31/10/2010 - 11:02

سبع ملاحظات على التهافت السياسي والقانوني لتقرير ميليس/د.رفعت سيد أحمد

سبع ملاحظات على التهافت السياسي والقانوني لتقرير ميليس/د.رفعت سيد أحمد
(دراسة أولية)

لاشك في اننا امام تقرير او بيان سياسي يريد بأي وسيلة ادانة سورية اكثر مما يريد تبيان الحقيقة في قضية اغتيال الحريري. فلقد اصبح واضحا، وضوح الشمس ان ما ارادته اميركا و"إسرائيل" من لجنة التحقيق الدولية، قد تحقق، وكأن الـ(إف ـ بي ـ أي) أو الـ(سي ـ أي ـ آيه) هي التي كتبت التقرير، وان دور ميليس لم يكن سوى التوقيع عليه، فالمطلوب ادانة سورية قانونيا وسياسيا، وترتيب قضية هي اقرب الى افلام هوليوود، منها الى قضية واقعية بهدف تسويق صفة (الارهاب) ملتصقة بسورية، اقليميا ودوليا، خدمة لاستراتيجية بعيدة المدى تستهدف ليس فحسب المنطقة العربية بل العالم اجمع.

وحتى لا يكون كلامنا محلقا في الفضاء السياسي، وحتى يكون الرد عمليا، وموضوعيا على التقرير نسجل عليه التساؤلات او الملاحظات القانونية والسياسية التالية، مؤملين ان تساهم في اجلاء حقيقتين: الاولى حقيقة اغتيال الحريري والثانية حقيقة التهافت السياسي والقانوني لتقرير (21/10/2005) تقرير لجنة التحقيق الدولية الذي صنع اميركيا واسرائيليا بجدارة.

(1) ‏

لماذا الافتراض المسبق بالادانة؟ ‏

السؤال او الملاحظة الاولى: القاضي الألماني، والذي لاينفي محبته لـ"إسرائيل" وتواصله مع ضباط"الموساد" فيها وفقا لما نشرته "يديعوت احرونوت" في تموز 2005، اقام كل تحقيقه (53صفحة) باستشهاداته ووثقائقه التي بلغت (16الف صفحة) على (افتراض مسبق) قوامه ان سورية وبعض الجهات الامنية اللبنانية هي التي قتلت الحريري، وكان دوره هو البحث عن الادلة والشهادات التي تؤكد هذه الفرضية ،ما يتنافى مع ابسط قواعد التحقيق الجنائي الذي من المفترض انه لاينطلق من افتراضات مسبقة، بل انه يتناقض مع نص قرار مجلس الامن رقم 1595 القاضي بتشكيل هذه اللجنة في (7/4/2005) وبتحديد هدفها والمتمثل في استجلاء كل ظروف جريمة اغتيال الحريري، إلا ان اللجنة لم تفعل ذلك وبنت تقريرها على (اتهام مسبق) ظلت تبحث طوال 4اشهر عما يسنده من ادلة، باتت قاصرة من الناحية المادية حيث الشهادات السماعية كانت هي الاصل، وهو الامر الذي دفع العديد من الخبراء القانونيين الى السخرية من التقرير بالقول( ان جريمة بهذه البشاعة لا تنفذ عبرالهواتف الخلوية وفقا لاستنتاجات ميليس ولجنته ـ انظر صحيفة السفير اللبنانية 22/10/2005). ‏

ان امانة القاضي الدولي، ونزاهته كانت تتطلب من (ميليس) ولجنته ألا ينطلق في البناء المعماري لتقريره، من فرضية واحدة مسبقة دون غيرها وهنا نسأل لماذا لم يشر الى احتمال تورط "إسرائيل" مثلا في هذه الجريمة، لاسيما ان الحريري كانت له مواقف عدائية مع "إسرائيل" ازدادت في الايام الاخيرة السابقة على رحيله (وفقا لرواية السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله، والذي التقى الحريري عدة مرات سرا قبل رحيله!!)، بل لماذا لم يتوسع القاضي فيما قاله هو نفسه في ثنايا تقريره نصا من (ان هذه الجريمة وان كان الحافز فيها سياسيا لكنها ليست عمل افراد بل مجموعة معقدة يبدو كثيرا ان الاحتيال والفساد وتبييض الاموال كانت ايضا حوافز لاشخاص شاركوا في العملية: المادة 204 من قسم الاستنتاجات) لماذا ظل القاضي طيلة تقريره، وطيلة شهور تحقيقه يلح على فرضية واحدة يريد اثباتها رغم ان الواجب القانوني والوظيفي يحتم عليه تناول باقي الاحتمالات والافتراضات؟ ترى هل هي اميركا او فرنسا التي دفعت به الى هذا المنحى؟ هل السبب هو غلبة العناصر الاميركية على اعضاء فريقه مع وجود شبهة تواصل قديم بينهم وبين اجهزة المخابرات الاميركية والاوروبية؟ هل كان لقاؤه برجال "الموساد" الاسرائيلي في جنيف (وفقا لصحيفة يديعوت احرونوت وهآرتس في الصيف الماضي) وتقديمهم لما قيل انه وثائق ومن بينها تسجيل كامل للاتصالات الهاتفية اللبنانية خلال الشهور الثلاثة السابقة على اغتيال الحريري هو السبب ؟ ام كان هؤلاء جميعا بادوارهم الخفية مع القاضي الالماني المحب لـ"إسرائيل" (ميليس) هم السبب في خروج تقريره بهذا الشكل الذي يدين (سورية) دون غيرها؟! ‏
(2) ‏

