31/10/2010 - 11:02

معاداة إيران بحجة "محاربة الشعوبية" هو خطاب مشبوه لخدمة المشروع الأمريكي../ واصل طه

معاداة إيران بحجة
تميزت علاقات ايران بالوطن العربي، إبان حكم الشاه بالتوتر، ذلك لان إيران قد أقامت علاقات ود وصداقة عميقة مع اسرائيل، إتسعت لتشمل كافة المجالات السياسية، الإقتصادية والعسكرية الأمنية. لقد شكل هذا الموقف، إضافة إلى احتلالها جزراً عربية تابعة لدولة الإمارات العربية، مفصلاً أساسياً في الخلافات العربية الإيرانية منذ عهد الشاه المنحاز الى اسرائيل، ناهيك عن خلافات إيران مع العراق حول ترسيم الحدود والتي انتهت بعد توقيع إتفاقية الجزائر عام 1975.

اما الترويج اليوم للخطر الإيراني من قبل العديد من الأنظمة العربية، وكأن ايران تسعى لتطبيق برنامجها ومشروعها الهادف الى السيطرة على الخليج والوطن العربي فيندرج، وبالذات بعد سقوط نظام الشاه وإقامة الجمهورية الإسلامية، ضمن المشروع الأمريكي الإسرائيلي لحصار إيران المعروفة دوافعه وأهدافه. لا شك أن انجرار العرب وراء ذلك سوف يساهم في بسط الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على المنطقة وإظهارهم كحماة للعرب من الخطر الفارسي الايراني الموهوم وكأنهم يضمرون شراً للعرب منذ القادسية وسعد بن أبي وقاص !!!.

وهنا لا بد أن نسأل لماذا هذه الحملة المعادية لايران اليوم بالذات؟؟، لماذا لم تطرح اسرائيل وامريكا وبعض الأنظمة العربية مقولة الخطر الايراني "الفارسي" "الصفوي" إبان حكم الشاه الذي لم يخف أطماعه في الخليج، وهو الذي أمر بأحتلال الجزر العربية فيه؟؟، لماذا لم تقم هذه الأنظمة وأصدقاؤها بالضغط على شاه ايران لإخلاء هذه الجزر وإعادتها الى دولة الإمارات العربية؟؟ ولماذا لم يعلنوا الحرب عليه ولم يهاجموه، ألم يمثل الشاه المشروع الصفوي الفارسي الايراني في تلك المرحلة !؟!.

من حق العرب الدفاع عن مصالحهم وأوطانهم، ومن حقهم أيضاً الحفاظ على أمنهم القومي، من خلال مشروع للأمن القومي العربي يحدد فيه أولويات الأمن العربي والدور الجماعي العربي لدرء المخاطر عن الوطن العربي كله!، ولكن من حقنا أن نسأل هؤلاء المروجين والمحرضين ضد ايران اليوم: هل لديكم حقاً مشروع للأمن القومي العربي؟، فإذا كان لدى الدول العربية مشروع كهذا فهو أمر حسن (وإن كنا نشك في ذلك)- إذن لماذا تريدونه تصادمياً مع ايران في حين أنه من الممكن ان يكون مبنياً ومنسقاً بصورة جدية للحفاظ على أمن المنطقة برمتها، وذلك بالحفاظ على الأمنيين القوميين العربي والايراني ومصالح الطرفين – بدليل أن التنسيق الجاري أمنياً بين القيادة السورية والتركية للحفاظ على مصالح البلدين قد أعطى نتائج ميدانية صبت في مصلحة الدولتين وفتحت باباً للجوار الحسن والعلاقات الإقتصادية والسياسية المثمرة. وكفى بكل حاذق أن يتلمس تأثير العلاقات الطيبة والتعاون الإستراتيجي بين سوريا وايران وتداعياته على المنطقة وآثاره الايجابية على الساحة اللبنانية والفلسطينية فيما يخص المقاومة.

