31/10/2010 - 11:02

جواز السفر الفلسطيني والسوق السوداء../ مصطفى إبراهيم*

جواز السفر الفلسطيني والسوق السوداء../ مصطفى إبراهيم*
الصديق رامز انتقل للعمل من مدينة غزة إلى مدينة رام الله، ويعيش وزوجته وابنتهما في رام الله، وهموم الناس في غزة لا تزال تؤرقه ولا تفارقه، قبل أن يطلب مني أن اكتب عن مشكلة الكلفة العالية لجواز السفر للمواطنين في قطاع غزة كنت كتبت عن الموضوع وأجلته، إلى أن قال لي الأسبوع الماضي إن تكلفة جواز السفر الفعلية 210 شيكل، و15 شيكل رسوم طلب، و 10 شيكل ثمن صور.

وقال: هنالك استغلال فظيع لحاجة الناس من قبل بعض التجار، والسلطة لا تفعل شيئا بل تشجع على ذلك ليس من خلال السكوت فقط بل من خلال تسهيل عمل التجار. الناس في غزة الذين يعانون من سوء الوضع يضطرون لدفع مبلغ مالي يصل إلى 400 شيكل، بالإضافة إلى أن إجراءات إصدار جواز السفر أصبحت طويلة ومعقدة وتخدم التجار فقط.

الصديق رامز لم يعلم أن عددا كبيرا من المواطنين دفعوا مبلغ 1000شيكل لبعض التجار ومكاتب الخدمات من أجل الحصول على جواز السفر، وبعد تزايد الطلب على حصول جواز السفر وشكوى المواطنين انخفض المبلغ الآن إلى 400 أو 500 شيكل، وذلك حسب حاجة الناس ومقدرتهم على المفاوضة لتنزيل السعر.

من الأسباب التي دفعت حكومة رام الله إلى تعيير جواز السفر الفلسطيني هي ملاحظات ومطالب المواطنين الفلسطينيين من الكلفة العالية، وتذمرهم من قصر المدة، ومنذ بداية شهر نيسان/ أبريل 2009، بدأت حكومة رام الله بإصدار جواز السفر الفلسطيني بشكله ولونه الجديد من اللون الأخضر إلى اللون الأسود، ومدة صلاحية من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وبقيت كلفة إصدار الجواز كما هي 35 دينارا أردنياً أي ما يعادل 210 شيكل.

جواز السفر يطبع ويصدر في رام الله ولا يطبع ويصدر في قطاع غزة الآن، كما كان في السابق حيث كان يصدر الجواز ويطبع في غزة في بداية عهد السلطة، وكان سكان الضفة الغربية يحصلون على جوازات السفر الخاصة بهم من غزة قبل أن يسار إلى طباعته في رام الله والخليل ونابلس.

مشكلة جوازات السفر الخاصة بالفلسطينيين في قطاع غزة تفاقمت مع نهاية العام 2007، حيث برزت المشكلة الحقيقية والخلافات بين الحكومتين على إصدار جوزا السفر، ونفاذ الدفاتر الخاصة بطباعة الجواز، وتوجيه حكومة رام الله الاتهامات للحكومة المقالة بتزوير جوازات السفر لأغراض خاصة بأعضاء من حركة "حماس"، وكذلك تجريدها من صلاحياتها كوسيلة ضغط عليها.

وحسب وزارة الداخلية المقالة في غزة التي وجهت الاتهام إلى حكومة رام الله بعدم إرسال الحصة الخاصة بغزة من الدفاتر، والمشكلة بدأت منذ شهر 11/2007، فإن وزارة الداخلية في الضفة الغربية لم تلتزم بإرسال أي دفتر، وبعد الضغط من قبل المواطنين، وحاجة المواطنين خاصة " الحالات المرضية الخطيرة، والحجاج وأصحاب الحاجات الاستثنائية كالطلاب والعالقين من أصحاب الإقامات في الخارج، والمواطنين الذين حصلوا على جمع شمل العائلات"، قامت وزارة الداخلية في حكومة رام الله في شهر 7/2008، بإرسال 5000 آلاف دفتر، منها جزء للحالات الطارئة والاستثنائية.

