31/10/2010 - 11:02

لا بديل عن تطوير المقاومة الشعبية../ عوض عبد الفتاح

لا بديل عن تطوير المقاومة الشعبية../ عوض عبد الفتاح
لا يجوز النظر إلى قرار المحكمة العليا الإسرائيلية لمجموعة يهودية فاشية بدخول أم الفحم، قبل أيام قليلة من الذكرى الثالثة والثلاثين ليوم الأرض، ولا إلى تصريحات الفاشي ليبرمان، كسلوك معزول عن بنية الدولة العبرية وجهازها الرسمي السياسي والأمني.

إن الدولة العبرية وشرطتها التي حمت الفاشي باروخ مارزل، أثناء دخوله إلى مشارف مدينة أم الفحم، ليست إطاراً حياديًا. ولا يجوز أن يتصرف بعضنا على هذا النحو، فنحوّل السجال والصراع السياسي والأيدلوجي مع الصهيونية وكيانها الرسمي إلى إطار - معادلة: المواطنون العرب مقابل الفاشيين الصغار.

كان التصدي لمحاولة دخول مارزل إلى أم الفحم ضروريا وواجبا، لأنه تصد ومواجهة وطنية وأيدلوجية مع المؤسسة الإسرائيلية، وكان هذا واضحًا، والدليل أن المواجهة الرئيسية كانت مع إحدى أذرع الدولة، الشرطة، وليس مع المجموعة الفاشية التي لم تستطع الصمود في مداخل المدينة لأكثر من دقائق معدودة.

إذن الرسالة كانت ويجب أن تبقى موجهة إلى الرأس وليس إلى الذنب. الدولة وجهازها الرسمي ليسا منزعجين من التوجهات العنصرية لهذه المجموعة، بل من سفورها وفظاظتها لما لذلك من إحراج لها على المستوى الدولي. ويجب في هذا الإطار، القول أن حكومة يمينية من نتانياهو وليبرمان وباراك (حزب العمل) هي أخطر وأسوأ للعرب من حكومة تتألف فقط من نتنياهو وليبرمان وحزبيهما. هذه التشكيلة ستكون أكثر انغلاقًا ووحشية تجاه الفلسطينيين لأنها تحظى بغطاء "يساري" صهيوني.

لقد أصبحت العنصرية السافرة منذ هبة القدس والأقصى جزءً من الخطاب الرسمي، وحملة التشكيك بشرعية الوجود العربي، السياسي والفعلي، أصبحت ممأسسة في وثائق وتصريحات ومؤتمرات رسمية وشبه رسمية. إنها جزء من سياسة إعادة التأكيد على يهودية الدولة والحفاظ على طابعها العنصري، أي الإحتفاظ بكل ما نُهب من أهل البلاد الأصليين، وتحويله إلى قوة مادية لمحاربتنا وإضعافنا والتمهيد لفرض الإستسلام علينا بحيث نقبل إما تقديم الولاء لدولة إسرائيل والتنازل عن حقوقنا القومية وارتباطنا بقضية شعبنا وأمتنا، أو الترانسفير السياسي والفعلي.

إنّ التصدي الشعبي البطولي لقوات الشرطة التي جاءت لتحمي الفاشي في مدينة أم الفحم، وإحباط دخوله إلى المدينة هو نوع من النضال الشعبي الذي تمرست به جماهيرنا العربية الفلسطينية منذ عشرات السنين. لكن هذا النضال لم يحظـَ حتى الآن بدراسة معمقة من قبل مؤسسات المجتمع العربي في الداخل، ولا من الأحزاب السياسية، ونحن نحتاج إلى تطوير نظرية النضال الشعبي بما يخصّ واقعنا كما فعلت نخب قيادية لشعوب أخرى. إن المراجعات النظرية ضرورية من أجل تطوير هذا النضال؛ نتفحص من خلال هذه المراجعات القصورات التي اعترت المسيرة النضالية الشعبية، ونعظـّم نقاط القوة ونضع الآليات الأكثر تأثيرًا.

من ضمن الجوانب التي يجب مراجعتها نقديًا هو اقتصار موجات المقاومة الشعبية العارمة على ردّ الفعل، وردًا على خطوات معادية تصدر عن دولة إسرائيل، إما في الضفة والقطاع أو داخل الخط الأخضر. أما ظاهرة اللجان الشعبية التي تنشأ هنا وهناك وهي ظاهرة صحية، فهي نادرًا ما تنجح في تجنيد أعداد كبيرة من الناس لمقاومة مخطط سلطوي خطير في هذه القرية أو المدينة.

ليست هذه المرة الأولى التي تطرح فيها ضرورة تطوير مفاهيم وآليات النضال الشعبي ضد مخططات السلطة.

كانت هناك معارك شعبية ناجحة. فقد أعيدت أراض، ومنع هدم بيوت، وانتـُزعت مطالب مدنية، وتحققت تراكمات على هذا الصعيد، خاصة على صعيد ثقافة النضال وهوية النضال، ولكن تغيب عن ساحتنا المبادرة الوطنية الشاملة المنظمة لإعادة تنظيم مشروعنا المقاوم – اللاعنفي.

لو كان لدينا قيادة قومية منتخبة ومنظمة، كان يجدر، عشية ذكرى يوم الأرض وفي ضوء تصاعد العنصرية، وهدم البيوت وسياسة الحصار غير المتوقعة، أن نعكف على المراجعة وتقديم تصور لهذا التوجه. وبغياب هذا الجسم القيادي الوطني الحقيقي لا بد من أن تأخذ القوى الوطنية والقومية زمام المبادرة!

التعليقات