31/10/2010 - 11:02

لا بد من انعقاد المؤتمر الوطني الشعبي للقدس../ يونس العموري

لا بد من انعقاد المؤتمر الوطني الشعبي للقدس../ يونس العموري
من الواضح أن ثمة لعبة من الممكن تسميتها بالتذاكي تدور رحاها من قبل الحكومة الإسرائيلية هذه الأيام، حيث إطلاق بالونات الإختبار تارة، ومحاولة تكريس الأمر الواقع تارة أخرى فيما يتعلق بالوقائع العملية على الأرض بقضية القدس، حيث تكثيف الإستيطان والمضي قدما بكل جزئيات مسلسل التهويد والأسرلة للقدس وطمس معالمها العربية الوجودية.

وفي هذا السياق فقد عادت أسماء المستوطنات لتطفو على السطح وفي بازار التداول الإعلامي (عطروت، هار حوما، جبل أبو غنيم، معاليه أدوميم، باب المغاربة)، كل هذا يجري تحت بصر وسمع العالم ورعاة ما يسمى بالعملية السلمية التفاوضية، بل إن التوسع والبناء الإستيطاني قد جاء وبهذا الزخم في توقيت دقيق وحساس ومدروس من قبل الجانب الإسرائيلي، اي انه قد جاء بعد أسابيع من مؤتمر أنابوليس وقبل أيام من إطلاق مفاوضات الحل الدائم بين إسرائيل ورئاسة السلطة الفلسطينية.

وهنا فمن الواضح أيضا أن الحكومة الإسرائيلية تحاول فرض حقائق على الأرض تتصل بفرض رؤيتها لماهية السلام الذي تريد ولماهية المفاهيم التسووية. ولابد هنا من التذكير بأن إسرائيل تفاوض وتلعب لعبة التفاوض على أساس التفاوض ذاته، دون أن تملك رغبة حقيقة بصناعة هذه التسوية، وهي تعلم تماما أثمان عملية التسوية إن أرادت بالفعل انجاز التسوية السياسية، إلا أن الوقائع الإسرائيلية الداخلية المتصلة إلى حد كبير بالوقائع الإقليمية، وبالتالي الدولية، تجبرها أن تعبر مسار التسوية ليس أكثر بمعنى أن إسرائيل تجد نفسها مجبرة للجلوس إلى طاولة صناعة التسوية دون الإسهام بشكل فعلي وعملي بصناعة هكذا تسوية... الأمر الذي يتضح على أرض الواقع بالظرف الراهن..

وللتذكير فقط فعشية أنابوليس، تعهد إيهود أولمرت، في إطار رزمة بوادر حسن النية التي قدمها للفلسطينيين، بوقف البناء الاستيطاني وبإزالة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية. الموقف الإسرائيلي الراهن من الإعلانات المتوالية الأخيرة عن مخططات لبناء وحدات سكنية في الأماكن المذكورة أعلاه (إضافة إلى بناء الجسر في باب المغاربة) يرتكز إلى مبرر رئيسي: عدم انطباق تعهد أولمرت على المخططات إياها لأنها تتعلق، أولاً، بأماكن «سيادية» إسرائيلية (باب المغاربة وجبل أبو غنيم الواقعين ضمن الحدود البلدية لمدينة القدس المحتلة). وثانياً، لأنها تتعلق بتوسيع مستوطنات قائمة (معاليه أدوميم) لا بناء مستوطنات جديدة في ضوء التشديد على أن تعهد أولمرت قبيل أنابوليس يتصل بالأخير لا الأول.

كل هذا يجري دون أن نجد ما يمكنننا أن نسميه وقفة عربية دولية حقيقة لهذه الخروقات الإسرائيلية لأبجديات وأخلاقيات عملية التفاوض ذاتها، فالكل الدولي يعي تماما أن القدس مطروحة على طاولة التفاوض وأنها ربما أيضا تشكل اعقد واخطر قضية فيما يتصل بالصراع العربي الإسرائيلي، ولا نجد بالشكل العملي والملموس ضغطا على صُناع القرار الإسرائيلي لوقف تلك الخروقات وتكثيف الفعل الإستيطاني المتناقض وكما أسلفنا ومسار عملية التسوية...

من هنا اعتقد أن الجانب الفلسطيني وعلى مختلف مستوياته الرسمية والشعبية لا بد من أن يحدد وبالشكل الفعلي أيضا ثوابت المرحلة وحقائقها المتصلة والمرتبطة بالحقوق التاريخية والثابتة للشعب الفلسطيني في القدس غير القابلة للتفسير أو التأويل وذلك على شكل وقف كل أشكال التفاوض والتعاطي ومسار التسوية طالما أن الجانب الإسرائيلي يلجأ إلى ممارسة الإستيطان والتهويد في القدس.

