31/10/2010 - 11:02

توحيد الموقف الفلسطيني ضروري لوقف العدوان وهزيمته../ هاني المصري

توحيد الموقف الفلسطيني ضروري لوقف العدوان وهزيمته../ هاني المصري
التباينات في المواقف الفلسطينية إزاء الجهود العربية والدولية المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلي، خصوصا إزاء المبادرة المصرية وقرار مجلس الأمن، تساهم في مساعدة إسرائيل على مواصلة العدوان وتشتيت الجهود المبذولة لوقفه،! وبالتالي تقلل من إمكانية تحقيق مكاسب سياسية تعوض عن الخسائر الجسيمة التي تكبدها الشعب الفلسطيني، رغم الصمود الأسطوري، والمقاومة الباسلة للأسبوع الثالث على التوالي، التي استطاعت أن تواصل إطلاق القذائف والصواريخ وتحول دون تقدم القوات الإسرائيلية المعتدية الى عمق المدن والمناطق الآهلة بالسكان.

فالرئيس الفلسطيني والسلطة أيدا المبادرة المصرية، وقرار مجلس الأمن. وحركة حماس ومعظم فصائل المقاومة الفلسطينية، بما فيها فصائل في م.ت.ف مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية، تحفظوا أو انتقدوا المبادرة المصرية، واعتبروا أن لا علاقة لهم بقرار مجلس الأمن، لأنه يساوي بين الضحية والجلاد، ولا ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية، وينادي بترتيبات إقليمية ودولية تحمي اسرائيل بدلا من توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة والمجازر من القوات المعتدية.

تخطئ "حماس"، إذا اعتقدت أن المقاومة الباسلة في غزة، تستطيع إلحاق هزيمة عسكرية بقوات الاحتلال الإسرائيلية المعتدية، لأنها تراهن على خشية اسرائيل من زج قواتها في معركة برية طويلة، ومن التوغل في عمق المناطق الآهلة بالسكان، التي يمكن أن تؤدي الى إعادة احتلال قطاع غزة، ووقوع اسرائيل مجددا في مستنقع غزة، ووسط مقاومة شعبية ومسلحة طويلة ستكون قادرة على إلحاق خسائر أكبر في القوات الإسرائيلية عندما تتموضع، وتضطر لمغادرة الدبابات والمجنزرات والجرافات المصفحة. فلا يمكن تطهير غزة من المقاومة، وتصفية بنيتها التحتية، واغتيال أو اعتقال قيادتها وكوادرها العسكرية والسياسية، من خلال القصف الجوي والبري والبحري الذي يستطيع أن يقتل وأن يدمر ولكنه لا يستطيع أن يقضي على المقاومة بل يزودها بعناصر قوة جديدة وأفقا جديدا.

حتى لو سلمنا جدلا، أن احتلال قطاع غزة يمكن أن يكلف اسرائيل خسائر كبيرة، فإنه لا يمكن أن يسجل انتصارا للمقاومة. انتصار المقاومة بقيادة "حماس"، في هذه الحرب يتمثل في عدم تحقيق الأهداف الإسرائيلية منها، وهي توجيه ضربة قوية وربما قاصمة للمقاومة ووقف إطلاق الصواريخ وإقامة ترتيبات إقليمية ودولية، بمعزل عن فصائل المقاومة وتحديدا "حماس"، تضمن عدم تهريب السلاح وتحمي اسرائيل. اسرائيل لا يمكن أن تسمح بهزيمة جيشها عسكريا للمرة الثانية خلال عامين لذلك ستمضي في العدوان لتحقيق نصر او صورة نصر أو على الأقل لمنع الهزيمة.

! ونحن يجب ألا نسمح بهزيمة المقاومة، وهذا يمكن أضعف الإيمان بالسعي الى إنهاء الحرب بصيغة "لا غالب ولا مغلوب"، لأن هذا بحد ذاته يعتبر نصرا للمقاومة التي صمدت وقاتلت في ظل الاختلال الكاسح في ميزان القوى، وفي ظروف عربية ودولية غير مواتية للمقاومة.

في هذا السياق، فإن الحفاظ على قوى المقاومة وبنيتها التحتية وقيادتها وكوادرها مهم جدا، كما أن تقليل الدمار والخسائر في صفوف الفلسطينيين أمر يجب أن يحظى بالأولوية، ولا يعتبر أن القضية الفلسطينية انتصرت إذا أشرفت أو شاركت "حماس" بالإشراف على معبر رفح، وإنما إذا تمت استعادة الوحدة، وأشرفت السلطة الواحدة على المعبر.

