31/10/2010 - 11:02

خمسة وخمسون عاماً على ثورة يوليو.. ولم تزل في البال../ بسام الهلسه

خمسة وخمسون عاماً على ثورة يوليو.. ولم تزل في البال../ بسام الهلسه

يحلو للبعض ان يصف الثورات بأنها كالقطط.. تأكل أبناءها!!.


وفي الحقيقة، فان القطط لا تأكل أبناءها.. أما الثورات، فإن بعض أبنائها يأكلها ويأكل البعض الآخر!!.


وثورة يوليو-تموز-1952 المصرية واحدة من هذه الثورات التي اكل أبناؤها ميراثها.


وهي واحدة من الثورات الكبرى في التاريخ الحديث، الذي يؤرخ له عربيا، بحملة (نابليون) على مصر أواخر القرن الثامن عشر، ويؤرخ له عالميا بالثورة الفرنسية البرجوازية العظمى(1789م) وبالثورات القومية الديمقراطية في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر..


فبالرغم من أنها- الثورة المصرية- بدأت بانقلاب عسكري، كان الثاني في تاريخ مصر(بعد التدخل العسكري الذي قاده احمد عرابي ضد القصر عام 1881) والسادس عربيا، بعد الانقلابات السورية الثلاثة أواخر الأربعينيات من القرن الماضي: حسني الزعيم، وسامي الحناوي، وأديب الشيشكلي، ومحاولة (الوزير) الانقلابية ضد الحكم الإمامي في اليمن(1948)، وانقلاب بكر صدقي في العراق عام 1936..


لكن أيا من هذه الانقلابات لم يتحول الى ثورة كثورة يوليو-1952، فظل تأثيرها محدودا ومؤقتا، ربما باستثناء حركة (عرابي) التي عنت نهوض الشعب المصري للمطالبة بحقوقه المغتصبة من أسرة (محمد علي باشا)  الحاكمة، وهو ما وفر للانجليز الذريعة لاحتلال مصر عام 1882 وإجهاض الحركة التحررية الديمقراطية الوليدة..


*    *    *


ربما يمكن مقارنة الثورة المصرية، من حيث أبعادها وعمقها، بانقلابين كبيرين حدثا  مطلع القرن الماضي، وهما:الثورة القومية الديمقراطية الصينية عام 1911م بقيادة الدكتور(صن يات صن)، والانقلاب العثماني-التركي (1908) ضد السلطان عبد الحميد، الذي قاده (حزب الاتحاد والترقي).


*    *    *


في الحالة المصرية، فإن ما بدا انقلابا عاديا أول وهلة، تكشف شيئا فشيئا عن ثورة عميقة طالت إجراءاتها ومساراتها جميع نواحي  الحياة في مصر: الدستورية والقانونية والسياسية والاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية...


وأكدت هوية مصر وشخصيتها الحضارية وانتماءها العربي، وهو ما كان موضع تنازع وتجاذب قبلها.


وأثرت بعمق على محيطها العربي، خاصة بعد الانتصار الكبير على العدوان الثلاثي عام 1956، وشمل تأثيرها كذلك المجال الافريقي والآسيوي، كدولة مؤسسة وقائدة في دول عدم الانحياز..


*    *    *


واذ يختلف الكثيرون ولا زالوا يختلفون حولها، فإنهم يجمعون غالبا على أهميتها وتأثيرها الكبير متعدد الابعاد في مصر وفي الوطن العربي وفي العالم على السواء....


ويجمعون على الدور المميز والكبير لقائدها جمال عبد الناصر، الذي (ملأ الدنيا وشغل الناس).


ومع التقييم الذي حظيت به إجراءات وتوجهات الثورة بقيادته: الاستقلال الناجز، السيطرة على الثروات الوطنية وبناء اقتصاد حديث، الإصلاح الزراعي وحق العمل، والتعليم والصحة المجانيين، رفض الأحلاف الاستعمارية، دعم حركات التحرر والاستقلال العربية والإفريقية، التضامن والوحدة العربية، فإن أعمق نقد وجه للثورة، كان في مجال الحريات، وفي نمط بناء السلطة وإدارتها..


وتعزا لهذين السببين اخفاقات الثورة وعثراتها.. وبخاصة فاجعة الانفصال عام 1961، وهزيمة حزيران- يونيو1967،


ثم التحولات الكبرى عن خيارات الثورة وتوجهاتها، التي قادها السادات، عقب وفاة عبد الناصر1970..


*    *    *


واليوم، وبعد خمسة وخمسين عاماعلى قيامها، لا زالت الثورة المصرية تثير الجدل  الحار حولها.. شأنها شأن كل حدث جليل تتعدد فيه التأويلات والاستقطابات....


لكن أي مراقب منصف لن يتردد في الشهادة على التراجع الملحوظ لمكانة ودور مصر والعرب في العالم، قياسا لما كانا عليه عهد عبدالناصر..


*    *    *


خمسة وخمسون عاماً مضى..


ولم تزل في البال ثورة يوليو..
ماثلة: وقائعها وذكرياتها

التعليقات