وبذات الوقت فمن الضروري جدا أن يلجأ الجانب الفلسطيني إلى التأكيد على عروبة وفلسطينية القدس بالخطوات العملية الفعلية جهارا نهارا على أساس أن القدس جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك عبر خطوات عملية فعلية لمواجهة ومجابهة المخطط الإسرائيلي بالضم والتوسع والتهويد للقدس، وذلك عبر العديد من الخطوات المتصلة بالجهد الرسمي المستند للقوة الشعبية الجماهيرية التي لا بد لها من تتلاقى في إطار ثوابت القدس من خلال الإطار الشعبي الوطني للقدس وهو ما يمكن تجسيده بالمؤتمر الوطني الشعبي للقدس العتيد، والذي لابد من أن ينعقد تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكافة أماكن تواجده..

واعتقد أن عقد هذا المؤتمر يمثل الرد الفعلي والعملي على كافة المخططات الإسرائيلية حيث لا بد لهذا المؤتمر من أن يطلق المؤشرات البرامجية للقدس استنادا إلى حاجات واحتياجات القدس ومتطلبات فعل الصمود لجماهير القدس بالشكل الملموس والعملي وعلى مختلف المستويات الإقتصادية والإجتماعية وتلك الأمنية بهدف تعزيز التواجد العربي الفلسطيني في القدس وجعله تواجدا مؤثرا في أتون الصراع على القدس وفي القدس.... وهو الأمر الذي لا يمكن أن يستوي دون أن تحديد مرجعية القدس الوطنية الشعبية التي من المفروض أن تأتي من عمق الإرادة الجماهيرية والشعبية القادرة بذات الوقت على استيعاب الكل الوطني المقدسي بكافة الشرائح وأطياف اللون السياسي العامل في القدس، وهو الأمر الذي يفرض شكلا من أشكال الإئتلاف الوطني الجبهوي المتوافق على البرامج والثوابت ومفاهيم القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، وهو ما يفرض توافقا جماهيريا وطنيا شعبيا على وثيقة ميثاق وعهد القدس التي تجمع في طياتها الخطوط الحمراء للقدس، والتي لا يمكن لكائن من كان أن يقفز عنها، بل إن هذه الوثيقة المستقاة من تراث الأمة وتاريخ القدس والمتصلة بحقيقة الواقع وتطلعات المستقبل والرؤية القومية العروبية للقدس ستعتبر، وحينما يكون الإلتفاف عليها وعلى قسمها، العقد التعاقدي ما بين القدس وجماهيرها، وما بين القدس وقيادتها، وما بين القدس والقيادة الرسمية الفلسطينية، لكون هذه الوثيقة ستشكل الصوت الحر لجماهير القدس المنبثق من أروقة المؤتمر الوطني الشعبي للقدس والذي بالضرورة أن يكون تمثيله وطنيا بامتياز....

إن عقد والتئام شمل المؤتمر الوطني الشعبي للقدس سيحدد أدوار ومسؤوليات الكل الوطني والجماهيري في القدس حيث أن معركة القدس معركة تتطلب حشد الطاقات في بوتقة واحدة مؤثرة تتركز في إطار وحدوي جامع قادرة على استيعاب احتياجات القدس ومتطلبات التحديات التي تفرضها قوانين الصراع عليها، ولعل أولى الأولويات تتجسد بتعزيز أسباب الصمود وعلى مختلف الأشكال والسؤال الأكبر دائما كيف من الممكن توفير أسباب الصمود على الأرض ودعم مشاريع القدس واحتياجات القدس في ظل تسارع وتيرة المشاريع الإسرائيلية الهادفة لفرض الحقائق الإسرائيلية على الأرض وبالتالي خلق قدس وفقا للمعايير والمقاييس الإسرائيلية مما يعني ضرورة التصدي لهكذا مخططات اعتقد أن الكثير منها قد تم انجازه....

وحتى نتمكن من الإجابة على هذا السؤال فلابد من إشراك الكل المقدسي الرسمي والشعبي في إطار المؤتمر الوطني العتيد لوضع التصورات والمخططات التي من شأنها أن تباشر بالخطوات العملية والفعلية.... كما أن هذا المؤتمر سيوفر الحاضن لكل المبادرات العربية والإسلامية التي من شأنها الإسهام في معركة القدس.

التعليقات