من هو الشاهد الزور؟ ‏

السؤال او الملاحظة الثانية: يقيم القاضي الالماني ميليس (المحب لـ"إسرائيل" وفقا للصحافة الاسرائيلية) نصف تقريره (يعني قرابة الـ25صفحة) على شهادة المجند السوري السابق (يسميه التقرير بالضابط السوري السابق في الاستخبارات السورية في لبنان ثم يعود ليصفه بالسائق الخاص بمدير المخابرات السورية السابق في لبنان!!) والمدعو (زهير الصديق) والتي يدعى فيها عشرات الادعاءات ضد سورية متهما اياها من خلال اتهام قادة امنيين وسياسيين كبار بأنها هي التي خططت ونفذت عملية اغتيال الحريري، الطريف في الامر والخطير في آن واحد، ان هذا (الضابط) المنشق، تم ايقافه وسجنه في باريس يوم 16/10/2005 وبطلب من (ميليس) نفسه ومن المدعي العام اللبناني سعيد ميرزا يتهمه انه اما مضلل كبير او انه كان شريكا في جريمة الاغتيال وحتى هذه اللحظة لايزال (الصديق) موقوفا، فهل يجوز قانونيا ان يبني ميليس نصف تقريره او اتهامه(وهو التعريف الصحيح لتقرير ميليس) على شهادة مخبر نصاب، او شهادة مشارك في جريمة؟ ام انه اراد ذلك حتى يعطي مصداقية لتقريره الذي بات من كثرة تناقضاته يفتقدها؟! وإذاعلمنا ان هذا الشاهد تبرأت منه عائلته، وادلى اخوته واسرته بمعلومات خطيرة للاعلام (تحديدا قناة الجزيرة التي لاشك ان ميليس وفريقه كانوا يتابعونها) عن شخصية ابنهم (النصاب) والمزور، معلومات كانت كفيلة لو ان القاضي الألماني كان يتبع الاصول القانونية الصحيحة، الاصول التي تبحث عن (الحقيقة المجردة) وليس (الادانة المسبقة) لكان التفت الى ما قدمته اسرة الشاهد من معلومات عن كذبه ومغامراته وبحثه الدؤوب عن الاموال وعن دور للوزير اللبناني مروان حمادة المعروف سلفا بعدائه لسورية في تجنيده، وغيرها من الاسرار والملفات التي قدمتها ايضا الاجهزة السورية للقاضي الالماني وكانت كفيلة لو اخذ بها بنسف صدقية هذا الشاهد، والتي اذا ما اهتزت، او ظهر ما يضعفها فإن الواجب القانوني والاخلاقي كان يتطلب من ديتليف ميليس وفريقه ان ينحوها جانبا بأكملها باعتبارها (شهادة زور) ولان صاحبها ليس صادقا ومشهوراً بالتزوير والتدليس ومن ثم فشهادته مجروحة ولايعتد بها، ترى ـوهذا هوالسؤال ـ لماذا لم يأخذ ميليس بهذه الاحتياطات القانونية والاخلاقية حين علم بحقيقة (زهير الصديق)؟ ولماذا ظل متمسكا به في تقريره رغم انه هو نفسه قد امر بتوقيفه لشكه فيه؟ اسئلة تحتاج من ضمير القاضي ان يجيب ؟! ‏

