31/10/2010 - 11:02

سيظل الشجر على ضفتي نهر الخابور مورقًا / محمد ميعاري

سيظل الشجر على ضفتي نهر الخابور مورقًا / محمد ميعاري
نهر الخابور هو احد الانهار العديدة التي تحتضنها اراضي الوطن العراقي، وهو على اهميته ليس مشهورًا لانه في قانون الطبيعة كما في القانون الدولي، يبتلع الكبير منها الصغير، فالشهرة الواسعة التي يتمتع بها نهرا دجلة والفرات افقدت الانهر الاخرى مثل هذه الشهرة، لذلك فالقليل من الناس خارج العراق يعرفون اسماء نهر الساجور والخابور وبليخ.
ولكن الشعراء هم الذين يحاولون اعادة التوازن في العلاقات المقلوبة ان كان بالنسبة للدول او بالنسبة لظواهر الطبيعة والامكنة وحتى الانهار.

هناك شاعرة عراقية قديمة لا اذكر اسمها الان فقدت اخًا عزيزًا بفعل تقلبات الدهر اسمه ،ابن طريف حزنت عليه حزنًا شديدًا، وتوقعت ان يشاركها الجميع حزنها، الناس والطبيعة ونجوم السماء وكانت تسكن في جوار نهر الخابور. وفي احد الايام حين كانت تتمشى بجوار النهر لاحظت ان الاشجار على ضفتيه مورقة خضراء مما زاد من حزنها وغضبها لان اشجار النهر لم تشاركها حزنها على اخيها المغدور، واعتبرت ذلك منها نكرانًا للجميل، فخاطبتها لائمة مستنكرة قائلة:
ايا شـــجر الخابور مالك مورقًا كأنك لم تحزن على ابن طريف
فلله درّ هؤلاء الشعراء لانهم عندما يحبون شخصًا او حبيبة او موقعًا يتفانون في هذا الحب، مثل الناس البسطاء ، بالرغم مما يحل بالمحبوب من مآس وامراض ونكبات، الم يقل احدهم:
يقولون ليلى في العراق مريضةً فيا ليتني كنت الطبيب المداويا
وما يجري اليوم في العراق الحبيب، ليس هو المحنة الاولى وقد لا تكون الاخيرة التي تمت على ايدي السفاحين والعملاء منذ هولاكو، وجنكيزخان الى جورج بوش مرورًا بالعملاء من نوري السعيد الى اياد علاوي واحمد الجلبي والطغمة.
وقبل ما يزيد عن نصف قرن، خاطبهم الشاعر عبد الوهاب البياتي في قصيدته المشهورة التي مطلعها:
نوري السعيد وطغمة الاشرار في ارض العراق.
حيث يمكننا ان نقول اليوم: الاحتلال وطغمة العملاء في ارض العراق وما اشبه اليوم بالامس.

وها هم ابناء الوطن العراقي البررة اليوم وامام العالم اجمع وعلى مرأى وسمع الحكام العرب الذين يغتصبون السلطة وحق وكرامة الشعوب العربية، يسطرّون اسمى ايات الحب والعطاء والاستشهاد من اجل محاربة الاحتلال والعملاء، من اجل عيون وكرامة الوطن والارض والانسان، ويضيفون الى انهار العراق نهرًا من دمائهم الطاهرة والجود بانفسهم الذي هو اقصى غاية الجود.

ان المحاولات البائسة واللئيمة التي ما برحت تحاول وبكل الاساليب الساقطة تشويه الوجه الناصع لهذه المقاومة الفذة لن تستطيع النيل منها ومن عزيمة رجالها واهدافها المشروعة، بل الواجبة عليهم و طنيًا وقانونيًا واخلاقيًا وانسانيًا والواجبة التأييد بل الاحتضان من كل محبي الحرية والتحرر وحقوق الاوطان والانسان على مستوى العالم العربي (عذرًا ! اين هو هذا العالم العربي الخانع والمهان؟) وعلى مستوى العالم بأسره.

ان الحقائق الاساسية للوضع في العراق لمن يريد ان يعرفها واضحة وجلية، لا لبس فيها حيث تبرز للعيان من خلال عمليات التلفيق والتشويه والتبليس وهذه الحقائق تؤكد:
1. ان الاحتلال الامريكي للوطن العراقي هو أم المشاكل وأم المحن جميعها، التي يعاني منها الوطن العراقي والانسان العراقي وكل ما نشأ من مآس وآلام، ما هو الا نتيجة حتمية لهذه المحنة الاساسية.

2. هدف هذا الاحتلال واضح وهو الهيمنة على هذا الجزء العزيز من الوطن العربي الكبير، ونهب ثرواته واثاره وتراثه وتقطيع اوصاله وامتهان كرامة مواطنيه على طريقة سجن ابو غريب، وتجويع اطفاله وافتعال الحروب الطائفية بين مركبات شعبه المتآخية واتخاذه نقطة انطلاق للهيمنة على القضاء والاراضي والدول المجاورة وفي جميع الاتجاهات وليخرس كل من يتكلم باسم هذا الاحتلال- الجريمة عن الديمقراطية والتقدم وحقوق الانسان المهدورة.

3. ان كل عمل اوموقف من شأنه ان يحمي او يساعد او يتعاون مع هذا الاحتلال الجريمة، لا يقل خطرًا ولا جريمة عن الاحتلال ذاته.

4. لقد خلق هذا الاحتلال وضعًا من الإفقار والتجويع ناهيك عن القتل ليدفع العديد من ذوي الاحتياجات الحياتية للانضمام الى جيش وشرطة وحرس من المرتزقة لحمايته وتحقيق اهدافه، وهذه جريمة اخرى يقترفها الاحتلال ضد حقوق الانسان وكرامة الانسان.

5. ان مقاومة هذا الاحتلال المجرم، لو كانت الدنيا دنيا هي فرض عين على كل مواطن شريف، وإن تؤدي المقاومة حاليًا فرض الكفاية على عدة مستويات: مقاومة جيوش الاحتلال والمرتزقة الاجانب وهناك من يجتهد ان مقاومة القوات التي يجندها الاحتلال لحمايته لا تقل اهمية عن مقاومة الاحتلال ذاته.

6. اما من يقتل المدنيين عمدًا ومن يغتال العلماء والاساتذة الجامعيين ومن يقتل الاطفال ويفجر القنابل والصواريخ في الاسواق والاحياء الشعبية، فابحثوا عنهم عند المخابرات الامريكية والمتواطئين معهم. وفي خدمة فرية الديمقراطية المزيفة. اعان الله شعب العراق العظيم وستظل جميع اشجار العراق ونخيله مورقة على ضفاف جميع الانهار فيه.

التعليقات