31/10/2010 - 11:02

لا للعنصرية../ نعم للعنصريين../ حنين زعبي

لا للعنصرية../ نعم للعنصريين../ حنين زعبي
الجملة الفعلية في اللغة تتألف من فعل وفاعل. هذه ليست فقط تركيبة لغوية لجملة كاملة، بل هي أيضا تركيبة سياسية لموقف كامل. الموقف السياسي يحتاج هو أيضا لفعل وفاعل. فإذا كانت العنصرية هي الفعل، فإنها تحتاج للفاعل، للعنصري الذي يرتكب هذه العنصرية.

في ديربان الأول قال المؤتمرون، وهم حوالي ثلاثة آلاف هيئة مجتمع مدني: "كفى للعنصرية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني"، الفعل واضح، والفاعل واضح والمفعول به واضح.

في ديربين الثاني ركز المنظمون الجهود على التغطية على بعض العنصريين، حتى في خضم حديثهم عن العنصرية، وتم الحديث عن «المجموعات التى تعتمد على أيديولوجيات النازية الجديدة، والفاشية الجديدة، والأيديولوجيات القومية العنيفة الأخرى»، وتم إعفاء الصهيونية التي تقع على رأس قائمة «القوميات» العنيفة. بالتالي، تجنب المؤتمرون الجهد الأكثر مركزية في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري ألا وهو تحديد العنصري وعقابه. الجريمة تحتاج لعقاب، والذي يعاقب عادة هو ليس الجريمة إنما مرتكبها.

في خضم الإعلان النهائي وفي مكان آخر تم التطرق إلى الاحتلال، «ضرورة معالجة، بمزيد من العزم والإرادة السياسية، كافة مظاهر التمييز والتفرقة العنصرية والمعاداة للأجانب في كل مناحي الحياة وفي كل أنحاء العالم، بما في ذلك من يرزحون تحت الاحتلال»؛ أيضا دون ذكر الفاعل المحدد، حيث الاحتلال الإسرائيلي هو الاحتلال الوحيد الذي بقي قائما في العالم.

محاولة التأثير على موازين القوى داخل المؤتمر لتحديد مكانة القضية الفلسطينية استمرت حتى اللحظات الأخيرة من التحضيرات للمؤتمر، حيث أبدى ليس أقل من الوفد الفلسطيني الرسمي نفسه، استعداده لتغيير مكانة القضية الفلسطينية من مكانة أولى ومركزية خلال مؤتمر ديربان الأول وبيانه النهائي، إلى مكانة «غير موجودة»، أو إلى «لا مكانة» في مؤتمر ديربان الثاني. وقد شكر المنظمون –باستغراب أظن- الوفد الفلسطيني على هذه «الليونة» التي أبداها، أي على موافقته لسحب كل إشارة تتعلق بالقضية الفلسطينية، وأي أكثر، على موافقته بسحب القضية الفلسطينية من أجندة المؤتمر، وبالتحديد أكثر من «عرش» المؤتمر.

وأكتفى الوفد بالإشارة إلى التمسك بإعلان ديربان الأول/ من خلال الفقرة الأولى من البيان النهائي المعتمد، الذي أشار إلى «إعادة تأكيد التمسك بإعلان دوربان وبرنامج العمل، مثلما تم اعتمادهما في المؤتمر الدولي لمناهضة العنصرية والتفرقة العنصرية والمعاداة للأجانب وعدم التسامح المرتبط بذلك لعام 2001».

الموقف الفلسطيني الرسمي من قضيته، أعاد تعريف مركزية القضية الفلسطينية من قضية تقع في لب قضايا التحرر ومحاربة العنصرية في أعين جميع المدافعين عن الحرية وحقوق الشعوب والإنسان، إلى قضية «غير ذي صلة»، واتهام الوفد الإيراني الذي اعتبر القضية الفلسطينية قضية المؤتمر الأولى، بأنه يشق المؤتمر ويبعده عن أهدافه، و»يسيء استخدامه لأغراض سياسية»، هو أحد مؤشرات وآليات ضرب مكانة القضية الفلسطينية.

والأهم من هذا كله، أن إعادة تعريف، أو بالأحرى نزع مكانة القضية الفلسطينية، مكن أيضا من إعادة النظر في اتهام إسرائيل، أي مكن من اعتبار اتهام إسرائيل قضية خلافية. مما يعني التمهيد لإعادة النظر في قرارات ديربان الأول، حتى لو تضمنتها قرارات ديربان الثاني.

التعليقات