(3) ‏

اين شهادات السوريين؟ ‏

السؤال او الملاحظة الثالثة: ‏

المعرو ف انه وفقا لابسط قواعد التحقيق القانوني والجنائي في قضايا القتل العادلة (فما بالنا بالقضايا المعقدة مثل قضية الحريري) ان تتم الاشارة في التقرير الجنائي الى جميع جوانب القضية، والى شهادات كل الشهود او المشتبه بهم، وعدم التقليل من شأنها ايا كان مضمونها وضرورة احداث التوازن الجنائي فيما يرد من شهادات، وإلا فإن التحقيق يكون غير متوازن وتسقط صدقيته امام اية محاكمة عادلة؛ لانه تبنى وجهة نظر واحدة لشهود بعينهم دون غيرهم وهو ما يتعارض مع اصول القانون وروحه، هذه القاعدة القانونية المعروفة للأسف سقطت باكملها في تقرير ميليس ، حين تجاهل عن قصد، شهادات المسؤولين السوريين، سواء من سألهم (ويتردد انهم عشرة اشخاص) او تلك الشهادات التي قدمت له او سمع به (مثل لقاء الرئيس بشار الاسد ولقاء السفير وليد المعلم بالرئيس رفيق الحريري قبل اغتياله والروح الطيبة التي صاحبت هذين اللقاءين)، لقد اسقط ميليس الحق القانوني في ضرورة ابراز حجج هؤلاء الذين سألهم او استمع الى شهادتهم وتبنى بالمطلق شهادة خصومهم من اللبنانيين (امثال وليد جنبلاط ومروان حمادة) رغم تعارض ذلك مع ابسط قواعد العدل والقانون؛ ان القاضي الالماني (المحب لـ"إسرائيل") لم يرق الى مستوى الضمير المهني الحقيقي، وتجرأ على هذا الضمير وأهان الهيئة الدولية التي ارسلته (مجلس الامن) حين تبنى بالمطلق رؤية المعارضة اللبنانية دون ان يدفعه ضمير القاضي وحدسه الى الالتفات بموضوعية لشهادات من اتهمهم وكان هذا واجبا وفرضا عليه اذا كان بالفعل يعمل ويتحرك كقاضٍ مستقل ينشد (الحقيقة) التي صدعوا رؤوسنا بالبحث عنها، وليس كتابع او كأداة لاستراتيجية اكبر منه تماما مثلما فعل سلفه الايرلندي (بيتر فيتز جيرالد الذي رأس لجنة تقصي الحقائق التي شكلت بقرار من الامين العام للامم المتحدة يوم 15/2/2005) والذي حين لاحظ الاختلاف بين الشهادات السورية واللبنانية في قضية اغتيال الحريري، ساعتها قام بتنحية الشهادات السورية واقتصر ايضا على الشهادات اللبنانية في تقصد مريب يفقده هو ولجنته ومجلس امنه المصداقية الواجبة، فلماذا تم ذلك؟ وأين ضمير وحرفية القاضي كما اشاع ميليس عن نفسه؟! ‏

(4) ‏

من المستفيد؟ ‏

السؤال او الملاحظة الرابعة: تحدث التقرير/ الاتهام عن قيام الجهات الامنية السورية واللبنانية بمراقبة دقيقة للحريري قبل اغتياله، وبنى على ذلك اتهاما صريحا بأنه نتيجة لهذه الدقة في المراقبة ونظرا للوجود الاستخباري السوري المكثف في لبنان، فإنه من المستحيل ان تتم جريمة الاغتيال دون علم ودون تورط سوري!! والسؤال: هل يقبل عاقل (فضلا عن كونه رجل قانون، ولجنة قانونية دولية) بمثل هذا المنطق الساذج في تحليل جريمة معقدة مثل جريمة اغتيال الحريري، هل تعني مراقبة الحريري ـ مع افتراض وجودها ـ ان من راقبه هو من قتله؟ اليس هناك ولو احتمال واحد في المئة بوجود جهة اخرى مثل مجموعة فساد او تبييض اموال كما اشارت اللجنة ذاتها في تقريرها المليء بالتناقضات القانونية)، تكون هي التي قتلت الحريري رغما عن هذه المراقبة الدقيقة؟ وهل معنى وجود المخابرات السورية في لبنان انها مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة تقع في هذا البلد، هل يعني هذا بالقياس ان المخابرات الاميركية ـ مثلا ـ مسؤولة عن احداث الحادي عشر من ايلول 2001 او انها هي وقيادة قوات الاحتلال الاميركيةفي العراق مسؤولة عن المذابح التي تجري ضد المدنيين من قبل جماعة الزرقاوي وغيره؟ هل معنى وجود الاستخبارات السورية في لبنان (وبالمناسبة هذه ايضا كذبة كبيرة لان الوجود السوري لم يكن بهذاالتوصيف وبهذا الدور او الحجم) انها مسؤولة عن صراعات الطوائف والمصالح والطبقات الفاسدة؟! ولماذا لاتكون ـ مثلا ـ "إسرائيل" بما لديها من معرفة واسعة بجغرافيا وتاريخ وحاضر لبنان قد اخترقت الجميع وقامت بالجريمة لاسيما ان القاعدة القانونية الذهبية في علم الاجرام تقول : (ابحث عن المستفيد تكتشف الفاعل) ونحسب ان ما جرى لسورية ولدورها في لبنان منذ اغتيال الحريري (14/2/2005) وحتى لحظة اصدار تقرير ميليس (21/10/2005) يمثل خسارة كبيرة لها، فهل كانت سورية ومسؤولوها الامنيون والسياسيون يبحثون عن توريط بلدهم في خسائر مجانية بهذا الحجم والنوع؟! كان ينبغي على ميليس وفريقه ان يسأل نفسه هذه الاسئلة قبل ان يسارع الى إلقاء التهم جزافا كما فعل في تقريره او بيانه الاتهامي.

