النساء المتضررات من خطة ويسكونسين في تظاهرتهن بيوم المرأة العالمي جاء ليؤكد على حق النساء العربيات إيجاد أماكن عمل ، تحفظ لهن كرامتهن الإنسانية ودخلا لائقا. وعلى حقهن بتلقي تأهيل مهني مناسب يليق بقدراتهن ورغباتهن. وعلى حقهن في تلقي مخصصات البطالة حين يتعذر وجود عمل لائق، دون أي مهانة.

لا يمكن محاربة سياسات الفقر والبطالة والتمييز ضد النساء دون مشروع وطني متكامل، لا يمكن للمتضررين المباشرين من الخطة أن يحاربوها وحدهم، نحن بحاجة لجمعيات، لأحزاب وطنية، لسلطات محلية، نحن بحاجة لوعي وطني شامل، نحن بحاجة لأن تكون محاربة هذه الخطة جزءا من محاربة جميع سياسات الدولة العنصرية تجاهنا، نحن بحاجة لأن يكون دفاعنا عن حقنا في العمل، جزْءا من خطة ومشروع للدفاع عن جميع حقوقنا القومية والمدنية والاجتماعية.

التعليقات