وتخطئ السلطة كثيرا، إذا تصرفت أن دورها ينحصر في التضامن وتنظيم المساعدات الإنسانية، والتحضير لإعمار غزة. على السلطة أن تتصرف بالأفعال وليس بالأقوال فقط، بأن هذه الحرب ضد الشعب الفلسطيني وقضيته، وأنها ستخوضها بالطريقة التي تناسبها.

ولا يعني خوض الحرب، فتح جبهة عسكرية، بل خوضها سياسيا أولا وجماهيريا ثانيا.
إن خوض المعركة جماهيريا يقتضي إطلاق حرية الشعب الفلسطيني في الضفة للتعبير عن نفسه وتنظيم مقاومة شعبية متعاظمة ضد الاحتلال.

كما أن خوض المعركة سياسيا يقتضي أولا تحميل اسرائيل المسؤولية الكاملة، وليس التردد بين موقفين الأول تحميل اسرائيل المسؤولية والثاني ا! عتبار "حماس" مشاركة بالمسؤولية عما جرى، وإنها كان بإمكانها أن تتفادى الحرب، وإن بإمكانها أن توقفها الآن، عبر القول ذلك صراحة أو بشكل ضمني مثل القول: إن الطرف الذي لا يوافق على المبادرة المصرية هو المسؤول عن شلال الدم الفلسطيني.

إن اسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة، في كل الأحوال، إذا وافقت أو لم توافق على المبادرة المصرية، وإن أخطاء "حماس" السياسية أو الإعلامية، تشكل ذرائع تستخدمها اسرائيل. فإسرائيل هي التي خرقت التهدئة، وهي التي رفضت تمديدها، وهي التي شنت العدوان، وترفض وقفه، كما رفضت عمليا المبادرة المصرية، ورسميا رفضت قرار مجلس الأمن. فإسرائيل لم تحقق معظم أهدافها حتى الآن، ولا تريد أن توقف العدوان قبل أن تحقق نصرا عسكريا حاسما أو نصرا سياسيا حاسما يتمثل بالتوصل الى حل إقليمي دولي، لا تشارك به "حماس"، يكون بوقف دائم لإطلاق الصواريخ على اسرائيل ويتضمن ترتيبات تمنع تقوية المقاومة وعدم حصولها على السلاح.

إن المطلوب فورا، توحيد الموقف الفلسطيني إزاء العدوان لوقفه ودحره، وتنسيق المواقف الفلسطينية إزاء الجهود العربية والدولية لحله، وذلك من خلال رفع سقف موقف السلطة الى مستوى المعركة وتخفيض سقف مطالب "حماس"، حتى لا تبدو أمام العالم وكأنها لا تريد وقف العدوان وتعطي لإسرائيل الفرصة لمواصلة العدوان ولتحقيق أهدافه، وبدون أن يصل الأمر الى حد الموافقة على إدانة المقاومة أو التوصل الى وقف دائم لإطلاق النار، وتمرير ترتيبات تحمي اسرائيل وتمنع تقوية المقاومة وتزويدها بالسلاح.

على "حماس" و"فتح" والجميع أن يتذكروا جيدا، أولا: أن المقاومة صمدت صمودا عظيما وقاتلت قتالا باسلا، ولكنها لم تلحق بالقوات الإسرائيلية خسائر كبيرة جدا، لذلك لا يزال 80 ــ 90% من الإسرائيليين، كما تشير الاستطلاعات يؤيدون استمرار العدوان، وإسرائيل لن توقف الحرب إلا إذا انقلب الرأي العام الإسرائيلي من تأييد الحرب الى وقفها، وخصوصا أن عين الحكومة والأحزاب المشاركة بها على الانتخابات الإسرائيلية التي ستحدث في 10 شباط القادم.

ثانيا: إن استمرار الانقسام الفلسطيني والعربي يعطي لإسرائيل فرصة مواتية لاستمرار عدوانها خصوصا أن الولايات المتحدة الأميركية، لا تزال تعطي نصف ضوء أخضر لإسرائيل، بعد أن أعطتها طوال أسبوعين ضوءا أخضر كاملا!!

التعليقات