(5) ‏

مَنْْ حذف الاسماء؟ ولماذا؟ ‏

السؤال او الملاحظة الخامسة: تعمد ميليس، وفريقه الاميركي، وبمشاركة من كوفي عنان ان يظلوا يلعبون بالحقائق حتى آخر لحظة من كتابتهم لتقريرهم الاتهامي الذي فرط بالحقيقة عمدا، تمثل ذلك في قيامهم بحذف اسماء مسؤولين سوريين من النسخة المقدمة للاعلام مع تسريب نسخة اخرى فيها هذه الاسماء لوسائل الاعلام نفسها حتى يبدو الامر وكأنه خطأ غير مقصود، وهو اسلوب بات مكشوفا ومعروفا للسيد ديتليف ميليس في تحقيقاته غير الحيادية في هذه الجريمة، حين كان يتعمد سابقا تسريب (معلومات) ثم يقول عكسها وكأن سيادته محقق في (فيلم سينمائي هوليوودي) او (شارلوك هولمز الشهير) الذي يفترض ان شهوده ومتهميه وجمهوره هم مجموعة من السذج وان سيادته هو (جيمس بوند الوحيد) في كل القصة، وانه بذكائه المفرط سوف يستطيع بهذه الافخاخ المعلوماتية المتضاربة ان يكشف المجرم.. ترى ما هذه السذاجة في التعامل مع قضية معقدة وخطيرة مثل قضية اغتيال الحريري تلك؟ ثم ألا يعني حذف هذه الاسماء ان ميليس لايملك ازاءها دليلا قاطعا وانه استند في ايرادها فحسب الى شهادة (الشاهد النصاب زهير الصديق!) او انه اراد بتسريب الاسماء ثم حجبها ان يمثل ذلك اداة ورسالة ادانة مستقبلية على سورية وعلى نظامها السياسي؟ يقول مضمونها انه اذا لم تلب سورية الشروط الاميركية في العراق وفلسطين ولبنان، فإن الخطوة القادمة هي المطالبة بتسليم ومحاكمة هؤلاء المسؤولين؟ وهل يقبل ضمير القاضي النزيه ـ والسؤال هنا موجه الى ميليس ـ ان يصبح تقريره ألعوبة في ايدي دول كبرى لها مصالح واهداف محددة تجاه سورية؟ واذا لم يكن الامركذلك فلماذا وضع الاسماء ثم حذفها بهذه الطريقة الهوليوودية من التقرير؟! ‏

(6) ‏

أين حزب الله؟ ‏

الملاحظة او السؤال السادس: يكمن في السؤال عن المسكوت عليه في تقرير ميليس وما اكثر المسكوت عليه، والذي ينم عن اهداف وغايات اخرى قد لا نراها الآن ولكن المستقبل يحملها، مع مفاجآت عديدة تستهدف تدويل القضية وضرب سورية ثم حزب الله،فإيران..من جملة السكوت عليه بل وعلى رأسه غياب اتهام التقرير ـ او حتى ايراده ـ للتحقيقات التي اجريت من قبل فريق ميليس في الضاحية الجنوبية لبيروت وهي ـ كما هو معروف ـ معقل لحزب الله، ومداهمتهم لاحدى الشقق السكنية في المنطقة، وكيف ان السيارة التي قتلت الحريري قد تم تفخيخها في هذه المنطقة بمعرفة حزب الله وضباط سوريين ولبنانيين كانوا يقطنون في هذه الشقة، كل هذه المعلومات التي نشرت على نطاق واسع وقتها لم يوردها التقرير، بل ان الاتهامات وقتها تحدثت عن دور لحزب الله في الاغتيال فلماذا تم حذف هذا جميعه من التقرير الذي قدمه ميليس لمجلس الامن؟ هل لان القوى الدولية التي تقف خلف كل هذه المؤامرة (ونقصد تحديدا فرنسا ـ اميركا ـ "إسرائيل") ارادت عدم استفزاز حزب الله في هذه المرحلة من خلال ذكره او الاشارة اليه من قريب اوبعيد، حتى لاتربك كل الحسابات والساحات، وان المطلوب فقط الآن هو توريط سورية ثم لاحقا سوف يتم توريط حزب الله في القصة! وإلا لماذا استبعد السيد ميليس المعروف بنزاهته وحرفيته ـ كما اشيع ـ هذه الوقائع من تحقيقه الذي كان من المفترض ان يتضمنها لو كان تحقيقا شفافا وعادلا؟ ‏

