31/10/2010 - 11:02

هبة القدس والأقصى: التعويل على طاقات الجماهير النضالية../ حنين زعبي

-

هبة القدس والأقصى:  التعويل على طاقات الجماهير النضالية../ حنين زعبي

أجاب المواطنون الفلسطينيون على مشروع الدولة اليهودية في تخييرهم ما بين الهوية والمواطنة، بأنهم يرفضون عمليا هذا الخيار، وبأنهم يستحقون اثنيهما.

 

الخطاب الوطني الواضح على هذا السؤال -وضوح لا يخلو من محاولات سياسية للجم الجو النضالي الذي يرافق هذا الخطاب- صدم الدولة أولا، ومن ثم نقل هذا السؤال بشكل آخر إلى الساحة الإسرائيلية.

 

"صدمة" الدولة، تشير إلى قناعات مسبقة لديها بنجاح الأسرلة كموديل مغر أو مهيمن، ( وليس كتحد مستمر جاثم على نفوسنا)، مما يعني فشل أدواته، وأهمها مقايضة حقوقنا القومية الجماعية بخطاب ليبرالي – مفرغ حتى من الحقوق الليبرالية- كسياسة ترويض اتبعت منذ يوم الأرض إلى أكتوبر2000، .

 

الاستنتاج "الأخطر" بالنسبة للدولة، هو أننا استعملنا بعض أدوات الأسرلة المركزية: هامش الديمقراطية، لتعزيز مشروعنا القومي. إسرائيل ظنت أن هذا الهامش سيقوم بدور ابتزازي فنخاف أن نخسره، أو بدور إعجاب بإسرائيل وديمقراطيتها، أو بدور التمويه على مساحات أخرى من سياسات التمييز. المشروع القومي، أبطل هذا الدور للهامش الديمقراطي، واستعمله بطريقة شبه عكسية، في تعزيز قوتنا السياسية، في تعبئة الناس وفي تعميق وعينا الوطني القومي.    

   

عدم رضوخنا للخيار القسري ما بين "الهوية والمواطنة"، يجبر الدولة أن تختار هي ما بين "ديمقراطيتها" الزائفة، وما بين يهوديتها بشكل واضح. الدولة تقرأ أن تخليها عن هامش الديمقراطية، والإفصاح عن إرهابها، وعن التناقض ما بين "يهوديتها" و"ديمقراطيتها"، أقل خطورة من بقاء هذا الهامش الذي استخدم بـ"طريقة خاطئة".

 

وإذا كنا خسرنا طول الطريق جراء القدرة الإسرائيلية على إقناع نفسها والآخرين بإمكانية المصالحة ما بين يهوديتها وديمقراطيتها، فإن علينا الآن أن نكسب جراء الفضح السافر والمذهل للتناقض بينهما.

 

لكن، ولكي نفعل ذلك، علينا ألا نتعامل مع العنصرية في المؤسسة والشارع الإسرائيليين كسوط مسلط على رقابنا فقط، بل علينا أن نتعامل معها أيضا كدافع وكخطر يستوجب خلق جو نضالي يجند الشارع العربي وطاقاته، كما علينا أن نتعامل معها كـ"فرصة" لإقناع الرأي العام الدولي، برلمانيين ومنظمات دولية بأن ما يحصل الآن هو نتاج محاولة فرض "الدولة اليهودية" ممارسة وولاءات، وأن "الدولة اليهودية" ليست شعارا، وليست شأنا داخليا لإسرائيل، لأنها تشكل خطرا قوميا وفرديا ووجوديا ضد المواطنين العرب.    

 

لكي يحصل ذلك، لكي نجند الشارع العربي وطاقاته لمواجهة العنصرية الإسرائيلية، علينا الانتباه إلى محاولات سياسية تحاول الرد على موجة العنصرية هذه بعكس المطلوب، أي بمحاولة لجم جو نضالي يمكن إنتاجه واستثمار طاقاته.

 

وفي هذا السياق تستحضرنا التصريحات المتكررة من قبل بعض القيادات بأن الشارع "غير حاضر" وغير جاهز للنضال. فـ"الشارع" لن "يحضر" ولن "يجهز" إلا بإرادة وقرار القيادية السياسية، وما القول إن "الشارع "غير حاضر" إلا اللغة التمويهية لحقيقة أن "إرادة بعض القيادات السياسية غير حاضرة، وأنها تريد خفض الجهوزية أو عدم استغلال الغضب لحالة نضالية عامة وحاضرة".

 

لماذا غياب القرار هذا والمترجم بعدة تصريحات وسلوكيات؟ هل هو نتيجة قناعات أيديولوجية لدى البعض، أم هو نتيجة عقلية منافسة حزبية ضيقة تفيد بأن الجو النضالي يخدم التجمع أكثر من غيره، أم بسبب من اثنيهما معا؟ 

ما زال هناك تحد مطروحا أمامنا، وهو استحضار إرادة النضال والتحدي لدى القيادات العربية أولا. تحد ينطلق من الإيمان بقوة الجماهير، وقدرتها على النضال واستعدادها له، إرادة مفادها أنه لا يمكن مواجهة هذه المرحلة إلا بصوت متحد واضح وقوي، وبنشاطات نضالية جماعية، هذا يقوي موقفنا أمام إسرائيل، وأمام المتضامنين معنا في العالم، وكل محاولة لمواجهة العنصرية الحالية بخفض الصوت، أو بالتسويق لردود حزبية متهادنة، أو بمواجهة الجماهير بأننا "مسؤولون" و"عقلانيون" بينما غيرنا ليس كذلك، هو انسجام تام مع جو التخويف الذي تهدف العنصرية إنتاجه، وليس مواجهة له.


التعليقات