31/10/2010 - 11:02

نابلس اقتحامات.. القدس استيطان..غزة حصار رغم التهدئة../ راسم عبيدات

نابلس اقتحامات.. القدس استيطان..غزة حصار رغم التهدئة../ راسم عبيدات
..على ضوء هذا العنوان وما تقوم به إسرائيل من ممارسات يومية لا تقوض ما يسمى بعملية السلام، بل تثبت وبما لا يضع مجالاً لا لشك ولا تأويل، بأن خيار المفاوضات المارثونية والعبثية أثبت فشله وعدم جدواه وهو لن يقود إلى أية نتائج جدية، بل الاستمرار فيه ومواصلته بهذه الطريقة النهج المذلين، يشكل غطاء فلسطينيا لإسرائيل لمواصلة أعمالها وعدوانها على الشعب الفلسطيني.

فنابلس"المحررة" ورغم الإشراف المباشر من قبل"دايتون" وتعهداته للسلطة بعدم قيام إسرائيل باقتحامها، إلا أننا رأينا كيف أقدمت إسرائيل على اقتحام ومحاصرة نابلس أكثر من مرة، واغتيال واعتقال العديد من المناضلين فيها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أقدمت إسرائيل مؤخراً على اقتحام المدينة وأغلقت العديد من مؤسساتها وجمعياتها الخيرية ومؤسساتها التجارية، وصادرت العديد من ممتلكاتها وأموالها، تحت حجج وذرائع علاقتها بحماس والمقاومة.

وهذه العقلية والعنجهية التي تتصرف بها إسرائيل، تؤكد بشكل قاطع أن ما يجري فلسطينياً من حالة انقسام وخلافات داخلية بين قطبي السياسة الفلسطيني (فتح وحماس)، هو خلاف على وهم سلطة غير موجودة على أرض الواقع، وكل شيء فيها مستباح بشر وحجر وشجر، ونحن نواصل احترابنا وخلافتنا والقدح والتحريض والمزايدة على بعضنا البعض في كل شيء.

والرد على مثل هذه الجرائم والممارسات الإسرائيلية،من المفروض أن يأتي من مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية، والتي وصلت حد قيام المستوطنين بإطلاق صواريخ على البلدات والقرى الفلسطينية في نابلس، وليس التهديد بخرق التهدئة في القطاع دون ووفق إستراتيجية مقاومة جدية، بل كردات فعل ومزايدات فصائلية، وكأن الضفة الغربية أرض محررة، لا وجود عسكري إسرائيلي ولا استيطاني فيها.

وما يجري في نابلس ليست بعيدة عنه باقي مدن الوطن، بل إن عاصمة هذا الوطن مدينة القدس، ومنذ ما سمي بمؤتمر أنابولس للسلام، وحتى اللحظة الراهنة، تضاعف فيها الاستيطان عشر مرات، وكل يوم يجري الإعلان عن خطط وعطاءات لإقامة مستوطنات وأبنية استيطانية جديدة في مدينة القدس، ناهيك عن سلسلة طويلة من الممارسات القمعية والإذلالية، والمستهدفة تصفية الوجود العربي الفلسطيني في المدينة المقدسة، فلا يكاد يمر يوم دون أن تقوم جرافات وبلدوزرات الاحتلال بهدم منازل فلسطينية تحت حجج وذرائع البناء غير المرخص، أو حملات دهم ضريبية متعددة وشاملة، بل وصل الفلتان والتحريض على السكان المقدسيين العرب، وخاصة بعد العمليات التي نفذها أبو دهيم ودويات في قلب المدينة، حد سن وإصدار قوانين وتشريعات تشرع هدم منازل الشهداء وسحب حق المواطنة وبطاقة الهوية، وحرمانهم من الحقوق والمكتسبات الاجتماعية والصحية، وكذلك مصادرة والاستيلاء على ممتلكاتهم، وطردهم إلى مناطق السلطة.

