31/10/2010 - 11:02

يوم الأرض../ حنين زعبي

يوم الأرض../ حنين زعبي
تجمع الأرض بين النضال القومي السياسي الجماعي بطبيعته، والذي لا يخاض سوى كجزء من نضال عام من جهة، وبين الهم الفردي اليومي للناس من جهة أخرى. مصادرة الأرض وهدم البيت، هما ضربة مباشرة لما يعد شرطا لوجودنا وتطورنا وتواصلنا القومي من جهة، ولوجودنا الفردي من جهة أخرى. وليس أسهل من استثماره في تعزيز وعينا الجماعي.

بالتالي، من الأسهل نسبيا استثمار المعركة على الأرض في النقب مثلا، لبلورة وعي جماعي، عابر للعشائر والقبائل، من استثمار أي حالة أو مشاعر أو مقومات أخرى. ورأينا هذا في مؤتمر النقب الأخير الذي أقرته لجنة المتابعة –رغم عدم جماهيريته – وفي المهرجان الحاشد في يوم الأرض والذي ضم الآلاف.

وعلى الأرض تدور المعركة الأساسية بيننا وبين الدولة. وهي معركة لا نخوضها كمواطنين، ولا نخوضها بصفة المواطنة، نحن لا نملك الأرض كمواطنين، بل نحن فقدنا أرضنا لأننا تحولنا لمواطنين، بالتالي لا يكون استرجاعها "لكوننا مواطنين" بل لكوننا أصحابها قبل المواطنة. وهي المعركة الوحيدة التي نكاد لا نستعمل بها مصطلح المساواة.

الصراع على الأرض هو الصراع النشط الوحيد المفتوح عمليا بيننا وبين الدولة على حقوق فقدناها بسبب المواطنة، أما الصراعات الأخرى والتي تعتمد على مكانتنا وحقوقنا التاريخية، فهي صراعات غير نشطة على مستوى علاقتنا المطلبية مع الدولة، بل هي أيديولوجية، موجودة في مستوى صياغة الوعي وبلورة الذاكرة وبناء الذات، دون ترجمة ذلك لمطالب عينية أو لبرامج عمل مطلبية.

بالتالي يعتبر النضال على الأرض رأسمال قوة سياسية من الدرجة الأولى، وهي رسالة يوم الأرض، وبهذا النفس فقط يكون إحياء ذكرى يوم الأرض، ليس بنفس إحياء ذكرى القوة التي عبرت عن نفسها في يوم الأرض 76، على شكل حنين لأطلال لم تعد تطال، بل بممارسة هذه القوة عمليا في يوم الأرض 2010. الوفاء ليوم الأرض يكون بالوفاء لروح التحدي الذي ميز يوم الأرض، وبإعادة إنتاج استعداد الشعب للإضراب وبإعادة وفاء القيادة السياسية لهذا النفس الشعبي.

بهذا المعنى نحن لم نكن أوفياء ليوم الأرض، لقد قمنا بإحياء الذكرى دون الوفاء للتحدي الذي يجسد هو وليس غيره يوم الأرض. وقد قال البعض ممن كان على رأس رفض الإضراب في لجنة المتابعة "أننا الآن أقوى من ال76، وخطابنا أوضح، وثقتنا بنفسنا أعلى". فإذا كنا الآن أقوى، وإذا ما زالت إسرائيل تستهدف ليس فقط ما بقي، بل ما سبق وصادرت من الأرض، فلماذا إذا ترفض هذه القوى الإضراب العام كرسالة سياسية شعبية ووطنية واضحة؟ الإضراب ليس هدفا، لكن هل يعني هذا الإستغناء عنه كوسيلة؟

لقد طالب التجمع في اجتماع لجنة المتابعة الأول بعد يوم الأرض 2009 أن تعتبر اللجنة قرار رفض الإضراب 2009 خطأ، وقلنا تكفي حكومة ليبرمانية لإعلان الإضراب العام. والآن بعد سنة من أخطر السنوات استهدافا للأرض العربية، بها سنت إسرائيل أخطر قانون يستهدف الأراضي العربية، ما بقي منها، وما سبق وصودر، وبه تحاول الدولة أن تسد طريق استرجاع أراضينا وأراضي اللاجئين، وبعد محاولات فرض توصيات لجنة جولدبرغ وبها يتنازل الفلسطينيون في النقب طوعا عن أراضيهم، أيكون للوفاء ليوم الأرض، شكلا آخر غير إعلان نفس الخطوات التي أعلنت يوم الأرض 76؟ قانون "إصلاح دائرة أراضي إسرائيل" وحده كفيل بإعلان الإضراب العام.

وإذا كنا نفتخر ونزهو بأننا أعلنا تحدي وإضراب عام 76، أليس علينا الخجل الآن لأننا رفضنا الإعلان عن الإضراب العام في وقت "نحن فيه أقوى" ؟


نحن نملك اليوم وعياً سياسياً وتنظيماً سياسياً أكثر نضجاً وتطوراً وجرأة وقومية، وحكومة نتانياهو تبدو وكأنها تحاول إحكام المشروع الصهيوني في تهويد الأرض، بالذات في القدس وداخل ال 48. التهويد بكافة مستوياته العملية والرمزية، بالإضافة إلى انتزاع اعتراف الآخرين بكل ما هود ويهود.

بالتالي مسؤوليتا الأخلاقية تجاه شهداء يوم الأرض، تجاه يوم الأرض وتجاه أنفسنا، ألا ندع نفس التحدي في يوم الأرض 76 أن يتراجع، قد يكبو، لكن عليه ألا يتراجع.

التعليقات