(7) ‏

هل استمع ميليس الى أحمد جبريل حتى يتهمه! ‏

أما السؤال او الملاحظة السابعة والاخيرة والتي ننهي بها هذه الدراسة الموجزة لدحض تقرير ميليس فتدور حول ما ساقه من اتهامات للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة برئاسة احمد جبريل وتعمده ذكرها كإحدى القوى المشاركة في جريمة اغتيال الحريري. ان الملاحظة الجديرة بالتسجيل هنا، ان السيد ميليس الذي يتفاخر مناصروه من الصهاينة العجم والعرب داخل لبنان وخارجها ويتراقص بعضهم طربا بتقريره ولا يكفون منذ يوم 21/10/2005 يوم اصداره للتقرير عن الاشادة بحرفيته ودقته المتناهية في الرصد والتحليل والتوثيق، ويدرأون عنه شبهة النسيان او شبهة التوظيف السياسي المغرض او انه مجرد ألعوبة صغيرة في يد واشنطن وباريس يحركانه حيثما ارادوا.. هذا المحقق الدولي لم يكلف نفسه، قبل ان يتهم الجبهة الشعبية ان يستدعي امينها العام (أحمد جبريل) او احد معاونيه وما اكثرهم في لبنان وسورية ، لسؤاله وللتحقيق معه، حتى يكون لاتهامه لهم، صدقية وحجية اما اطلاق الاتهام هكذا دون حتى سؤال مسبق للمتهم، فإن ذلك يوقع ميليس وفريقه في شبهة التجني وفي شبهة الاستخدام السياسي لاسباب ولدوافع اميركية واسرائيلية صرفة، لاسيما ان خلافا حادا طرأ قبل ايام بين الجبهة الشعبية ورئيس الوزراء اللبناني الحالي/ فؤاد السنيورة على خلفية نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في لبنان، ويأتي اتهام ميليس وكأنه يخدم القرار (1559) ومطالب السنيورة، وواشنطن ومن ثم "إسرائيل" بنزع سلاح المخيمات والمقاومة الفلسطينية ثم اللبنانية، يأتي الاتهام وكأنه يغطي على الجريمة القادمة جريمة نزع سلاح المقاومة التي تقاتل من اجل حق، وليس لمجرد الهواية والاستعراض!! ‏

والسؤال: هل كان ميليس يقصد هذا التوظيف السياسي المغرض، وهل يجوز له وهو المحقق النزيه ان يتهم جهة او شخصا ما دون حتى سؤاله؟ ألا يدحض هذا كثيرا من الوقائع المشابهة التي اوردها في تقريره ويجعل منه مجرد بيان سياسي لادانة المقاومة وسورية، وليس للبحث عن الحقيقة التي نتمنى جميعا كعرب ومسلمين ابرازها. ‏

على أية حال... ‏

ان رائحة المؤامرة، ظاهرة للعيان، فيما وراء سطور هذا التقرير وهي رائحة لا تكفي فقط ادانتها اللفظية ، بل لابد من تحرك سياسي وقانوني ودولي، وايضا جهادي، من كل المحبين لسورية وللبنان بل وللحريري من اجل مواجهتها واسقاطها؛ لان هذه المؤامرة وبكل وضوح إذا لا قدر الله، تحققت فإن الدائرة ستدور على باقي الرؤوس العربية، التي صمتت حين كان ينبغي لها ان تصرخ احتجاجا ومقاومة. حفظ الله سورية ولبنان والمقاومة من القتلة الذين يترصدونهم ملتحفين زيفا باسم (الحقيقة) وهي منهم براء. والله اعلم. ‏

التعليقات