31/10/2010 - 11:02

قلقيلية مسؤولية خارطة الطريق../ مصطفى إبراهيم*

قلقيلية مسؤولية خارطة الطريق../ مصطفى إبراهيم*
مع الانقسام تختلط المفاهيم بين الفلسطينيين، ويتمرس كل طرف خلف رؤيته ومشروعه وينطلق في رؤيته لمفهوم المقاومة وحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال بجميع أشكال النضال المختلفة من خلال مشروعه، وتحت عنوان الحفاظ على المصلحة العليا للفلسطينيين، وينطلق كل طرف في فهمه للمقاومة بالطريقة التي تخدم مشروعه السياسي على حساب الوطن والقضية.

ما يدور هذه الأيام من اشتباك خطير في الرؤى بين الفلسطينيين، تخطى الأمر قضية البحث في موضوع المقاومة من خلال التحريض الإعلامي والشعبي على المقاومة، وبدلاً من فتح نقاش وحوار جدي بين الفلسطينيين حول أدوات المقاومة وأشكالها المتنوعة والأهداف التي يجب أن تحققها، يتم الزج بالمقاومة في أتون الخلاف السياسي وتوظيف ذلك من أجل الترويج لمشروع مطلوب منه أن يكون أمنياً بحتاً.

وأصبح الشعار الذي تربى عليه جميع الفلسطينيين لتحرير فلسطين "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، شعاراً أجوف وموضوع تندر واستهزاء من قسم كبير من الفلسطينيين.

التحريض المستمر على المقاومة يزداد بصورة تثير الاشمئزاز والشكوك في نوايا أصحاب مشروع "خارطة الطريق"، والاستمرار في الالتزام الحرفي في تطبيق التزامات خارطة الطريق، من دون التقدم خطوة واحدة فيه على أمل أن تعترف الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتانياهو "بحل الدولتين"، وهم يدركون أن الاعتراف هو مجرد شعار كاذب لن ولم تلتزم به إسرائيل التي لم تنفذ أيا من التزاماتها المتعلقة بخارطة الطريق التي على أساسها ينتظر أصحاب خارطة الطريق نتانياهو الاعتراف بحل الدولتين.

الهجمة المستمرة على المقاومة في الضفة الغربية والتي تنطلق من الشعار الذي رفعته السلطة في الضفة الغربية أن "لا سلاح عير السلاح الشرعي"، وهو الشعار ذاته الذي ينطلق منه المنسق الأمني الأمريكي كيت دايتون الذي يشرف على تدريب وإعادة تأهيل قوى الأمن الفلسطيني "السلام عبر الأمن". وفي تعليق أحد الأصدقاء على ما جرى في قلقيلية في أول مواجهة بين قوات الأمن ومطاردي كتائب القسام، إذا كانت هذه هي القوات التي يتم إعادة تأهيلها وتدريبها وتزويدها بأحدث العتاد في أول مواجهة يقتل فيها ثلاثة منهم، فكيف لو لم يتلقوا كل هذا التدريب والإعداد؟

إن ما جرى في مدينة قلقيلية وقبل عام في مخيم عين بيت الما وغيرها من المدن والقرى في الضفة الغربية يسير في ذات الاتجاه وهو التقيد الحرفي والالتزام بنصوص خارطة الطريق، وما الاعتقالات السياسية المستمرة في الضفة الغربية ما هي إلا المدخل الرئيس لما حدث من مقتل تسعة فلسطينيين، وما سوف يحدث من ملاحقة واعتقال المقاومين الفلسطينيين الذي عجز جيش الاحتلال أن يلقي القبض عليهم منذ سنوات.

دائرة الصراع تتسع و الهوة تزداد ويتم الزج بالكل الفلسطيني في الصراع والتحريض على المقاومة وقصورها وعدم جديتها في تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني، وأنها أصبحت عبئا ثقيلا على الفلسطينيين، وهي سبب في المصائب التي حلت بهم من قتل وتدمير وتشريد.

ما يؤسف وما يزيد الأمور تعقيداً في التحريض على المقاومة واستهدافها، أن الأمور أصبحت أكثر وضوحاً، فالأمر لم يقتصر على السلطة وحكومتها فحسب، فحركة فتح اصطفت خلف السلطة في التحريض على المقاومة واتهام حركة حماس أنها تخطط للانقلاب ولاستيلاء على السلطة في الضفة الغربية، وتبرير حملات الاعتقالات المستمرة بأنها على خلفية جنائية ومالية والخروج على السلطة، وهي تعلم أن ذلك لم يتم في ظل وجود قوات الاحتلال وإحكامها السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، فبالإضافة إلى الالتزام بتنفيذ خارطة الطريق تسيطر عقيلة الثأر والانتقام في صفوف حركة "فتح" من "حماس" على ما قامت به في قطاع غزة.

ما جرى في قلقيلية هو تنفيذ حرفي لنصوص خارطة الطريق وملاحقة "الخارجين على القانون"، بناء على التنسيق الأمني المستمر، وهو ثمرة اعترافات عدد من المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب الشديد من أجل نزع اعترافات منهم عن أماكن تواجد المقاومين ومن يزودهم بالمال والسلاح.

هل نسيت حركة فتح شهداءها وشهداء الشعب الفلسطيني؟ وتزج بنفسها من جديد في الدفاع عن مشروع فاشل لن يقدم للفلسطينيين سوى تعميق الانقسام والشرذمة والقتل، وفي ظل تعنت وتصلب الإسرائيليين حتى في موقفهم من شعار "حل الدولتين" الفارغ المضمون والذي يتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وهل أسمى أمانينا أصبحت حل الدولتين؟

السلطة تكرر تجربتها السابقة وهي ماضية في تنفيذ التزاماتها الأمنية المتعلقة بخارطة الطريق وهي مستمرة في خيارها الوحيد المفاوضات وانتظار ما سيفرضه نتانياهو من إملاءات وشروط جديدة لقبوله بشعار حل الدولتين الذي يأتي عبر شعار "السلام عبر الأمن"، والاستمرار في الاستيطان والتنكر لحقوق الفلسطينيين وستظل مسؤولية ما وقع في قلقيلية وما سيقع في مناطق ومدن أخرى هي الالتزام بتنفيذ خارطة الطريق.

التعليقات