31/10/2010 - 11:02

ثقافة الاعتقال والاختطاف والهدم تشطب كل الاتفاقيات والوساطات/ نواف الزرو

ثقافة الاعتقال والاختطاف والهدم تشطب كل الاتفاقيات والوساطات/ نواف الزرو
علاوة على فضيحة التواطؤ والتآمر الامريكي/البريطاني الصارخ السافر مع "اسرائيل"، فان العبرة الكبيرة التي يتوجب علينا استخلاصها من عملية القصف والهدم والاقتحام التي نفذتها قوات الاحتلال ضد "سجن اريحا "، والقيام باعتقال واختطاف المناضل احمد سعدات، احد اهم كبار رموز العمل الوطني الفلسطيني، الى جانب نحو مائتين من المواطنين الفلسطينيين في السجن، هي ان ثقافة وادبيات الاعتقال والاختطاف والهدم والقتل في استراتيجية الاحتلال اهم بكثير من كافة الاتفاقيات المعقودة والوساطات العاجلة لانقاذ الوقف ...؟!!!!

فقد مزقت دبابات وجرافات الاحتلال كل الاتفاقيات ومن ضمنها اتفاقية رام الله الخاصة بسعدات والشوبكي وغيرهما، كما داست عملية الاقتحام والاختطاف التي نفذت كل الوساطات الفلسطينية والعربية والدولية التي تحركت بصورة عاجلة جدا، والتي كما تبين جليا لم تهز ولم تردع اولمرت وموفاز عن اقتراف هذه الجريمة الكبيرة التي كانت بالبث الحي على مرأى من العالم كله...

السفير الاسرائيلي لدى الامم المتحدة اعتبر "ان مناقشة المسألة في الأمم المتحدة مضيعة للوقت"، وفيما حملت الادارة الامريكية المسؤولية لابي مازن، اتخذ مجلس الامن قرارا ضعيفا تافها لم يشجب حتى الجريمة الاسرائيلية واكتفى بالدعوة للتهدئة - تصوروا ....؟!!!

اما اهم تصريح فجاء على لسان موفاز الذي اعلن :"ان انتقاد ابو مازن للعملية في سجن اريحا ليس في محله .واننا لا نعطي فرصا للقتلة "..

هكذا اذن هي الامور على حقيقتها....!!!!
فالقصة اذن هي قصة ثقافة وادبيات واستراتيجية واهداف تضمر القتل والتهديم والاعتقال والاختطاف ضد الشعب الفلسطيني وعلى الاخص ضد رموزه وقياداته ...

نعود في هذا الصدد قليلا الى الوراء ..الى بدايات الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة لنذكر بفلسفة وادبيات الاحتلال الاعتقالية ضد الشعب الفلسطيني:

فعلى نحو مُكمّل ومتكامل مع تلك الفتاوى الدموية والتعليمات العسكرية الإسرائيلية الصريحة الداعية إلى" قتل الأطفال الفلسطينيين وهم صغار حتى قبل أن يصلوا إلى سن الـ 11 سنة … أو حتى وهم أبناء ثلاثة أو أربعة اشهر .. أو حتى وهم في بطون أمهاتهم "، والتي " أصبح الأطفال الفلسطينيون – استناداً إليها – هدفاً دائماً لآلة القتل الإسرائيلية" و" باتت السياسة الإسرائيلية أكثر تركيزاً على قتل الأطفال الفلسطينيين"، فقد نظر أبرز قادة دولة الاحتلال أيضاً إلى العقوبات الجماعية المتنوعة الشاملة ضد الشعب العربي الفلسطيني، وإلى الاختطافات والاعتقالات والمحاكمات بالجملة .. التي شملت كافة أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وذلك في إطار سياسة قمعية صريحة تستهدف النيل من مقومات وروحية الصمود والبقاء على الأرض لدى أبناء شعبنا وأهلنا هناك.

فمنذ البدايات الأولى للاحتلال الإسرائيلي أعلن موشيه ديان، وزير الحرب آنذاك، معقباً على انتهاج سياسة الاختطافات والاعتقالات والمحاكمات بالجملة:" سوف تخرج السجون الإسرائيلية معاقين وعجزة يشكلون عبئاً على الشعب الفلسطيني"، وهي السياسة التي انتهجتها تلك الدولة بصورة مكثفة واسعة النطاق خلال سنوات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الأولى 1987-1993، لدرجة أن الاعتقالات الجماعية طالت حسب المصادر الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء ما بين 750 – 850 ألف فلسطيني على مدى سنوات 1967-1997، وطالت حسب إحصائيات الصليب الأحمر الدولي نحو ثلث الشعب الفلسطيني"، ما دعا اسحق رابين وزير قمع الانتفاضة في حكومة اسحق شامير آنذاك إلى الإعلان أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية ليشدد بمنتهى الوضوح أيضاً على " أن الانتفاضة هي مواجهة بين كيانين، ودليل ذلك هو العدد الكبير جداً من المعتقلين الفلسطينيين"، مشيراً إلى " أن حل مثل هذا الصراع لن يكون إلا بواسطة سياسة عسكرية"، مؤكداً في ختام كلمته على " أنه طالما هناك انتفاضة سيبقى كتسيعوت -"، مشيراً بذلك إلى معسكرات الاعتقالات الجماعية للفلسطينيين، والتي كان من ابرزها معسكر كتسيعوت في صحراء النقب .

الأمر الذي كشفت النقاب عن ابعاده مصادر إسرائيلية عديدة أشارت قائلة:" بدون مبالغة يمكن القول بأن الفئات الهامة من بين الطبقات الفاعلة في الانتفاضة الفلسطينية ، أو على الأقل الجزء الأكبر منها، قد مرت عبر معسكر " أنصار – 3 " في النقب الذي تحول إلى فرن صهر وطني فلسطيني يصهر ويبلور الكوادر الحية للانتفاضة ".

فسياسة الاختطافات والاعتقالات والمحاكمات الجماعية ومعسكرات الاعتقال كانت إذن منذ البدايات الأولى للاحتلال جبهة مفتوحة ساخنة قمعية إرهابية، أريد من ورائها القمع والقتل المعنوي والجسدي، ودفن المناضلين الفلسطينيين وهم أحياء، وقتل معنويات الشعب العربي الفلسطيني وشل حركته باعتقال قادته ونشطائه ومناضليه على أوسع نطاق ممكن، وقد وصلت هذه السياسة الاعتقالية ذروتها خلال الانتفاضة الأولى، ووصلت الى ذروة جديدة خلال انتفاضة الأقصى والاستقلال / 2000، والتي تبلغ ذروتها الآن باقتحام وتهديم سجن اريحا واختطاف واعتقال من فيه ..على انقاض كل الاتفاقيات والوساطات التي مرغت تماما تحت جنازير الدبابات ...

اعتقد في الخلاصة المفيدة انه ليس من المنتظر أن تتوقف دولة الاحتلال عن هذه الثقافة واللامنهجية إطلاقاً طالما بقي الاحتلال، فـ " طالما هناك احتلال وقتل .. طالما هناك انتفاضة ومقاومة .. وطالما هناك بالتالي "كتسيعوت " كما قال رابين" ... وليبحث العرب عن خيارات وادوات اخرى غير الاتفاقيات والوساطات....؟!!.

التعليقات