هنا لابد من الإشارة الى أن العلاقات بين الدول تبنى على المصالح المشتركة في كافة الإتجاهات، وليس معنى ذلك حدوث التطابق الكامل سياسياً وإقتصادياً وأمنياً، حيث من الطبيعي أن تكون هناك نقاط خلاف ولكن التنسيق والعلاقات الطيبة والحسنة وعدم تآمر دولة على الاخرى سوف يذلل كافة المصاعب والخلافات ويغلق الباب أمام من يريد توتير الأجواء وزيادة حالة العداء، فما بالكم وأن ما يجمع العرب والإيرانيين، هو أكثر بكثير مما يفرقهم. فالخليج موئل الطاقة، واطماع أمريكا والغرب فيه كبيرة، والصراع العربي الإيراني يمهد الطريق للأميركيين بالسيطرة التامة لسرقة ثروات العرب والايرانيين، كما حدث في حالة العراق. فهل يريد العرب أن يجعلوا من اوطانهم عراقاً آخر؟!!.


الولايات المتحدة واسرائيل تسعيان جاهدتين لتعميق الصراع المذهبي في الشرق الأوسط بين الشيعة والسنة، ويلاقي هذا المسعى دعماً وتشجيعاً من أطراف عربية ارتهنت للأجنبي وسخرت نفسها لهذا الغرض، وهي نفسها التي "تبشر" اليوم بالخطر الإيراني "الشعوبي" "الفارسي" "الشيعي" "الصفوي"، وهي عينها التي دعمت الولايات المتحدة لإسقاط صدام حسين الذي تصدى، وفقا لمفهومهم، للخطر "الصفوي" "الايراني". حينها مول هؤلاء جيوش الغرب وامريكا لإحتلال العراق؟؟ وتم إعدام القائد صدام حسين وهم ينظرون إليه على شاشات التلفاز، ولم يفعلوا شيئاً بل تنفسو الصعداء لخلاصهم من قائد قومي يرى بالمشروع الأميركي الإسرائيلي خطراً على الأمة، لذلك فالحديث عن الشعوبية اليوم هو بمثابة مؤامرة على العرب والعروبة.

بناء عليه، فان مجرد الحديث عن الخطر الإيراني- الفارسي - ألصفوي ما هو إلا خدمة خالصة للمشروع الأميركي الإسرائيلي، وأن عقلية تقسيم الأمة إلى تيارين واحد ممانع والآخر موال للمشروع الأميركي هو ظلمُ للتيار الممانع لأن الموالاة هي جزء ُ صغيرُ من الأمة متمثلة بمجموعة من أصحاب المصالح وقيادات فاقدة للشرعية ممثلة غالباً بالنظام الرسمي في بعض الدول العربية، في حين أن الغالبية الساحقة من الأمة هي مع تيار الممانعة ولكنها أغلبية صامتة. على هذه الأغلبية أن تنطق بحقيقة موقفها من خلال التظاهر والدعم لتيار الممانعة ومقاومة الأطماع الاستعمارية، عبر الوسائل المتاحة مثل المقاطعة الاقتصادية والشرائية على مستوى الأفراد للبضاعة الأميركية ابتداء من المشروبات والحاجيات الخفيفة وحتى الصناعات الثقيلة، فالسوق العالمي مليء بالبدائل الأكثر جودة.


تطرقت لهذا الموضوع لفتح باب النقاش الدائر اليوم داخل الهيئات والمؤسسات الوطنية والقومية، وذلك للمساهمة في تصليب المواقف الوطنية الواعية وكشف القناع عن مشاريع معادية للعرب تسعى لإيهامنا بتهديد إيراني لوطننا العربي، وهي بجوهرها خدمة رخيصة للهيمنة الأميركية، ليس فقط في الخليج، إنما ايضاً في السودان والصومال حيث لا توجد هناك مذاهب يثيرون الفتنة من خلالها. علينا أن نتذكر أن المخرج وكاتب السيناريو، العم سام، يغير في مونتاجه من موقع الى آخر، لكنه يحافظ على أهدافه من خلال نفس قواعد اللعبة، التي سوف تجعل من الوطن العربي ممالك ضعيفة تابعة للولايات المتحدة لو قيض لها، لا قدر الله، أن تتحقق.

التعليقات