31/10/2010 - 11:02

نحو تحالف العودة في فلسطين 48 وأولوية توفير البنية لمشروع العودة../ أمير مخول

نحو تحالف العودة في فلسطين 48 وأولوية توفير البنية لمشروع العودة../ أمير مخول
تدخل نكبتنا نحن الشعب الفلسطيني عامها الستين، والحديث عن ستة عقود من النكبة المتواصلة وليس عن تاريخ وذكرى. وإن لم تكن النكبة هي بداية المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري في فلسطين، إلا أنها هي الحدث المؤسس لما تلاها. وهي التعبير الجوهري الأدق للمشروع الصهيوني.

والمحطة السنوية التي نبلغها مع انتصاف شهر ايار من كل عام هي للتنبيه والتذكير والتمعن بأن ما يجري في كل عام هو استمرار لذات النكبة ووجه اخر لها. فإسرائيل هي إسرائيل وليدة الجريمة الكبرى للمشروع الصهيوني ومواصلة له.

وفي المقابل فإن إبقاء النكبة على جدول أعمالنا وأعمال المجتمع الدولي هي نقيض للمشروع الصهيوني ولكل من ينظر الى التاريخ من باب توازن قوى مرحلي. فالقوة لا تقاس بآلة الحرب والهيمنة وحدها، بل إنه يكفي أحيانا أن المقموع والضحية لا يسلّم بسلب حقه وفي حالتنا لا يسلّم بأحقيته في وطنه وبيته، أو أن يورث اللاجئ صورة بيته ودفئه الى أولاده وبناته والأجيال التي تلامس بيتها العائلي وبيتنا الجماعي اللذين قامت اسرائيل على أنقاضهما بعد أن هدمتهما وسيطرت على المكان.

وهذا يفسر واقعا من التناقضات الفلسطينية التي يجب أن تشغلنا لأن فيها فرصة هامة جدا في تصور مستقبلي. والتناقض الصارخ على السطح في هذه الحالة، هو أنه كلما تعثر المشروع الوطني الفلسطيني وتعمقت أزمة القيادة المفقودة وفقدت السيادة والانهيار شبه التام لحركة التحرر الوطني الفلسطيني المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية م ت ف، فإن حق العودة للاجئين يصبح اكثر محورية عاما بعد عام. وغياب إحلال الشرعية الدولية والقانون الدولي يعيد حق العودة الى مركز العمل الفلسطيني، وتزداد سياسة تجزيء الشعب الفلسطيني حدة ومقابلها تتعاظم المطالب وتظهر الارادة بوحدة القضية الفلسطينية، ومع انهيار أسس حل الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل في الضفة والقطاع يعود الى جدول الاعمال مشروع حل الدولة الواحدة ليتعامل مع الغبن التاريخي وكل مركبات القضية الفلسطينية. كل هذا يحدث في أحلك "الليالي" الفلسطينية.

وفي هذا مؤشرات إلى أن المسألة لا تنحصر فقط في طبيعة الصراع وتوازن القوى ومركبات القضية الفلسطينية – أي مركبات الغبن التاريخي الذي يدفع الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ثمن اسقاطاته منذ عقود طويلة. فقد اثبتت مراحل المد النضالي الفلسطيني او العربي ان توازن القوى المطلوب هو ليس المساواة بالقوة بل ردعها وخلق وضع لا تستطيع ان تحقق إسرائيل أهدافها من خلال قوة آلتها العدوانية.

والاشارة هنا الى ان مسؤولية المشروع الوطني التحرري الفلسطيني تقع اولا وقبل كل شيء على الشعب الفلسطيني كله. ولذلك فالشعب الفلسطيني كله مستهدف ضمن مخطط واحد، هو المخطط الصهيوني الاسرائيلي الاستعماري العنصري المدعوم بشكل مطلق من الادارة الامريكية والذي يتمتع بتواطؤ أوروبي رسمي وحتى من أنظمة عربية معينة. وليس خفيا ان اسرائيل سعت وتسعى منذ العام 1948 ولغاية اليوم الى القضاء على بنية الشعب الفلسطيني كشعب من خلال تشتيته وتجزيئه وتجزيء اجزائه من أجل القضاء على مقومات مشروعه التحرري.

وان كان الحديث مرة عن ثلاثة اجزاء للشعب الفلسطيني – فلسطينيو ال48، الشتات والمناطق المحتلة عام 1967)، فاليوم وعلى أرض الواقع الضفة الغربية معزولة تماما عن قطاع غزة المحاصر، وكلاهما معزول عن القدس المحتلة، وميدانيا فإن شمال الضفة معزول عن جنوبها وتقطيع أوصالها بالحواجز وجدار الفصل العنصري الصهيوني كلها تستهدف المشروع الفلسطيني الوطني التحرري، وأن تضع الشعب الفلسطيني "يلهو" في هذه الخانة، بينما تطلق إسرائيل لذاتها العنان ان تبتز فلسطينيا وعربيا وعاليما اعترافا بها كدولة يهودية وليس فقط كدولة. وفي السياق ذاته تبتز أخلاقيا صفة الضحية التي تعاني من السلوك الفلسطيني وما تسميه العنف الفلسطيني أو الإرهاب الفلسطيني وبأنها دولة مسالمة، لتطلق وزيرة خارجيتها التصريحات انها تؤيد عودة لاجئين فلسطينيين لكن!! الى دولة فلسطين وليس الى إسرائيل، أي لتلك الدويلة مقطعة الاوصال على بعض أجزاء الضفة والقطاع وخارج القدس، عديمة السيادة والتي تشكل حماية امن اسرائيل هاجسها ووظيفتها الاساسية.

