31/10/2010 - 11:02

سنه تلخيص، سنتان خلاصات واستنتاجات، وعشر سنوات آليات للتطبيق والتنفيذ../ راسم عبيدات

سنه تلخيص، سنتان خلاصات واستنتاجات، وعشر سنوات آليات للتطبيق والتنفيذ../ راسم عبيدات
.. تتحدث الأنباء عن لقاء في مصر الشهر القادم، يجمع السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومندوب الرباعية والاتحاد الأوروبي. والهدف منه، بعد مرور عام على مؤتمر أنابوليس، وضع تلك الأطراف في صورة أين وصلت المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل؟ ويأتي هذا اللقاء في أعقاب الفشل قي صياغة وثيقة مشتركة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يتم فيها استعراض تفاصيل القضايا الجوهرية والمواقف منها كما طالبت "رايس" في اجتماعها الأخير مع الطرفين، حيث رفضت إسرائيل ذلك بشدة، بحجة أن هذه الآلية والطريقة، قد تضر بالمحادثات الجارية، من خلال تصلب كل طرف في مواقفه والتراجع عما تم الاتفاق عليه، وكذلك بعد أن فشلت الأطراف في التوصل لاتفاق سقف أو إعلان مبادئ غير ملزمين.

وبمعنى آخر هذا اللقاء التلخيصي، والذي سيعرض فيه كل طرف مواقفه ورؤيته وتصوراته من هذه المحادثات سيكون غير ملزم، وهو بالتالي يأتي لحفظ ماء الوجه، والقول بعدم فشل هذا النهج والخيار، وحتى هذا التلخيص قد يتم الاختلاف حوله، هل هو تلخيص لقناة "أولمرت –عباس" العلنية، أم تلخيص لقناة "ليفني – قريع" السرية.

وبما أن التلخيص يأتي في الوقت المستقطع، فهو يأتي من باب رفع العتب ليس أكثر والقول إن "في الحركة بركة"، فإسرائيل بعد استقالة أولمرت وفوز ليفني برئاسة حزب "كاديما" على أعتاب تشكيل حكومة جديدة، وحتى موعد اللقاء قد تنجح أو لا تنجح في تشكيل حكومة جديدة، وحينها ستبرز مشكلة من يمثل إسرائيل في هذا اللقاء التلخيصي، وزيرة الخارجية أم رئيس الوزراء؟

في المقابل فإن أمريكا على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة، وولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقترب من نهايتها. وهذا يعني أن ما يسمى بـ"رؤية بوش للسلام" لن تتحقق، وهو يعني أيضاً أن الإدارات الجديدة بحاجة لدراسة هذه الملخصات، وهي تريد أن تأخذ فرصة لترتيب أوضاعها الداخلية ورسم سياستها الخارجية، وهذا على الأقل بحاجة إلى سنة من توليها الحكم، ومن ثم يتم دراسة تشكيل لجان متعددة للخروج باستنتاجات وخلاصات للقضايا المستعرضة والملخصة، بحيث تقوم كل لجنة بدراسة التلخيص في جانب معين، على سبيل المثال لا الحصر، خلاصات واستنتاجات لقضايا القدس، وأخرى للاجئين وغيرها للحدود والاستيطان وهكذا.

وطبعاً هذه الاستنتاجات والخلاصات النهائية سيتم عرضها مرة أخرى على قيادة وزعامة الأطراف المعنية، وكونها غير ملزمة فهي تحتمل الإضافة والتعديل والشطب، ومن ثم يتم التوجه لوضع الآليات للتطبيق والتنفيذ، وطبعاً هذا لن يخرج عن ما طرحه "نتنياهو" رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب "الليكود" الحالي، لا تنازلات مجانية للفلسطينيين، إزالة "كومة "تراب عن مدخل قرية بثمن، رفع حاجز عسكري بثمن، إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بثمن، السماح بدخول العمال الفلسطينيين للعمل في القدس وداخل الخط الأخضر بثمن، انسحاب من مناطق فلسطينية، رهن بضرب وتفكيك البنية التحتية "للإرهاب" (قوى المقاومة الفلسطينية)، وطبعاُ السنوات العشر قابلة للتمديد إذا لم يثبت الفلسطينيون قدرة على تنفيذ التزاماتهم الأمنية، وهي ستكون المدخل الأساسي للتطبيق، وخلال فترة التطبيق تستمر إسرائيل في تنفيذ إجراءاتها وممارساتها على الأرض وبما يغير الوقائع والحقائق، والتي يجب على الطرف الفلسطيني مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار، في كل مراحل التطبيق، وليس هذا فقط بل مراعاة الوضع الداخلي في إسرائيل، وعدم الإصرار على التفاوض والتنفيذ بشأن قضايا جوهرية كالقدس واللاجئين، لأن من شأن ذلك أن يعرض الحكومة الإسرائيلية القائمة للسقوط، وطبعاً هذا يضر "بالعملية السلمية" وهكذا دواليك.

