31/10/2010 - 11:02

موسم ذبح غزة وتهويد وأسرلة القدس../ راسم عبيدات

موسم ذبح غزة وتهويد وأسرلة القدس../ راسم عبيدات
.... بات من الواضح والمعروف لدى كل الفلسطينيين والعرب، انه قبل أي مؤتمر تدعو له أمريكا لما يسمى حل القضية الفلسطينية، فإنه يسبق ذلك موسم للذبح العربي والإسلامي، وها هي الوقائع على الأرض تثبت ذلك، فما أن انفض مؤتمر أنابوليس، وما تبعه من زيارة بوش للمنطقة، حتى بدأ موسم الذبح العربي، معلناً عن نفسه في فلسطين، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني وتحديداً في قطاع غزة، إلى هجمة إسرائيلية عسكرية مكثفة مستمرة ومتواصلة، حصيلتها الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني شهداء وجرحى ناهيك عن عمليات الدمار الواسعة، والمترافقة مع تشديد للحصار والتجويع على الشعب الفلسطيني.

وموسم الذبح هذا يستهدف إذلال الشعب الفلسطيني وتركيعه، ودفعه للقبول والموافقة على الإملاءات والاشتراطات الأمريكية والإسرائيلية لما يسمى بالسلام، وفي الوقت الذي يصمت فيه العالم بشكل مخجل ومهين ومسيء، لكل ما يسمى بالمبادئ والقيم الإنسانية، حيث يتبجح ويفاخر قادة إسرائيل، والذين يملأون الدنيا صخباً عن السلام والتنازلات المؤلمة، وعلى رأسهم قادته الأمنيون والعسكريون من أمثال ديختر وديسكين وأشكنازي وبارك، بأنهم نجحوا في قتل أكثر من ألف فلسطيني في العام الماضي.

هذا التبجح والقتل اليومي والمستمر، يجب أن يكون حافزاً ودافعاً، لقطبي السياسة الفلسطينية ( فتح وحماس) ومعهم كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني الأخرى، إلى التوقف مليا وجدياً أمام ما يجري والارتقاء إلى مستوى الحدث والمسؤولية، ومن خلال ترجمة فورية على الأرض، بأن يكون هناك ولقاءات وحوارات فلسطينية جادة ومعمقة، تمهد لعودة اللحمة والوحدة للأرض والشعب الفلسطيني، وحدته الجغرافية والسياسية، ومن خلال حكومة وحدة وطنية، وإستراتيجية سياسية واحده، تضع المصلحة الفلسطينية العليا فوق كل الاعتبارات، بعيداً عن المزايدات والقدح والقدح المضاد..

والشهداء الذين يسقطون من أبناء شعبنا يومياً، وعلى رأسهم حسام الزهار نجل القيادي في حماس محمود الزهار، بمثابة فرصة حقيقية يجب أن تتجلى فيها معاني الأخوة والانتماء والتسامي عن كل الخلافات والجراحات في سبيل ما يجمعنا ويوحدنا، فالمشروع الوطني برمته يواجه مخاطر التبدد والضياع، والمحافظة على المبادئ والثوابت والتمسك بها والدفاع عن الحقوق والمكتسبات.

وتحقيق أهدافنا في دحر الاحتلال وإزالته، لم ولن تكون إلا من خلال وحدتنا، وإذا لم نتوحد في هذه اللحظات المصيرية والحاسمة فمتى نتوحد؟ والمطلوب الآن الآن وليس غداً أن يقف الجميع أمام مسؤولياته التاريخية، فشعبنا مل الشرذمة والانقسام، ويتوق لإعادة اللحمة والوحدة، وليبادر كل المخلصين والشرفاء فلسطينيين وعرب ومسلمين، من أجل الدفع تجاه توحد شعبنا والتفافه حول مشروعه وثوابته وحقوقه وأهدافه الوطنية، بعيداً عن الأجندات الخارجية، والوعود البراقة التي خبرناها جيداً، والتي لم تفكك حتى بؤرة استيطانية واحدة.

