31/10/2010 - 11:02

جريمة في أم القطف /د.جمال زحالقة

جريمة في أم القطف /د.جمال زحالقة
في الوقت الذي نقف فيه إجلالاً وإكراماً للشهيد فهمي حسين كبها من قرية أم القطف (في المثلث)، فإننا نؤكد أنه سقط في خضم النضال من أجل قضية وليس في طوشة عمومية كما حاولت وسائل الإعلام المغرضة أن تصف الجريمة. والقضية التي سقط فيها شهيدنا هي رفض إسكان العملاء في قرانا ومدننا.

لقد حذرنا طيلة الوقت من النتائج الوخيمة التي تترتب على توطينهم بين أهالينا، الذين يرفضون ويعارضون بشدة هذه المجموعة الساقطة التي خانت بلدها وشعبها ومجتمعها وأهلها. فالذين خانوا شعبهم لا يمكن أن يؤتمنوا أو يكونوا جيرانا مقبولين على الناس، وهم يشكلون خطراً دائماً وداهماً على من حولهم. الذين خانوا شعبهم لا مكان لهم بيننا، هذه قضية وطنية تمس صميم وجودنا وهويتنا القومية وموقفنا السياسي والأخلاقي.

لا تستطيع السلطة، مهما حاولت، أن تغسل يديها من دم الشهيد. فهي التي زرعت هؤلاء العملاء بالقوة في بلداتنا، وهي التي زودتهم بالسلاح وجعلت بيوتهم ثكنات عسكرية، وهي التي ترعاهم كأذرع جديدة لها في بلداتنا، وهي تغض الطرف عن تصرفاتهم وسلوكهم واعتداءاتهم على الناس وأملاكهم.

في الأسبوع الماضي, وعشية الجريمة نشر بيان لأهالي أم القطف حذروا فيه من "عربدة وبلطجة العملاء" وتجاهلت الشرطة كافة الشكاوى التي قدمت ضدهم. لقد عرفت الشرطة أن الأوضاع في أم القطف على حافة الانفجار ولم تحرك إصبعاً لردع العملاء.

في الأشهر الأخيرة شهدت أم القطف تحركاً واسعاً وشاملاً وموحداً لمواجهة محاولة السلطة إسكان المزيد من العملاء في القرية، على حساب تطورها وضد إرادة أهلها. واستقطب نضال اللجنة الشعبية في أم القطف كافة الأهالي وجماهير غفيرة من المنطقة والبلاد عموماً. لقد استطاعت أم القطف، العامرة بأهلها الطيبين المعروفين بشهامتهم، أن تضع حاجزاً قوياً لمنع تغلغل العملاء داخلها. لم تحسب السلطة هذا الحساب ولم يتوقع عملاؤها هذا الرفض الفعال، فجن جنونهم وطار صوابهم.

حاول العملاء، برضى السلطة وتشجيعها، أن ينشروا الرعب والخوف بين الناس من خلال استعراض عضلاتهم وهراواتهم وأسلحتهم النارية في شوارع القرية. لكن أهلنا في أم القطف لم يتراجعوا عن موقفهم قيد أنملة، فأطلق من أطلق منهم رصاص الغدر والحقد على المواطن فهمي حسين كبها، ليسقط شهيداً من أجل بلده وأهله وشعبه.

إن النضال ضد إسكان العملاء هو أولاً وقبل كل شيء موقف أخلاقي في رفض استيطان الخيانة والغدر بيننا. وهو بالتأكيد موقف وطني ينبع من حبنا لشعبنا وإخلاصنا له ووفائنا لحقوقه ومصالحه. وهو بالمباشر دفاع عن النفس والمجتمع في وجه من يعيثون في الأرض فساداً وغدراً ويزرعون العنف والجريمة وكافة المفاسد.

لقد وقف عدد من بلداتنا وقفات مشرفة في التصدي لمحاولة إقامة مستوطنات للعملاء على أرضها، وكان الموقف أن بلداتنا ليست مزابل للنفايات البشرية وحثالة المجتمع.

ورغم ما حدث في باقة الغربية والطيرة وزيمر والمكر وأم القطف وغيرها، فإن السلطة لم تتنازل عن مشاريع إسكان العملاء في القرى والمدن العربية. فالمعركة السياسية والوطنية لم تنته بجريمة أم القطف، بل أصبحت الآن أكثر إلحاحاً وأكثر خطورة، مما يستدعي اليقظة والوقفة الموحدة الشجاعة ضد إقامة مستوطنات غير شرعية للعملاء في بلداتنا العربية.

وإذا كانت السلطة تريد حل مشكلتهم، فهذه مشكلتها، ونرفض أن تصدرها إلينا. الأجدر والأصح هو أن يسكن العملاء بجوار الذين جندوهم، فهم المسؤلون عن المشكلة فليتحملوا نتائجها.


عن صحيفة "فصل المقال"

التعليقات