إذا نحن أمام مرحلة طويلة من العبثية ومفاوضات طحن الماء، والتي رغم مرور خمسة عشر عاما عليها، لم توصلنا إلى أي من الأهداف والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وحتى تسهيلات في القضايا الحياتية والمعيشية لم تتحقق، بل أن تقارير دولية أشارت إلى أنه بعد مرور عام على ما سمي بمؤتمر أنابولس للسلام، تزايدت الحواجز العسكرية، وتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية، وتضاعف الاستيطان بعشر مرات، ومن مرحلة التلخيص إلى البدء بمرحلة وضع الآليات للتطبيق والتنفيذ، تكون إسرائيل قد غيرت الكثير من الوقائع والحقائق وشرعت الكثير من إجراءاتها وممارساتها القمعية بموافقة فلسطينية، ومن هنا تأتي أهمية المراجعة لهذا النهج والخيار، والذي يتشبث به البعض فلسطينياً، وينظر ويطبل ويزمر له ويؤلف له الكتب التي تشرح قيمته وأهميته ودوره في استرداد الحقوق، ويريد أن يقنع به شعبنا على قاعدة: "عنزة ولو طارت".

لا أحد من شعبنا ضد المفاوضات من أجل استرداد حقوق شعبنا، ولكن المفاوضات على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، وبرعاية دولية أيضاً، ومن خلال طرح قرارات الشرعية الدولية للتنفيذ وليس للتفاوض والحوار، وبسقوف واضحة ومحددة زمنياً للتنفيذ، أما الاستمرار في التفاوض من أجل التفاوض، والذي أضحى مصلحة ونهجا عند البعض الفلسطيني، وبما يخدم أهدافه ومصالحه، فهذا من شأن الاستمرار فيه أن يعمق من حالة الضعف الداخلي الفلسطيني وأزمته القائمة، من خلال زيادة وتواصل حالة الانقسام القائمة جغرافياً وسياسياً، وبما يشكل مخاطر جدية على المشروع الوطني الفلسطيني ومنجزاته ومكتسباته، ويدفع به نحو المزيد من الضعف والتفكك والضياع.

وبدون أن يكون هناك اتفاق فلسطيني على إستراتيجية موحدة، وبدون أن تنتهي حالة الانقسام القائمة حالياً، ومن خلال رغبة جادة وصادقة من قطبي السياسة الفلسطينية (فتح وحماس)، بأن يؤدي الحوار الوطني الفلسطيني المزمع عقدة في القاهرة الشهر القادم إلى توافق وطني فلسطيني ينهي الحالة الانقسام القائمة، ويوحد ويقوي العامل الذاتي، فلن نستطيع تحقيق أية انجازات جادة وملموسة، لا على المستوى التفاوضي، ولا على مستوى المقاومة، فكلا المشروعين يعيش أزمة، والخروج من تلك الأزمة عنوانه التوافق والتوحد، والتوافق والتوحد لا يحتاج إلى الكثير من الطحن والتنظير والشعارات، فإذا ما خلصت النيات، وغلبنّا المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الفئوية والحزبية، واستندنا إلى ما جرى الاتفاق عليه، من اتفاق القاهرة آذار /2005 ووثيقة الوفاق الوطني حزيران /2006، وبعيداً عن لغة المحاصصة والاتفاقات الثنائية، نستطيع أن نصل إلى الوحدة والإستراتيجية المشتركتين.

وعندها لن نحتاج إلى سنة من التلخيص وسنتان من الخلاصات والاستنتاجات، وعشر سنوات أو أكثر لوضع الآليات للتطبيق والتنفيذ، وحينها تكون قد ضاعت الحقوق والثوابت، وستبقى الأجيال القادمة تلعن إلى الأبد من أوصلنا إلى هذه الحالة..

التعليقات