وموسم الذبح في غزة، يتزامن معه ذبح آخر في القدس، حيث الاحتلال صعد، وبشكل غير مسبوق من هجماته على المدينة المقدسة، بهدف تهويد أرضها وأسرلة سكانها، وإخراجها من أي تسوية محتملة، وهذا التصعيد الممنهج والمخطط، تشارك فيه المؤسسات الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية، ومن أعلى قمة الهرم السياسي في إسرائيل، فصحيفة "هارتس" الإسرائيلية في 22/11/2007 ، نشرت خبرا، حول خطة مارشال الإسرائيلية، المستهدفة إحكام السيطرة التامة على شرق المدينة، خطة رصد لها ما يقارب مائتي مليون شيكل، من أجل إقامة تجمعات تجارية وبنى تحتية وأنفاق، تحت يافطة تطوير القسم الشرقي من المدينة، الهدف المعلن. أما ما يجري ترجمته على الأرض، فيشير لطبيعة الخطة الإسرائيلية المستهدفة، طرد السكان العرب من مدينتهم، فالاحتلال يرى في العرب الفلسطينيين سواء في مناطق 1948 أو القدس قنابل ديمغرافية موقوتة، وسرطانا يجب اقتلاعه بالطرق المشروعة وغير المشروعة.

ومن هنا رأينا أن الاحتلال بعد أن أحكم تقطيع وتفتيت أوصال المدينة، وعزلها عن محيطها الفلسطيني من خلال جدار الفصل العنصري والأحزمة الاستيطانية الطوقية، شرع في خطة جديدة، تقوم على تعزيز الاستيطان وزرعه في قلب الأحياء العربية، مثل سلوان وجبل المكبر وأم طوبا وشعفاط والشيخ جراح وغيرها، وهذه الأحياء الاستيطانية بحاجة إلى الكثير من المشاريع التي تمكن من تعزيز وجود المستوطنين في هذه الأحياء، وإيجاد شبكة من الطرق الحديثة والمتطورة الموصلة بينه.

وبعد مؤتمر أنابوليس وزيارة بوش للمنطقة، انتقلت الحكومة الإسرائيلية ومستوطنوها، إلى طور وشكل آخر يحسم بشكل نهائي السيطرة على القسم الشرقي من المدينة، ويخرجها من دائرة التفاوض كلياً، ويمنع أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً وقابلة للحياة، من خلال الترجمة العملية للمشروع الإسرائيلي، وهو ما يعرف بشارع الطوق الشرقي، والذي يستهدف إقامة شوارع وأنفاق ومصادرة وتجريف أراض واسعة وهدم أكثر من 50 بيتا فلسطينيا، بهدف خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات الإسرائيلية المقامة في القدس الشرقية، وعلى أن يترافق ذلك مع القيام بأوسع حملة من أجل السيطرة على البيوت والمنازل والمؤسسات العربية المقدسية فيما يعرف بالحوض المقدس، حيث أقدمت المؤسسات الاستيطانية على الاستيلاء على أحد عشر بيتا فلسطينيا في سلوان والبلدة القديمة وخمسة دونمات من الأرض، كمقدمة لهجمة استيطانية واسعة، تستهدف سلوان بالأساس، والتي يعرفها اليهود على أساس أنها مدينة داود، وفي هذا الجانب شرع المستوطنين في إقامة 60 مسكنا آخر في المستوطنة المقامة على أراضي رأس العامود.

هذه الهجمة الإسرائيلية الواسعة على المدينة المقدسة، والتي كانت ثمرة مؤتمر أنابوليس وزيارة بوش للمنطقة، تدلل على أن الإحتلالين الأمريكي والإسرائيلي، يستغلان هذه المواسم من أجل ذبح عربي وإسلامي قادمين، والذبح الفلسطيني في غزة والقدس هو مقدمة لذبح أو مذابح أخرى في أكثر من بلد عربي وإسلامي.

فهل يصحو الفلسطينيين والعرب والمسلمين، ويتعلموا من مواسم الذبح السابقة في افغانستان والعراق، والتي لم تجلب لهم سوى الخراب والدمار، وتفتيت وتذرير الأوطان وإغراقها في الحروب الطائفية والقبلية والجهوية والعشائرية، ونهب خيراتها وثرواتها واحتجاز نموها وتطورها؟ وهل سيتعلمون أن يقولوا للأمريكان أنهم لن يسمحوا لهم بأن يستخدموهم في معاركهم من أجل تحقيق أهدافهم ومصالحهم؟، أم أن الأمور ستستمر على ما هي عليه، ونستمر وقوداً لحروب الأمريكان والغرب في سبيل مصالحهم وأهدافهم ، والخاسر الوحيد فيها بشرياً ومادياً، هو نحن العرب والمسلمين، نخسر ذاتنا ونخسر أوطاننا، ونحقد ونتخاصم ونستعدي بعضنا البعض.

التعليقات