31/10/2010 - 11:02

"عصف الدماغ" أم جلب الأهوال../ عوض عبد الفتاح

نقل التلفزيون الإسرائيلي القنال العاشرة، عن مصدر أمني في الوفد الإسرائيلي الى أنابوليس، قوله أن عام 2008 هو عام إطلاق العملية العسكرية الواسعة على قطاع غزة.

هل يتناقض هذا الكلام مع إعلان المؤتمر الدولي (الأمريكي – الإسرائيلي) أن عام 2008 هو عام إطلاق العملية السلمية. لا. لا يتناقض، فالهدف الأمريكي – الإسرائيلي الأساسي ليس حل القضية الفلسطينية، بل تطويع الفلسطينيين واستئصال كل شكل من اشكال المقاومة الفعلية، بتغطية رسمية فلسطينية وعربية. والهدف الآخر والمعروف للجميع هو تعزيز الحلف الأمريكي – العربي (الرسمي) ضد إيران وتبديد الإنجازات التي حققتها المقاومات العربية في العراق ولبنان وفلسطين وسوريا.

ما يمكن أن يحصل بعد المؤتمر الأمريكي- في أنابوليس، هو أشد هولاً مما كان قبله، بل أشدّ هولاً مما حصل بعد فشل قمة كامب ديفيد عام 2000. بعد أوسلو انقسم الشعب الفلسطيني وتواصل الإستيطان وانكشفت حقيقة النوايا الإسرائيلية لمن لم تكن مكشوفة له. ولكن الإنقسام ظلّ في حدود النقاش السياسي. وبعد كامب ديفيد، قلب الشعب الفلسطيني موحدا الطاولة على رأس المحتل الإسرائيلي وأشعل نار الإنتفاضة تحت أقدامه، وبيّن زيف أوسلو وحطم الأوهام التي تم تصديرها الى العالم، وكأن القضية الفلسطينية حلت ولم يبق سوى أمور ثانوية لتسويتها، مع أنه دفع خلال هذه الإنتفاضة ثمناً باهظاً بسبب وحشية المحتل وجزئياً بسبب سوء إدارة الإنتفاضة وغياب الإستراتيجية الموحدة. ولكنه حطم حالة التطبيع مع الإحتلال.

أما بعد أنابوليس، فتزداد التقديرات المتشائمة تشاؤماً بخصوص مصير الوضع الفلسطيني الداخلي. ليس مطروحاً بالضرورة إنتفاضة وطنية تجمع كل الشعب الفلسطيني ضد المحتل، مع أن ذلك ليس مستبعدا، كما يفترض أن يكون بعد مؤتمر جاء ليكرس حالة اليأس والإحباط وفقدان الأمل من إمكانية صدور مبادرة دولية حقيقية تفرض على اسرائيل تطبيق القوانين الدولية وإنهاء الإحتلال، بل إن الخوف كبير جداً مما ستؤول اليه حالة الإنقسام المحزنة الراهنة الى مرحلة أكثر خطورة وأشدّ دماراً للمشروع الوطني، وقد التزم فريق أبو مازن بتطبيق خارطة الطريق، التي تشترط مقاومة الإرهاب حتى يلتزم المحتل الإسرائيلي بتنفيذ التزاماته الأولية مثل تجميد الإستيطان وإزالة بعض الحواجز.

الإلتزام بخريطة الطريق كمرجعية هي وصفة للإنتقال بالوضع الراهن الذي أصلاً يتسم بالتشظي الى مواجهات داخلية جديدة أو إلى انتظار اسرائيل لتقوم بالمهمة التي عجز عنها فريق ابو مازن، ألا وهي إسقاط سلطة حماس عبر اجتياح واسع لقطاع أو عمليات اسرائيلية إجرامية متواصلة كما يحصل يومياً. كل ذلك من أجل مواصلة الحوار العبثي على عموميات لفترة زمنية لا نعرف متى تنتهي ولا نعرف كم من الضحايا الفلسطينية والعربية سيكلفنا ذلك على مذبح العملية السلمية.

الصورة المتوقعة: هو أن يواصل المفاوض الفلسطيني والمفاوض الإسرائيلي "الحوار" أو عصف الدماغ كما يحلو لأحد أعضاء فريق اوسلو وصف الصراع، نبيل عمرو، فيما تقوم اسرائيل بتمهيد الأرض في غزة، وتقوم شرطة ابو مازن في قمع وملاحقة المحتجين على أنابولس في مدن الضفة (الخليل ورام الله مثلاً) وتواصل الإدارة الأمريكية التحضير لعدوانها المرتقب على إيران.

هل هذه الأوراق تخص المفاوض الفلسطيني، أم المفاوض الإسرائيلي؟؟ لن يلقى الإسرائيلي وهو يحاور فريق أبو مازن من يردعه عن عدوانه لا من هذا الفريق ولا من العالم.. طالما هناك موافقة على "عصف الدماغ"... أو بالأحرى على ذبح المقاوم الفلسطيني، من فتح والجبهة الشعبية وحماس وغيرها من الفصائل ، والمشروع الوطني الفلسطيني. وطالما أن المفاوض الفلسطيني قبل أن يفاوض عارياً تماماً، فالإستراتيجية الوحيدة بالنسبة له؛ المفاوضات والمزيد من المفاوضات. دون الإستعداد لبذل أي جهد لتطوير اي شكل من المقاومة حتى، مقاومة شعبية غير مسلحة شبيه بنموذج بلعين ضد الجدار العنصري.

التعليقات