وان كانت بنية الشعب الفلسطيني للنضال التحرري هي المستهدفة وهي التي ضعفت في أعقاب مشروع أوسلو التجزيئي والذي أسقط اسرائيليا كونه بالامكان وفق المعادلة الاسرائيلية الأمريكية اختزال المزيد من حقوق الشعب الفلسطيني وتوفير ضمانات اثبت واكثر جوهرية لمشروع لإسرائيل، فان الهدف ونحن ندخل مع النكبة العام ال60 يجدر ان يكون توفير البنية الضرورية للشعب الفلسطيني كله أن يدافع عن حقوقه، وأن ينطلق من جديد لإحقاقها الممكن فقط بالنضال التحرري المتواصل ضمن مشروع قائم على تصحيح الغبن التاريخي. والقصد بالشعب الفلسطيني كله هو ان قضية اللاجئين والمهجرين هي قضيتنا جميعا كما ان الضفة والقطاع والقدس وفلسطين48 كلها قضيتنا الواحدة جميعا.

ومثل هذا المشروع لا تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية حمله، فهي محددة بسقف أوسلو وعديمة السيادة، بل إنه بحاجة إلى منظمة التحرير الفلسطينية كحاملة المشروع التحرري وكقيادة لكل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وهي أداة ذات سيادة منبثقة من الشعب الفلسطيني ونتاج نضاله. والشرط الاهم هنا هو تحرير منظمة التحرير من أسر السلطة الفلسطينية، والمعادلة ينبغي أن تخضع فعليا السلطة الى المنظمة وليس العكس. لكن مثل هذا الأمر لن يحدث من تلقاء نفسه. بل ان حركة الناس، والتحركات القاعدية المجتمعية الفلسطينية هي في صميم هذا المشروع، وتقاسم الهم الفلسطيني وإزالة الحدود القسرية بين المجموعات الفلسطينية وحدود عملها ووعي التجزيء هي أيضا في صميم هذا المشروع.

العام الستون من النكبة هو مناسبة لإعطاء زخم فلسطيني ودولي لجوهر القضية الفلسطينية، وفي مقدمة ذلك الغبن التاريخي وحق العودة للاجئين بمن فيها المهجرين. واذ اثبتت السنوات العشر الاخيرة انه ورغم ازمة القيادة الفلسطينية وازمة حركة التحرر الوطني العميقة جدا، إلا أن المبادرات الشعبية المتعلقة بالنضال من اجل حق العودة والتي انطلقت في الوطن والشتات وتتسع دائرتها وفعل تأثيرها بتسارع واستمرار - فلسطينيا ودوليا – هي مؤشر للطاقات الهائلة ضمن الشعب الفلسطيني والتي لا تنضب بتمسكه بثوابته وصيانة حقوقه وتحقيق أهداف مشروعه التحرري القائم على الحق الانساني الذي تملكه الناس ولا تتنازل عنه.

في العام الستين للنكبة نحن مطالبون كشعب بكل انشطته ومبادراته ومؤسساته، أن نعمل من أجل تثبيت حق العودة في ذهن الرأي العام العالمي، وهو تحد كبير لكن إضافة إلى طاقاتنا يوجد لنا حلفاء في كل بقاع العالم. والفعل الفلسطيني هو المحرك الأساس لأي تحرك دولي شعبي أم رسمي.

المطلوب أيضا من حركة العودة الفلسطينية أن تجد الجوهري في عملها، وان تنتظم ضمن تحالف فلسطيني واحد منسّق ومتناغم يستقطب كل ذوي الشأن من مؤسسات وافراد المعنيين بالاسهام في حمل مشروع العودة وهم الغالبية الساحقة ضمن شعبنا.

وفي فلسطين48 واذ تجري الاستعدادات لمؤتمر العودة الثالث والذي سيعقد في مدينة عكا أواخر حزيران، فان الهدف منه هذا العام هو بناء تحالف العودة في الداخل والذي سيشكل فضاء تتفاعل فيه كل المؤسسات السياسية والاهلية والمجتمعية والأوساط والأفراد المعنية بالإسهام في مشروع العودة.

ومثل هذا الائتلاف سيكون جزء من الائتلاف الفلسطيني الواسع لحق العودة وبدعم كل مناصري قضية شعبنا. وهو الإطار الذي يتوخى منه إطلاق الحملات من أجل حق العودة لتكون الأكثر تجذيرا للحق فلسطينيا والأكثر فاعلية فلسطينيا ودوليا. وهي أيضا أساس لتشكيل حركة شعبية واسعة ومنظمة تسهم بشكل جوهري في حمل مشروع العودة، وتساند الحلم الفلسطيني كي يصبح واقعا.

التعليقات