31/10/2010 - 11:02

دور مؤسسات المجتمع المدني في الخروج من المأزق الفلسطيني الحالي../ راسم عبيدات

دور مؤسسات المجتمع المدني في الخروج من المأزق الفلسطيني الحالي../ راسم عبيدات
..... إن الوضع الفلسطيني الحالي، يؤشر بشكل واضح، إلى أن الأزمة الداخلية الفلسطينية، بعد الحسم العسكري الذي لجأت إليه حماس في غزة، وما تلاه من تداعيات جداً خطيرة في الضفة والقطاع، قد انتقلت إلى تطور خطير ونوعي، واضعة بذلك المشروع الوطني برمته أمام منعطف شائك، وتحديات إضافية كبيرة وتداعيات جداً خطيرة، تنطوي على تكريس الفصل السياسي والمؤسسي والجغرافي بين الضفة والقطاع، وتفتح الباب واسعاً أمام الإستثمار الأمريكي الإسرائيلي تحديداً، والتدخلات الخارجية عموماً، وبما ينذر بإعادة النضال الوطني عقودا للوراء، ويهدد بتصفية حقوق شعبنا وأهدافه وتطلعاته وقضيته الوطنية، وإعادتها إلى عهود الوصاية والاحتواء والإلحاق.

هذه الأزمة من المفترض أن تدفع بقوى المجتمع المدني ومؤسساته، إلى التحرك الجدي والفاعل من أجل رأب الصدع بيت الطرفين المتخاصمين، فتح وحماس والذي تثبت التطورات المتسارعة والمتلاحقة، أن كلا منهما موغل في فئويته وأجنداته الخاصة، ومتسلح برؤيته الإقصائية التي قد تطيح بكل منجزات ومكتسبات شعبنا التي عمدت بنضالاته وكفاحاته ومعاناته.

هذا المأزق كان وما زال بحاجة إلى جهد جماهيري كبير وموحد ومتواصل، تقف على رأسه مؤسسات المجتمع المدني، والتي تثبت الحالة الفلسطينية وأزمتها الداخلية المستفحلة، أن دورها هامشي وضعيف، لكونها تفتقر للبعدين الجماهيري والديمقراطي، ولا يتعدى المناشدات والاستنكارات، وعقد بعض ورش العمل والندوات والمحاضرات هنا وهناك، في قاعة هذا الفندق أو ذاك، فضخامة الحدث تتطلب القيام بناشطات وفعاليات جماهيرية على الأرض وفي الشارع وبين الجماهير، من أجل إيجاد تيار شعبي ضاغط على هذه القوى، من أجل التوقف عن العبث بالمشروع الوطني.

ويجب على هذه المؤسسات أن تتسلح برؤيا واضحة، حول كيفية الخروج من هذا المأزق، رؤيا قابلة للتطبيق، وقادرة على إيجاد تيار شعبي داعم ومقتنع بها. رؤيا تقول وتؤكد على رفضها لخيار الحسم العسكري الذي وقع في غزة، وعدم الإعتراف بنتائجه باعتباره خروجاً على الخيار الديمقراطي، وكذلك بطلان وعدم شرعية الإجراءات الإدارية والقانونية التي لجأ إليها الرئيس عقب ذلك، وإن أي حل يجب أن يكون فلسطينياً ومستنداً للمصالح العليا للشعب الفلسطيني، وأن أي فكاك وخلاص لهذه الأزمة، لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن التوافق الوطني كشرط للتوصل إلى حلول وطنية ديمقراطية ناجعة، وأية مبادرة تتقدم بها هذه المؤسسات للخروج من هذا المأزق، يجب أن تستند إلى حوامل، حوامل فاعلة ومبادرة، ولديها قناعات بأهمية إنجاح هذه المبادرة، وليس على قاعدة اللهم إني قد بلغت، أو نحن موجودون، أو لكي تشعر هذه الجهة أو تلك بوجودها..

وأنا أرى أن دور مؤسسات المجتمع المدني هام وضروري جداً في هذه المرحلة، لطبيعة وحجم المخاطر المحدقة بالمشروع الوطني، والذي يجب أن يتجاوز ورش العمل والمؤتمرات والندوات في فنادق الخمس نجوم، والتي أصابتنا منها تخمة، كتخمة القائمين عليها، وعلى مؤسسات المجتمع المدني أو المؤسسات الأهلية، والتي يتباهى " ويتفشخر" القائمون عليها، عند الحديث عن الدعم أو التصريحات أو "الهوبرات" الإعلامية أمام الفضائيات ووسائل الأعلام، عن كونها تضم أكثر من ستين أو سبعين مؤسسة ...الخ هذه باسم ائتلاف وأخرى باسم إيلاف أو "بنجو" أو"تنجو" وغيرها إلى ما لا نهاية .

أن تبادر إلى طرح مبادرة تقوم على أساس تشكيل مرجعية وطنية موحدة مؤقتة في إطار م. ت. ف تضم مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وبما يضمن وضع آليات عملية لتطبيق بنود إعلان القاهرة ووثيق الوفاق الوطني، وهذا يتطلب:

1- تراجعاً عن نتائج الحسم العسكري الذي نفذ في غزة، وتراجعاً عن كافة الإجراءات الإدارية والأمنية والإستقواء بمؤسسات فاقدة لشرعيتها لخدمة أجندات معينه، واعتبار ما نتج عنها من قرارات باطل.
2- العمل على وقف كافة أشكال ومظاهر التوتير والتحريض وعبارات القدح والتشهير والتخوين والتكفير في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، وبما يخلق مناخات إيجابية تمهد لإنجاح الحوار الوطني.
3- إن الإحتكام للشعب باعتباره مصدر السلطات، يحتاج لتوافق وطني من، أجل إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وعلى أساس التمثيل النسبي الكامل.
4- وما ورد في البند الثالث يجب أن يترافق مع المباشرة الفورية لعمل اللجنة العليا التي أقر تشكيلها في حوار القاهرة لتقوم بدورها كهيئة حوار، والإشراف على تنفيذ إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية، وتعجيل البدء بإجراء إنتخابات حرة للمجلس الوطني الجديد داخل الوطن، وحيثما أمكن في مواقع الشتات، وفق التمثيل النسبي الكامل.

هذه بعض التصورات لما يجب أن يكون عليه دور مؤسسات المجتمع المدني، في هذه المرحلة الخطيرة والمفصلية من تاريخ شعبنا، والتخلي عن دور المناشدات والاستنكارات، إلى أخذ زمام المبادرة والإنتقال إلى خطوات عملية وجادة، تمنع تبدد وضياع المشروع الوطني، واستمرار عبث أصحاب الأجندات الخاصة والعقليات الفئوية والميليشاتية والإقصائية، به وتدميره.

التعليقات