وهناك، عدا عن حملة التحريض الرسمية عليهم، من دعا إلى شنق عائلات الشهداء من أمثال الحاخام المتطرف "الياهو شموئيل"، ورغم كل الذي يجري ويستهدف السكان المقدسيين، تواصل السلطة مفاوضاتها مع إسرائيل وكأن شيئا لم يحدث، بل وصل الأمر حد السخرية والعجب، ففي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة الإسرائيلية عن طرح عطاءات لإقامة أبنية استيطانية جديدة، يسارع رئيس السلطة ورئيس حكومته وطاقمه المفاوض لمواصلة اللقاءات والمفاوضات مع الإسرائيليين، في الوقت الذي سافر فيه إلى دمشق والتقى القيادة السورية، ولم يلتق قيادة حماس من أجل دفع مسألة الحوار الوطني الفلسطيني إلى الأمام، ووضع حد لحالة الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطينية، واكتفى بلقاءات روتينية مع باقي ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، والتي هي ليست طرفاً في المشكلة، وما يجري من تصعيد غير مسبوق ضد المقدسيين، يتطلب تحركا نوعيا وجديا من قبل السلطة وكل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وليس الاكتفاء بشعارات وبيانات وتصريحات الشجب والإدانة والاستنكار.

وإذا ما عرجنا من القدس إلى غزة، حيث ما زال الحصار سيد الموقف في القطاع، رغم الحديث عن التهدئة، التي رعتها وتوصلت إليها مصر بين إسرائيل وحماس، حيث خرقت ولم تلتزم إسرائيل بهذه التهدئة، فلم تقم بإدخال مستلزمات الحياة الأساسية من غذاء ودواء ومحروقات للقطاع، وأبقت على إغلاق المعابر، وكانت تستغل أي حادث مثل محاولات البعض خرق التهدئة، بإطلاق صاروخ هنا أو هناك، من أجل عدم تنفيذ الاتفاق والتحلل من التزاماتها.

والالتزام بالتهدئة يجب أن يأتي في إطار وسياق إجماع وطني عليها، وكذلك خرقها وعدم الالتزام بها، وبعيداً عن عبارات المماحكة والتي لا معنى لها، نحترم التهدئة ولا نلتزم بها، وساحات النضال مفتوحة لمن يريد أن يناضل أو يقاوم، ومع التأكيد على أن التهدئة تأتي في إطار مقاوم، وبالضرورة شمولها للضفة، فهذا لا يعني أن تتحول التهدئة إلى ساحة للمناكفات والمزايدات الفصائلية، والتهدئة إذا ما استمر الحصار ولم يرفع حينها، تصبح عديمة الجدوى والقيمة، وعلى الجميع أن يتقدم الميدان والصفوف، وفي سياق عمل مقاوم وجدي.

إن ما يجري على كل ساحات الوطن، والتي أخذنا نابلس والقدس وغزة، نماذج لما يقوم به الاحتلال من ممارسات واعتداءات فيها وعليها، يؤشر على أن المجتمع الإسرائيلي وليس أحزابه وحكومته، ليسوا ناضجين للسلام وغير معنيين به، وأنه آن الأوان لمغادرة نهج المفاوضات العبثية، والإعلان عن فشل ونهاية عملية السلام وفق النهج والآلية المعمول بهما، وكما يقول المأثور الشعبي"إكرام الميت دفنه"،والدفن يعني أن يترفع ويتخلي الجميع وتحديداً (فتح وحماس)، عن لغة الأنا والمصالح الخاصة والفئوية لصالح المصالح العليا والمشروع الوطني الفلسطيني، هذا المشروع والمصالح التي باتت تتعرض لمخاطر جدية، وتدفع بالمشروع الوطني الفلسطيني وحقوقه ومكتسباته، نحو التبدد والضياع والاندثار، وأنه مهما تصاعدت حدة الخلاف الداخلي، فإنه لا بديل عن إعادة اللحمة والوحدة لجناحي الوطن، وإنهاء حالة الشرذمة والانقسام المدمرتين، ورسم والاتفاق على رؤى وبرامج واستراتيجيات موحدة،على أسس واضحة، مرتكزها الأساسي وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني- وثيقة الأسرى، ووضع اتفاق القاهرة آذار / 2005 موضع التنفيذ من خلال الشروع الجدي في إعادة هيكلة وبناء مؤسسات ودوائر م- ت- ف على أسس ديمقراطية، وإجراء انتخابات فيها، وفق قواعد التمثيل النسبي، وبما يمكن من دب وإعادة الحياة إلى أوصال هذه المنظمة والتي تكلست وتيبست وشاخت الكثير من فروعها وأغصانها.

التعليقات