31/10/2010 - 11:02

لا تنتظروا توضيحات أمريكا.. الشعب الفلسطيني بانتظاركم!./ نزار السهلي*

لا تنتظروا توضيحات أمريكا.. الشعب الفلسطيني بانتظاركم!./ نزار السهلي*
برغم التصريحات الصادرة من فريق السلطة الفلسطينية، المشككة بدعوة نتنياهو السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات المباشرة، واعتراف الجانب الفلسطيني بفشل المفاوضات غير المباشرة، والمنتظر للتوضيحات الأمريكية المتعلقة برؤية نتنياهو للدخول في المفاوضات المباشرة ، تبدو في الأفق ملامح ثابتة في الأجندة الإسرائيلية المفروضة على الطرف الفلسطيني، وتراجع واضح في المسعى الأمريكي للضغط على إسرائيل في وقف الأنشطة الاستيطانية فوق الأراضي الفلسطينية، ليتحول الطرف الفلسطيني إلى متلق للمزيد من الصفعات واللكمات ومعه الطرف العربي الراعي للمفاوضات غير المباشرة في ظل حالة من انعدام التوازن والخيبة المرافقة لكل تعويل على الموقفين الأمريكي والإسرائيلي.

الإشادة الأمريكية بالرئيس عباس "لالتزامه بالسلام"، ورمي الكرة في الملعب الفلسطيني والعربي، بعد لقاء أوباما – نتنياهو، يهدف إلى تحرير الموقف الإسرائيلي من تبعات الضغوط الدولية بعد مجزرة أسطول الحرية.

ويبدو الموقف الفلسطيني الذي استحضر تغطية عربية لمفاوضات غير مباشرة من لجنة المبادرة العربية، أنه يتجه إلى تكرار ذات الموقف في منح الاحتلال مزيدا من الوقت. ومع وضوح الموقف الإسرائيلي المتعلق باستمرار الاستيطان والعدوان على الشعب الفلسطيني، يكون الإرباك والفشل والخيبة، قد اعتلى هرم السياسة الفلسطينية والعربية، التي تجد في الأجندة الأمريكية والإسرائيلية سبيلها الوحيد للمضي قدما نحو قدرها الفاشل في صون وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.

ومع انهيار الموقف الفلسطيني، انقساما والعربي تشرذما، في رؤيته للصراع العربي الإسرائيلي، تكون عجلة العدوان متقدمة في وتيرة أعلى، في مرحلة المفاوضات المباشرة وغير المباشرة باعتراف كل الأطراف "المؤمنة" بنهج التسوية. فقضية الثوابت الفلسطينية، المتعلقة بالقدس واللاجئين والحدود والأمن والاستيطان (في عهد السلام والمفاوضات اندفع الاحتلال لتكريس وقائع جديدة)، لا يمكن حسمها في جلسات الحوار المغلقة والمفتوحة.

فإسرائيل ومنذ مدريد، تمكنت من شطب كل مفاصل القوة الفلسطينية والعربية من خلال تمسكها بسياسة منظمة وصارمة لترسيخ الحقائق على الأرض، ومن خلال خلق سلطة فلسطينية وهمية وظيفتها الأساسية، التغطية على استمرار الاحتلال من خلال مجموعة من الوظائف حددت لها ببنود وتلابيب الاتفاقات الأمنية في الجوهر وفي الشكل حالة سياسية هلامية تسعى لتحقيق مهماتها المتبعثرة والمنحلة. فمن خلال متابعة إستراتيجية التفاوض "المؤمن" بها فريق السلطة الفلسطيني يلاحظ الانضباط الإسرائيلي في تكريس وقائع الاستيطان والتهويد للأرض الفلسطينية وسياسة العدوان والقتل والطرد والإبعاد وسن القوانين العنصرية والحصار ضد الشعب الفلسطيني، وكلها تظهر براعة وحزم الجانب الإسرائيلي في التحكم في كل مفصل وفرع بحيث لا يترك مجالا للضحية لالتقاط الأنفاس.

طريقة أداء ومسلك فريق السلطة الفلسطينية تثير الفزع، فبينما ينتظر الجانب الفلسطيني توضيحات أمريكية بشأن المفاوضات، أي انه ينتظر الأوامر برغم اعترافه بفشل سياسة إعطاء الوقت للجانب الإسرائيلي الذي نجح في إكمال قبضته على الأرض الفلسطينية، وفشل السلطة في إدارة المعركة بإدارة الظهر للشارع الفلسطيني، وتغييب الرأي العام من خلال القبضة الأمنية للسلطة على المجتمع الفلسطيني، لتحصل على شهادة حسن سلوك من الجانب الإسرائيلي والأمريكي، غير مكترثة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني. وسياسة إبعاد محددات ونواظم الصراع مع المحتل لن تجدي نفعا، وسياسة القفز عنها أو تجاهلها أو تغييبها ستقود إلى مزيد من الفشل والإخفاق الحتمي وإلى خسائر إضافية على الشعب الفلسطيني والعربي.

وإذا كان الطرف، الفلسطيني والعربي، يعبر في كل مناسبة عن تشاؤمه من حقيقة الموقف الإسرائيلي المراوغ فإن الحقائق تشير إلى أن سيل اللعاب الفلسطيني والعربي اللاهث خلف الموقف الأمريكي، لن ينقطع رغم وضوح الإستراتيجية الأمريكية من عملية "السلام" والعودة الأمريكية لثوابت الرؤية الإسرائيلية صفعة لن يصحو الجسد العربي منها، بعد أن تخلى عن ثوابت الصراع العربي الإسرائيلي المتمثلة بمقاومة الاحتلال كحق مشروع بكل الوسائل لاستعادة الأرض والحقوق الثابتة.

من نافل القول، إن ما جرى رغم ثقله وتعقيدات الوضع وصعوبتها لا يشكل نهاية المطاف للقضية الوطنية الفلسطينية ولنضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه في استعادة أرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية وعودة لاجئيه الذين يشكلون عماد القضية الفلسطينية وجوهرها، فدون عودة اللاجئين لن يكون هناك سلام ولا أمن في المنطقة والعالم.

ومن يراهن على خلق واقع استسلامي انهزامي وتقديم بدائل عاجزة ومنتقصة من الحق الفلسطيني عليه أن يتنحى جانبا، فإذا كان الشعب الفلسطيني ومازال هو شعب الجبارين وشعب عظيم، فانه قادر على تقديم بدائل الواقع وكنس ونفض العجز المفروض عليه. الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق التاريخي في أرضه ومقدساته والعودة لخياراته الوطنية هي أقصر الطرق المؤدية لفلسطين وتعبيد الطرق المؤدية لها في وحدته الوطنية القائمة على أسس عودة اللاجئين والقدس والتمسك بثوابت الصراع باعتبار القضية الفلسطينية قضية عربية قومية في بعديها العربي والإسلامي.

التعليقات