ومن ذلك الوقت لم ترسل حكومة رام الله الكميات المطلوبة من الدفاتر، مع العلم أن وزارة الداخلية المقالة في قطاع غزة كانت تصدر 10000 آلاف جواز سفر شهريا حسب حاجة المواطنين.

ومع تفاقم المشكلة في حينه اصدر الرئيس محمود عباس قراراً بتاريخ 25/8/ 2008، بصرف الدفاتر الخاصة بجوازات السفر للمواطنين في قطاع غزة كالمعتاد، وتكليف الجهات المعنية في الحكومة باتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة لاستئناف صرف جوازات السفر بما يسهل على المواطنين.

ومنذ ذلك التاريخ لم تحل المشكلة، ومع إصدار الجواز بشكله الجديد عمق من المشكلة لدى المواطنين في القطاع الذين أصبحوا فريسة سهلة للتجار والانقسام السياسي، وفي ظل عدم قدرة الحكومة المقالة على إصدار جوازات السفر أصبح الموطنون يبحثون عن أي وسيلة من أجل إصدار جوازات سفر خاصة بهم.

إن حاجة المواطنين كبيرة جدا وملحة للحصول على جوازات السفر خاصة الحالات المرضية الخطيرة، والاهم أن جواز السفر حق طبيعي للمواطن، ولا يحق لأي شخص حرمانه منه، وكذلك حاجة عشرات آلاف المواطنين الذين انتهت صلاحية جوازاتهم، ما يؤثر على حقوقهم في السفر وحرية الحركة والتنقل، ويمس بالحقوق الأساسية للمواطنين، خاصة في ما يتعلق بحق الفرد في التنقل والسفر من دون عوائق، وحقه في الحصول على الخدمات العامة، وعلى وجه الخصوص القانونية منها.

وعلى الرغم من الحصار الشامل والمفروض على القطاع وإغلاق المعابر، إلا أن عددا قليلا من المواطنين خاصة المرضى يسافرون عبر معبر بيت حانون" إيرز" وصولاً إلى معبر الكرامة مع الأردن، وكذلك يقوم الجانب المصري بفتح معبر رفح كل شهر مدة ثلاثة أيام يستطيع عدد كبير من المرضى والعالقين والطلاب من السفر، ويتم كذلك التنسيق مع الجانب المصري لفتح معبر رفح ويتمكن عدد من المرضى من السفر.

إن عدم وجود دفاتر جوازات السفر لدى وزارة الداخلية في قطاع غزة يعني عدم تمكن المواطنين من التنقل والسفر في حال توفرت أي فرصة لذلك، الأمر الذي يعني مضاعفة معاناة المواطنين، خاصة المرضى والحالات الطارئة، والطلبة، إضافة إلى فقدان المواطنين أصحاب الإقامات في الخارج لحقهم في العودة إلى أماكن إقامتهم، وأعمالهم وممارسة حياتهم الطبيعية.

عدم توفير دفاتر خاصة لجوازات السفر في قطاع غزة هو جزء من الضغط السياسي على الحكومة المقالة، وهو يعمق من الانقسام الذي يدفع ثمنه المواطن الفلسطيني، بالإضافة إلى ذلك فرض أعباء مالية جديدة من خلال إستغلال التجار، وأصحاب المكاتب التجارية للمواطنين الراغبين في الحصول على جوازات السفر، وأصبح لا يهم حكومة رام الله كيف يحصل المواطنين على جوازات السفر حتى لو كان من خلال السوق السوداء، وبحجة التسهيل على المواطنين، ولا يعنيها زيادة أعبائهم الوطنية والمالية.

التعليقات